مصر وعودة روسيا إلى أفريقيا

محرر الرأي18 فبراير 2019آخر تحديث :
مصر وعودة روسيا إلى إفريقيا

مصر وعودة روسيا إلى أفريقيا

  • أفريقيا منطقة «واعدة استثمارياً» ويتوقع أن يصل ناتجها المحلي الإجمالي تريليوني دولار عام 2050.
  • مصر محور ارتكاز لانطلاق الاستثمارات والمنتجات الروسية إلى الأسواق العربية والأفريقية، مستفيدة من إعفاءات جمركية.
  • اتفاقية مصرية روسية لإنشاء منطقة صناعية روسية بقناة السويس، على مساحة 5,25 كيلومترات وباستثمار 6.9 مليارات دولار.

 

بقلم: عدنان كريمة

 

في سياق الخلاف السياسي والصراع الاقتصادي بين موسكو وواشنطن، تشهد العلاقات الدولية حالياً تطورات ينتظر أن تساهم في إحداث تغييرات «جيوسياسية» مرتقبة، في ضوء نتائج تداعيات ثورات «الربيع العربي»، بما فيها الثورة السورية وما نتج عنها من تقاطع مصالح، إقليمياً ودولياً.

وكذلك الثورة المصرية بمرحلتيها الأولى والثانية، مع الأخذ بالاعتبار أهمية سيطرة روسيا السياسية والعسكرية لسنوات طويلة قادمة، والتوسع في استثماراتها في منطقة الشرق الأوسط، وهي الأغنى في العالم، لتقوية نفوذها وضمان مصالحها، تمهيداً للعب دور مستقبلي مؤثر وفاعل في مسيرة الاقتصاد العالمي الجديد.

اقرأ/ي أيضا: محاكم التفتيش الحديثة

في 31 يناير الماضي، نشرت الجريدة الرسمية المصرية، قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي رقم 420 لسنة 2018، بالموافقة على اتفاقية بين حكومتي مصر وروسيا بشأن إنشاء وتشغيل المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس، على مساحة 5,25 كيلومترات مربعة، وباستثمار 6,9 مليار دولار.

وتنفذ على ثلاث مراحل، خلال 13 سنة، بدءاً من العام الحالي، وبتمويل من الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، وعدد من البنوك المصرية.

ويعد هذا الإنجاز من أهم «ثمار» التعاون بين القاهرة وموسكو، ونتيجة جهود أكثر من أربع سنوات ونصف السنة، بناء لاقتراح من الرئيس السيسي خلال زيارته لمدينة سوتشي في أغسطس 2014، وهو يمثل نقلة نوعية في مستوى العلاقات الإستراتيجية.

اقرأ/ي أيضا: عدنان الأسد جاسوسا لإسرائيل.. كيف أخفى “قصر حافظ” الفضيحة؟

ويجعل من مصر محور ارتكاز لانطلاق المنتجات الروسية إلى الأسواق العربية والأفريقية، مستفيدة من إعفاءات جمركية كونها من منشأ مصري، ويوفر للشركات المستثمرة نافذة تطل على ساحل المتوسط، وتعد واجهة عالمية للتبادل التجاري المباشر.

إضافة إلى هذا المشروع الذي أخذ طريقه نحو التنفيذ، هناك مشروع آخر، يأتي في إطار الاستثمار «الاستراتيجي» الذي تركز عليه روسيا لضمان مصالحها ونفوذها في المنطقة، ويتضمن محطة للطاقة النووية في الضبعة، والذي تم إطلاقه في ديسمبر2017، وحدد البدء في بنائه عام 2020.

وتبلغ تكلفته 29 مليار دولار، يمول الجانب الروسي منها 25 مليار دولار، على شكل قرض بفائدة سنوية 3 في المئة، مقابل نحو 4 مليارات، مساهمة الجانب المصري.

اقرأ/ي أيضا:  سبب خيانة أسماء الأسد الاخرس لزوجها “رئيس المافيا الحاكمة في سوريا”

وكذلك هناك عدة مشاريع للنفط والغاز، منها مساهمة شركة «روس نفط» بنسبة 30 في المئة من حقل الغاز «ظهر»، الذي يعد الأكبر في البحر المتوسط وتقدر احتياطاته بنحو 850 مليار متر مكعب.

وهكذا، مع التوسع في الاستثمارات المالية والصناعية والاقتصادية، وكذلك الاتفاقات العسكرية، بين القاهرة وموسكو، تستعيد روسيا لحظات التعاون الاستراتيجي الذي سجله الاتحاد السوفييتي في المنطقة منذ حوالي 60 سنة مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي اتجه شرقاً بعد ما خذلته واشنطن في التسليح وبناء السد العالي في الخمسينات.

غير أن هذا التعاون لم يستمر طويلاً عندما أقدم الرئيس الراحل أنور السادات على طرد السوفييت عام 1973، بعدما اعتبر أن كل أوراق اللعبة في واشنطن، والتي استمرت نحو 40 سنة.

اقرأ/ي أيضا: حقيقة الكيان الصهيونى وفكره العنصرى

واليوم التاريخ يعيد نفسه، حيث تشهد مصر حالياً استعادة موسكو علاقاتها المميزة معها، والتي تفتح لها الأبواب على مصراعيها لاستثمار نفوذها في المنطقة، وإعادة توطيد علاقاتها مجدداً بالقارة الأفريقية، والتي سبق أن تراجعت كثيراً منذ تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991.

ورغم محدودية قدرتها المالية لتكرار نجاح تجربة الاتحاد السوفييتي سابقاً، فإن موسكو تعتمد «دبلوماسية الطاقة الاستراتيجية» وقوتها الناعمة، في مساعي العودة، على أمل أن تتلاقى مع مساعي حثيثة للأفارقة في البحث عن شركاء استراتيجيين جدد.
وذلك في ظل تغيرات ديناميكية جيوسياسية مرتقبة، خصوصاً أن أفريقيا منطقة «واعدة استثمارياً» ويتوقع تنامي قدراتها ليصل ناتجها المحلي الإجمالي إلى تريليوني دولار عام 2050.

* عدنان كريمة كاتب وناشر صحفي اقتصادي لبناني
المصدر: الاتحاد – أبوظبي

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة