يا حكام العرب أنقذوا الخليج قبل فوات الأوان

محرر الرأي14 مايو 2019آخر تحديث :
مسؤول عسكري إيراني يحذر الخليج من الموت عطشا

يا حكام العرب أنقذوا الخليج قبل فوات الأوان

  • تحشيد عسكري مخيف والكرة بملعب حكام الخليج.. فهل يترفعون عن الخلافات الواهية والأحقاد والحسد لإنقاذ أمة من الدمار؟
  • هل يضيع قادة الخليج لحظة تاريخية مع إيران للتفاوض معها في ظل هذه الأجواء التي قد تحقق هدف إحلال السلام الدائم؟
  • إذا كانت أمريكا تطلب التفاوض مع إيران أليس عرب الخليج أولى وأقرب للتفاوض معهم لتجنيب المنطقة خطر الانزلاق إلى حرب لاتبقي ولا تذر.

* * *

من بقي من حكام العرب الذين أوجه دعوتي إليهم لإنقاذ الخليج العربي من الضياع، القيادة العربية لم تعد بحجم بلادها ومكانتها فلا أمل في قادتها ولا رجاء، سورية الحبيبة قادتها تحت النفوذ الروسي الإيراني، ولم يعد الأمر لها حتى في إدارة المرور في شوارع المدن السورية الشمالية والجنوبية.

ليبيا تتنازعها قوى البغي المدعوم من الخارج فهي بدون قيادة مؤثرة، الجزائر في دائرة القلق، السودان تيه سياسي بلا قيادة، واليمن أعانه الله على أموره وهمومه له قيادة أسيرة لا حول لها ولا قوة.

العراق تعتصره الطائفية وقوى الحقد الثأرية، دول الأطراف مأزومة لأزمة العرب جميعا، فمن بقي يستجيب لدعوتي؟ إنهم قادة الخليج العربي.
من هنا نشاهد تحشيداً عسكرياً أمريكياً في الخليج العربي يشبه التحشيد عام 2003، حاملات الطائرات وما يتبعها من بوارج حربية وصاروخية وقوات بحرية متعددة، طائرات حربية ذات الحمل الثقيل، قاذفات قنابل ضخمة متوحشة من طراز ب52، قواعد صاروخية منثورة على رمال الخليج العربي.

وفي منحنيات كثبانه (الباتريوت)، وبواخر عسكرية تحمل صواريخ توما هوك وكروز، قواعد عسكرية أمريكية وبريطانية وفرنسية في المنطقة مستنفرة، حرب كلامية ذات نغمات عالية متبادلة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، والحرب أولها كلام ثم تشتعل الجبهات والخاسر الأكبر في هذه الأجواء المشحونة بنذر الحرب هم نحن أهل الخليج العربي.

* * *

منذ أن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل عامين وما انفك يهدد دول الخليج وخاصة السعودية بالقول ” ادفعوا مقابل حمايتكم من الانقراض “، “لو لم تكن حمايتنا لكم لما بقيتم أسبوع في كراسيكم (.. )”.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا من سيتحمل تكلفة هذا الحشد العسكري الرهيب ؟

طبقا لما يقوله الرئيس الأمريكي ادفعوا مقابل الحماية، فان دول الخليج ــ وخاصة السعودية والإمارات ــ هي المطالبة بهذه الحشود الحربية لمواجهة إيران وهي التي تتحمل التكاليف المالية والمعنوية والسيادية. الكل في واشنطن وفي طهران يقول إنه لا يريد الحرب ولكن يقولون إذا تعرضت مصالح أمريكا أو حلفائها في المنطقة فان الرد الأمريكي سيكون ماحقا.

رصاصة طائشة تطلق في اتجاه أي هدف أمريكي قد تكون الشرارة التي تفجر المنطقة.

أنصار الحرب على إيران في المنطقة تقودهم إسرائيل وقد تقدم على عمل ما ليبرر اشتعال الحرب، والرابح إسرائيل في كل هذا ” العبث بخليجنا العربي “.

* * *

أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية الأحد الماضي أن عدد أربع سفن تجارية من جنسيات مختلفة تعرضت لعمليات تخريب في المياه الاقتصادية الإماراتية قرب إمارة الفجيرة؛ وعلى بعد 115 كلم من السواحل الإيرانية (وكالة أنباء الإمارات)، رغم الجدل حول هذا الشأن في الإمارات، لم يأت هذا الإعلان من فراغ وخاصة في ظروف التحشيد العسكري في المنطقة، السلطات السعودية أعلنت الأحد أيضا أنها تمكنت من القضاء على خلية إرهابية في المنطقة الشرقية ـ القطيف ـ وتتهم بعض العناصر في المنطقة الشرقية من السعودية أنهم اتباع إيران بحكم المذهب ولا شك أن الثقة منعدمة بين هذه الفئة من الشعب والنظام السياسي في الدولة السعودية.

وزير خارجية أمريكا بومبيو زار العراق زيارة مفاجئة في الأسبوع الماضي استمرت فقط أربع ساعات. أعلن انه سيزور موسكو مطلع الأسبوع القادم وقد اكتمل جمع التحشيد في الخليج، ألا تنبئ تلك التحركات بخطر داهم على المنطقة؟

السؤال هل يُقدم أحمق؛ أيا كان منصبه، بأن يحدث أمرا ما فيكون بذلك سبب لاشتعال المنطقة؟ هل تقدم دولة الإمارات في ظل هذا التحشيد بدافع وطني لتستعيد الجزر الثلاث الإماراتية المحتلة من قبل إيران منذ عام 1971 تحت الحماية الأمريكية وبذلك تكون حققت هدفا هاما لم تستطع تحقيقه منذ احتلال إيران لتلك الجزر عام 1971.

* * *

الحكام الذين أوجه لهم الدعوة لإنقاذ الخليج العربي قبل فوات الأوان هم وحدهم حكام الخليج. لكي يتمكنوا من إنقاذ أنفسهم وسلطانهم وإنقاذ الاقليم من الدمار فلا بد من دعوة إلى اجتماع طارئ لحكام الخليج يعقد في الكويت أو سلطنة عمان.

يكون جدول أعمالهم اجراء مصالحة حقيقية بين القادة ورفع الحصار عن قطر، وتكوين جبهة داخلية مترابطة بين مكونات مجلس التعاون الخليجي، وإنهاء حرب اليمن لصالح الشرعية وضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي ـ تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية مع تركيا.

أما الجانب الإيراني رغم خلافنا معه لكن لا يحول ذلك الخلاف بيننا وبينهم أن لا نتفاوض ونصل إلى حلول تضمن سيادتنا واستقلالنا وعدم تدخل أحدنا في شئون الآخر الداخلية والخارجية.

هذه أمريكا يا حكامنا تطلب التفاوض مع جارنا الإيراني، ألسنا نحن عرب الخليج أولى وأقرب للتفاوض معهم وهم على يقين ينشدون التفاوض والحوار معنا لتجنيب المنطقة خطر الانزلاق إلى حرب لاتبقي ولا تذر.

إن الكاتب يدعو قادة الخليج ألا تضيع هذه اللحظة التاريخية من أيديهم فإيران تقع في ضائقة سياسية واقتصادية وأمنية نتيجة للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها والتفاوض معها في ظل هذه الأجواء قد نحقق الهدف الأكبر وهو إحلال السلام الدائم بين أمتين تاريخيتين متجاورتين في منطقة من أهم مناطق العالم اقتصاديا واستراتيجيا. فهل أنتم فاعلون؟

آخر القول: تحشيد عسكري مخيف، والكرة في ملعب حكام الخليج، فهل تترفعون عن خلافاتكم الواهية وتتسامون فوق الأحقاد والغيرة والحسد من أجل إنقاذ أمة من الدمار؟

أرجو من الله ذلك.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر
المصدر | الشرق – الدوحة

موضوعات تهمك:

الفجيرة وحاجة الإمارات إلى استحداث وزارة الشفافية

صدّق أو لا تصدّق.. لكنها أجواء حرب!

العقوبات على إيران: الأفق والتوقعات

حوار في الدوحة عن الحال العربي

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة