ما الذي يخيف “إسرائيل” من مواجهة إيران في العراق؟

محرر الرأي16 يناير 2019آخر تحديث :
مواجهة إيران في العراق

ما الذي يخيف “إسرائيل” من مواجهة إيران في العراق؟

 

  • هامش المناورة المتاح أمام إسرائيل، في كل ما يتعلق بالعمل عسكريا ضد إيران في العراق محدود للغاية.
  • بيئة العراق السياسية تقلص هامش العمل أمام تل أبيب وتنزع الشرعية الدولية عن أي عمل عسكري هناك.
  • بينما حسّن الوجود العسكري الروسي بسوريا قدرة إسرائيل على العمل هناك، فالوجود العسكري الأمريكي بالعراق يؤدي تحديدا للعكس.
  • لم يصدر عن واشنطن أي انتقاد للوجود الإيراني بالعراق فطهران وواشنطن تشاركان في الحرب على “داعش”.
  • المتطلبات العسكرية والاستخبارية للعمل في العراق أكثر تعقيدا من تلك التي تمكن إسرائيل بالعمل بشكل مريح في سوريا.

 

بقلم: صالح النعامي

في ظل إدراكها محدودية خياراتها في مواجهة هذا الواقع، تبدي إسرائيل قلقا متزايدا من المؤشرات التي تدلل على أن طابع الأنشطة العسكرية التي تقوم بها إيران في العراق تهدف إلى تحسين مكانتها في أية مواجهة واسعة محتملة معها وتوسيع منظومة خياراتها الجيوستراتيجية، بحيث تتعدد الساحات التي بإمكان طهران مفاجأة تل أبيب إنطلاقا منها.

ورغم أنه سبق لإسرائيل أن أبدت اهتماما بطابع الوجود العسكري الإيراني في العراق، إلا أن التحذيرات التي أطلقها تامير هايمان، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” تكتسب أهمية خاصة.

وحسب هايمان، الذي تحدث في المؤتمر السنوي الذي تنظمه صحيفة “كالكيليست” الاقتصادية، فإن هناك ما يؤشر على أن إيران في ذروة جهود لبناء قوتها العسكرية في العراق، بحيث تتمكن من استخدام وجودها المسلح هناك في مهاجمة إسرائيل، ضمن مواجهة شاملة.

وزعم هايمان أن ما يعزز من قدرة إيران على العمل بحرية في العراق حقيقة أن هذه البلاد واقعة تحت تأثير متعاظم لقوات الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني.

 

اقرأ/ي أيضا: الاقتصاد الإيراني.. رهان خاسر!

وبلهجة لا تخلو من الانتقاد للسياسات الأمريكية بوصفها توفر بيئة تسمح للإيرانيين بالعمل، قال الجنرال الإسرائيلي إن السياسة “الانعزالية” التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب، والتي تمثل آخر صورها في قراره سحب القوات الأمريكية من سوريا، تشجع إيران ليس فقط على التمركز عسكريا في العراق، بل يغريها بعدم التردد في مهاجمة إسرائيل انطلاقا من هناك.

ويرى هايمان أن الانسحاب الأمريكي من سوريا واستقرار نظام الأسد يزيدان من خطورة الوجود العسكري في العراق، على اعتبار أن هذين التطورين يسمحان لطهران وحزب الله والمليشيات الشيعية بتعزيز وجودها هناك، بما قد يسمح لإيران بهامش حرية أكبر في التعاطي عسكريا مع إسرائيل.

وإلى جانب تحذيرات هايمان، فقد سبق أن عمدت إسرائيل قبل ثلاثة أشهر إلى تسريب تقديرات بأنها لا تستبعد أن تبادر لشن هجمات ضد الوجود الإيراني العسكري في العراق.

لا سيما بعد أن زعمت أن إيران سلمت مليشيات شيعية هناك صواريخ ذات دقة عالية، تم نصبها في مناطق من العراق، ويمكن أن تستخدم ضد تل أبيب.

 

اقرأ/ي أيضا: انفجارات قادمة في العالم العربي

لكن رغم تحذيرات هايمن، وما سبقها من تهديدات، فإن هامش المناورة المتاح أمام إسرائيل، في كل ما يتعلق بالعمل عسكريا ضد إيران في العراق محدود للغاية.

فبخلاف ما عليه الأمور في سوريا، فإن البيئة السياسية في العراق، تقلص هامش المناورة أمام تل أبيب وتنزع الشرعية الدولية عن أي عمل عسكري يمكن أن تنفذه هناك.

إذ إنه، بخلاف نظام بشار الأسد، فإن المجتمع الدولي ليس فقط يعترف بالحكومة المركزية في بغداد، بل أنه معني بشكل واضح بإنجاحها ولن يسمح لسلوك تل أبيب العسكري أن يؤثر على استقرارها.

ونظرا للعلاقة الوثيقة بين إيران والأحزاب والحركات الشيعية العراقية، التي تشارك في حكومة عادل عبد المهدي، فإن السلوك العسكري الإسرائيلي سيواجه برد عراقي رسمي، على الصعد الداخلية والإقليمية والدولية.

وتبدو المفارقة أكبر عندما يتبين أنه في الوقت الذي سمح الوجود العسكري الروسي في سوريا بتحسين قدرة إسرائيل على العمل هناك، فإن الوجود العسكري الأمريكي في العراق يفضي تحديدا إلى نتائج عكسية.

تعي إسرائيل أن الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لها، ليست معنية فقط باستقرار نظام الحكم والأوضاع السياسية في بغداد، على اعتبار أن هذا مؤشر على نجاح السياسات الأمريكية في المنطقة.

 

اقرأ/ي أيضا: لا التطرف ولا الفساد يضعفان شعبية نتنياهو.. لماذا؟

بل إن صناع القرار في تل أبيب يدركون أيضا أن إدارة ترامب لا يمكنها أن تسمح بأية عمليات عسكرية في العراق لأنها ستفضي إلى تهديد أمن وسلامة الجنود الأمريكيين العاملين هناك.

ولا شك أن الأمريكيين يفترضون أن المليشيات الشيعية ذات النفوذ الكبير في العراق قد ترد على الهجمات الإسرائيلية باستهداف القواعد الأمريكية هناك.

وبخلاف سوريا، فالولايات المتحدة لا تبدو مستعدة لسحب قواتها من العراق، حيث تعهد خلال زيارته الأخيرة لقاعدة “عين الأسد” هناك، بعد الانسحاب من هناك؛ وهو ما يفرض على إسرائيل مراعاة هذا الواقع.

في الوقت ذاته، فرغم الإسناد الأمريكي للموقف الإسرائيلي من التواجد العسكري الإيراني في سوريا، فإنه لم يصدر عن واشنطن أي انتقاد للوجود الإيراني في العراق، حيث إن كلا من طهران وواشنطن تشاركان في الحرب على على تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش).

ومن الواضح أن ترامب غير معني بأي تحول يفضي إلى التدليل على عدم صدقية إعلانه بتحقيق الانتصار على “داعش”، حيث يرجح أن الأمريكيين يفترضون أن المس بحماس العراقيين لمواصلة العمل لضمان عدم عودة التنظيم، سيمثل ضربة قوية لخطاب ترامب.

من ناحية ثانية، فإن المتطلبات العسكرية والاستخبارية للعمل في العراق أكثر تعقيدا من تلك التي تمكن إسرائيل بالعمل بشكل مريح في سوريا.

المصدر: السبيل – عمان

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة