الغرور بين الهند وباكستان قد يصعّد إلى مستوى الأسلحة النووية

أشرف السعدني4 مارس 2019آخر تحديث :
 الغرور بين الهند وباكستان قد يصعّد إلى مستوى الأسلحة النووية

 الغرور بين الهند وباكستان قد يصعّد إلى مستوى الأسلحة النووية

هل تتوقف الأزمة عند حدّ؟ هل أرضى الطرفان غرورهما؟ لا يبدو أن أيًا منهما يلتزم جديًا بأي خطة لعب مرسومة.

هل سنشهد مزيد من التصعيد بين الجارتين اللتين تملكان أسلحة نووية؟ هل سيتمّ استخدام السلاح النووي؟

كيف يمكن وقف فِرق الدبابات الهندية المتقدمة عبر الصحراء الحدودية المستوية جنوبي كشمير الجبلية حيث تجري الشتباكات؟
العزة الوطنية والشرف قد يكونان من المتغيرات الدقيقة، لاسيما عندما يفتقدان المنطق.

 

بقلم: سايمون هندرسون
بعد تصادم القوات الجوية الباكستانية وتلك الهندية، وأعلنت كل من إسلام أباد ونيودلهي انتصارها. وكان أربعون عنصرًا من القوات شبه العسكرية الهندية قد لقوا حتفهم في تفجير انتحاري يوم 14 شباط/فبراير في كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية.
وربما تكون القوات الجوية الهندية دمرت قاعدةً إرهابية ومعسكرًا تدريبيًا في باكستان في ردٍ انتقامي في 26 شباط/فبراير.
فهل سنشهد المزيد من التصعيد بين الدولتين المجاورتين اللتين تملكان أسلحة نووية؟ هذا ممكن. هل سيتمّ استخدام هذا السلاح النووي؟ يؤسفني أن أقول إن الأمر ممكن أيضًا.

النووي بين السادية الأميركية والماسوكية الإيرانية

أهلًا بكم في جنوب آسيا، حيث لعبت الجيوش المتناحرة لسنوات حربًا نووية لا تشبه كثيرًا هرمجدون – أي الحرب لإنهاء الحروب – إنما تمرين في التبجح والعزة الوطنية وإذلال الطرف الآخر.

فقد اختبرت الهند للمرة الأولى “جهازًا نوويًا سلميًا” عام 1974. واختبرت حكومة قومية هندوسية جهازًا آخر عام 1998، ما حث ّباكستان على اختبار جهازين في الأسابيع التالية. (لا تصدقوا الأرقام الأكبر المبالغ فيها التي جرى تناقلها حول عدد الاختبارات. فهي تحتمل هامشًا كبيرًا من المناورة كما هي الحال الآن).

 

المحتويات

فضائح جنسية لرموز اسرائيل

فقد كان من الأجدى لو حصر الجيشان الهندي والباكستاني قوتهما التنافسية في مسرح العبث المخصص لخفض العلم الوطني في نهاية اليوم عند معبر واغا الحدودي، عندما تنافس الجنود الأخصام الذين تمّ اختيارهم بحسب طولهم وصلابتهم العسكرية للتفوق على بعضهم البعض.

ومن شأن أي حرب نووية ولو كانت محدودة بين الخصمين أن تؤدي إلى سقوط ما بين 10 ملايين و100 مليون ضحية، ومعظمهم من المدنيين، في مدن مقاطعة بنجاب التي تمتد على الحدود. ويأتي التفاوت في الأرقام نتيجة متغير حسابي يرتبط بالارتفاع الذي يتمّ عنده تفجير القنابل النووية.

صحفية اسرائيلية تهاجم الجيش الاسرائيلى وتصفه بالمحتل على الهواء
ويشير الرقم الأصغر إلى تفجير على ارتفاع عالٍ في الجو. أما إذا كان على الأرض أو قريبًا منها، فيتسبب الانفجار بتطاير كمية كبيرة من الغبار في الجو، ما يعني أنه رغم أنك قد لا يموت المرء على الفور جراء الانفجار، ستكون المواد المتساقطة المشعة الناجمة ستكون كفيلة بقتله خلال الأسابيع التالية.

ويتمثل خوف الجيش الباكستاني في أن نظيره الهندي يتمتع بميزة قوية لجهة العديد والعتاد، لذا قد يشن هجومًا تقليديًا وفق عقيدة “التشغيل على البارد” يسمح له بالاستيلاء بسرعة على مدينة لاهور الباكستانية والفوز فعليًا بحرب من دون استخدام الأسلحة النووية.

اقرأ/ي أيضا: فضيحة جنسية أم تصفية حسابات مع مالك واشنطن بوست

ونتيجةً لذلك، وبعدما طوّرت الهند، أقلّه بشكل أولي، أسلحةً نووية استراتيجية مصممة لتطال كافة الأراضي الباكستانية، انتقل الجيش الباكستاني إلى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية لوقف أي مغامرة تنطلق من عقيدة “التشغيل على البارد” فورًا.
لكن إلى أي مدى سيكون من السهل وقف فِرق الدبابات الهندية المتقدمة عبر الصحراء في المنطقة الحدودية المستوية جنوبي منطقة كشمير الجبلية حيث تجري الأحداث الراهنة؟
قد يبدو وكأنه لدي أصدقاء غريبي الأطوار، لكنني أعرف أشخاصًا “أجروا حسابات” حول هذه المسألة. والإجابة هي أن صدّ أي هجوم هندي سيتطلب أكثر من 20 سلاحًا نوويًا باكستانيًا.

اقرأ/ي أيضا: نجحت القرود الطائفية في السيطرة على سوريا ولكن ماذا عن التيوس؟

والاعتقاد السائد هو، أو كان حتمًا، أن الأسلحة النووية تُحدث توازنًا للرعب بين الخصمين. وكان يمكن تطبيق هذا المنطق في أيام الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، لكنه لم يعد ينطبق الآن – أقلّه بين الهند وباكستان.
وخلف الكواليس، من شبه المؤكد أن المسؤولين في واشنطن ولندن وباريس وبرلين وربما دول أخرى، يحاولون التخفيف من حدة أزمة كشمير الأخيرة. وعلى مرّ السنوات، عُقدت الكثير من اجتماعات المسار الثاني المنظمة بعناية بين أعضاء بارزين متقاعدين في الجيشين المتخاصمين، مصممةً للتوصل إلى تفاهم متبادل وإحباط أزمات محتملة.

اقرأ/ي أيضا: عدنان الأسد جاسوسا لإسرائيل.. كيف أخفى “قصر حافظ” الفضيحة؟

وتُعتبر عناصر السيناريو الناتج واضحة. فقد أنكرت باكستان أي صلة لها بالهجوم الإرهابي الأساسي. وبعدها كانت هناك هدنة قسرية إذ إن باكستان أولًا وتلتها الهند كانتا محطتين في الزيارات المخططة مسبقًا التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لتقوم الهند أخيرًا بشن هجمات جوية انتقامية، زعمت باكستان أنها دمرت مناطق حرجية مليئة بالتلال فقط.
ولكن هل تتوقف الأزمة عند هذا الحدّ؟ هل أرضى الطرفان غرورهما؟ فلا يبدو أن أيًا منهما يلتزم التزامًا جديًا بأي خطة لعب مرسومة.

اقرأ عن صناعة الخوازيق في مقال: “برج العرب” فضائح ومشاهد وأسرار ورموز خفية

في هذا السياق، قال جنرال باكستاني متقاعد إن عَلم بلاده سوف يُغرَس في العاصمة الهندية نيودلهي. بدوره، ذكر مسؤول آخر أن باكستان ستنتقم في المكان والزمان اللذين تختارهما بنفسها.
في الواقع، لا يبشّر هذا بالخير. والافتراض العملي السائد هو أن الجيش الباكستاني، الذي يعمل بشكل مستقل ولا يخضع عادةً لأي إدارة مدنية في إسلام أباد، كان من أطلق شرارة الأزمة.

لكي لا تختلط الامور نرجو ان تقرأ:تعريف الطائفية والزعماء الطائفيين

ومن المحفزات المحتملة لخطوته هذه هو القلق حيال محادثات السلام في أفغانستان التي يعتقد الباكستانيون عادةً أنها تصب في مصلحة الهند الاستراتيجية.
وتجدر الملاحظة أن باكستان كانت من تسبب بالأزمة الحدودية الكبيرة الأخيرة التي اندلعت في مرتفعات كارجيل عام 1999، ظنًا منها أن الهند لن تصعّدها إلى حرب نووية.

اقرأ/ي أيضا: محاكم التفتيش الحديثة
لكن باكستان استخفّت كثيرًا بعزيمة الهند. ورغم أنها تصدّت للهجمات الجوية الهندية بواسطة الصواريخ المضادة للطائرات التي قدمتها إليها كوريا الشمالية كهدية على وجه السرعة، إلا أن المدفعية الهندية دمرتها في نهاية المطاف. ولم تعترف باكستان علنًا قط بالعدد الحقيقي للضحايا الذين سقطوا.
بالأمس، كان رئيس الوزراء عمران خان يترأس اجتماعًا مع السلطات التي تراقب ترسانة باكستان النووية لكنه طرح في الوقت نفسه احتمال إجراء محادثات مع الهند للتخفيف من حدة التوترات.

أخيرًا، إن العزة الوطنية والشرف قد يكونان من المتغيرات الدقيقة، لاسيما عندما يفتقدان المنطق.

اقرأ ايضا: من الذي باع أراضي فلسطين لليهود ؟ سمسار اسرائيلي يؤرخ ويروي الأسماء

* سايمون هندرسون هو مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة بمعهد واشنطن ومتخصص بشؤون الطاقة ودول الخليج.
المصدر: “ذي هيل” – ترجمة معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، الذراع البحثي للوبي الإسرائيلي بواشنطن.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة