“أخبار سيداو إيه؟!” (1)

محرر الرأي10 مارس 2019آخر تحديث :
"أخبار سيداو إيه؟!" (1)

“أخبار سيداو إيه؟!” (1)

بقلم : محمد جوهر حامد

اتفاقية سيداو (القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) ، والتي صدقت مصر عليها بتاريخ 18 سبتمبر 1981، ونُشِرَت بالجريدة الرسمية في العدد رقم 51 ، وهي معاهدة دولية بمثابة وثيقة لضمان حقوق النساء، وقع اعتمادها في ديسمبر 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.

دستور الدول تشريع بشري ، قابل للإضافة والحذف والتعديل بل حتى الإلغاء ، والدستور المصري مثله مثل أي دستور لأية دولة ينطبق عليه ما ينطبق على باقي دساتير الدول ، فهو ليس تشريعا سماويا ، وإنما اجتهاد من العقل البشري القابل للصواب والخطأ.

اقرأ/ي أيضا: فى ثورة 19 خرج الشعب من أجل مصر وليس من أجل سعد

الضوء مسلط هذه الفترة على التعديلات الدستورية التي تقدم بها خُمس أعضاء مجلس النواب ، ويزداد الضوء تسلطا على المواد الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية ، ويخفت على باقي المواد المقدمة في التعديل الدستوري ، فالكل يتحدث عن المادتين 140 ، 226 والخاصة بمدة رئيس الجمهورية ، ويهمل الجميع باقي مواد التعديلات الدستورية التي تقدم بها السادة النواب.

الواقع أن هناك اخطر من تلك المواد المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية بكثير تم إضافتها للتعديلات الدستورية في غفلة من العوام ، وبعض المثقفين ، والعالمين ببواطن الأمور.. حتى معظم من تقدموا بطلب التعديل لا يدركون ماهية تلك التعديلات التي تقدموا بها إلى مجلس النواب.

الجدل الحالي والظاهر على السطح هل التعديلات الخاصة بالرئاسة تنطبق على الرئيس الحالي لأنه تم انتخابه على أساس المواد الحالية بصيغتها الحالية؟!.. هل الغرض الرئيسي لتلك التعديلات هي المواد الخاصة برئيس الجمهورية ، أم أن هناك أغراض أخرى من تلك التعديلات ؟!..

اقرأ/ي أيضا: محاكم التفتيش الحديثة

حديث البعض عن تلك التعديلات ما هو إلا لعب بالدستور وبمواده ، وان الغرض الأساسي استغلال  مواد رئاسة الجمهورية كطُعمُ محلى ودولي لحشر مواد أخرى إلى جوارها لتمريرها.

فالتعديلات الدستورية التي تقدم بها بعض النواب لتعديل بعض المواد في الدستور المصري الحالي ماهى إلا بداية لتغيير الأيدلوجية المصرية ، ولعب بمستقبل المصرين سواء إن كانوا مع التعديل أو ضد التعديل.

سنتناول أولى التعديلات وهى المادة 140 فقرة أولى: (ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين).

ما الفرق بينها وبين نفس المادة في الدستور إلا في مدة الدورة الرئاسية ، فهي تحمل نفس الصياغة تماما ، وهى مادة فوق دستورية غير قابلة للتعديل فكيف تعدل مادة فوق دستورية غير قابلة للتعديل سواء بالإضافة إليها أو بالحذف منها، وإذا كان لابد وان تعدل تلك المادة ، كان من باب أولي أن تكون الصياغة كالتالي : (مادة 140 فقرة أولى : ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية ، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه ، ولمدد أخري) … كالتعديل السابق الذي حدث في عصر ولاية الرئيس الراحل أنور السادات ، وينتهي الأمر عند ذلك.

اقرأ/ي أيضا: خفايا الحملة الصليببية لترامب

وأضاف السادة النواب المنادون بالتعديلات الدستورية فقرة أخرى ( مادة انتقالية : يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية إعادة ترشحه على النحو الوارد بالمادة 140 المعدلة من الدستور) ، في تلك المادة الانتقالية كيف يترشح الرئيس مرة ثالثه والمادة 140 تمنعه من الترشيح ، وتم انتخابه على أُسس مواد دستورية ، فلا يمكن أن تسري مادة دستورية على مادة فوق دستورية.

لتسري تلك المادة الانتقالية لابد أن تكون صياغتها كالتالي : ( مادة انتقالية : لضمان استقرار البلاد وضمان الحريات يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية إعادة ترشحه على النحو الوارد بالمادة 140 المعدلة من الدستور على ألا تسري هذه المادة بعد انتخاب الرئيس الحالي لولاية جديدة وتعد كأن لم تكن ولا يجوز تعديلها).

في جميع الأحوال وفى كل التعديلات سيتم الاصطدام بالمادة 226 والتي تحظر التعديل في المواد الخاصة بانتخابات الرئاسة حيث تنص الفقرة الخامسة من المادة 226 على أنه (في جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات).

اقرأ/ي أيضا: حقائق الهيمنة الاستعمارية

وإذا تم تخطى المادة 226 بأي شكل من الأشكال يأتي دور المادة 157 التي تنص على : ( لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك فيما لا يخالف أحكام الدستور. وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من مسألة، وجب التصويت على كل واحدة منها ) ، تكبل تلك المادة أية دعوة لتعديل المواد الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية ، فإذا تمت الموافقة على التعديلات لابد من طرحها للاستفتاء عليها ، ولكي يتم الاستفتاء عليها لابد من دعوه من رئيس الجمهورية للاستفتاء ، ودعوة رئيس الجمهورية هنا مخالفة لمواد الدستور الذي أقسم الجميع على احترامه واحترام مواده.

كيف سيتم حل تلك المعضلات الدستورية ؟!.. الحل يكمن ويبدأ من المادة 226 بتعديلها أو الاستفتاء على إلغائها، وتعديل المادة 157 .. أو إلغاء تلك التعديلات التي ستدخلنا في متاهات المعضلات الدستورية والتي ستضعنا على المحك المحلى والدولي.

في المقال القادم سنتناول باقي التعديلات الدستورية التي تقدم بها بعض النواب وعلاقتها باتفاقية سيداو والطُعم المزدوج.

اقرأ/ي أيضا: ألف فضيحة جنسية .. الفاتيكان من الخصيان ل الشذوذ

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة