ليست “مسألة” فردية ألبتة.. مسألة تغييب الخاشقجي

نوال السباعي11 أكتوبر 2018آخر تحديث :
مسألة تغييب الخاشقجي

“مسـألة” اختفاء الخاشقجي، لا تعتبر مسألة فرد واحد ليست بذات أهمية، كما يكتب الناس في الفيسبوك والتويتر -ممن لاينتمون إلى أسراب الهوام الالكترونية-.

مسألة اختفاء الخاشقجي، مسألة مزلزلة في واقع المنطقة، وفي ميزان العلاقات الدولية ، سيكون لها مابعدها في “وضع” السعودية الإقليمي، والدولي، بالغ الخطورة أصلاً، كدولة وكشعب، فضلاً عن كشف كل الأوراق الإعلامية المتهافتة لدويلات من ورق، لاتعرف كيف تحفظ ماء وجهها، ولا خط العودة، ولا احترام عقول متابعي إعلامها القميء.

كشفت أول ماكشفت هذه المسألة، تآكل منسأة نظام الطوائف العربي الذي يسيطر على المنطقة العربية، والذي وصل حداً من التسوس، وهو قاب قوسين أو أدنى من الانهيار العام.

ارتكاب السلطات السعودية مثل هذا “العمل” في سفارة دولة ثالثة ، هو اختراقٌ غبي وقح غير مسبوق لطبيعة الأعراف الدولية والتعامل بين الدول ، وامتهان للسيادة التركية بشكل فاضح.

ناهيك عن الموقف التركي بالغ الحرج ، والذي يضع الحكومة التركية في مأزق حقيقي خطير، نسبة للأزمات التي تعانيها اليوم داخلياً وخارجياً، وسط تداعي العالم كله عليها، لأسباب داخلية وخارجية، يضع تركيا على المحك بين رحى عدة طواحين، ليس أثقلها “الأسئلة الأخلاقية”، و “فك طوق الحصار الأممي”، و”الخروج من عنق الزجاجة السورية التي امتلأت بالدم والتعقيدات الشائكة”، و”تفكيك شبكة العداوات العربية والغربية من حولها” ، و”التنسيق الأمني الكامل مع الولايات المتحدة، بعد التورط بالتنسيق العام العسكري الاستراتيجي مع روسيا”!

كذلك.. صراعات الديكة الإعلامية الخليجية ، وتصفيتها لحساباتها المعلقة فيما بينها عبر ركوب هذه الموجة، دويلات طوائف تتبع هذه الدولة الكبرى أو تلك، تنهش بعضها بعضاً ، في واحد من أقسى المشاهد المعاصرة وقعاً على مواطني هذه المنطقة المنكوبة بمجموعة هذه العصابات العميلة التي تحكمها، في زمن ثورة وزلازل.

مسألة اختفاء الخاشقجي، ليست مسألة بسيطة ألبتة، ولا تتعلق بقضية صحفي واحد فقط، فلقد كان من “عظام رقبة” أحد أعتى الأنظمة المستبدة المتخلفة في منطقتنا، رجل يمتلك من المعلومات كنزاً يجعل أكثر من جهة ترغب في إسكاته، على الرغم من “معارضته” اللاحقة الناعمة ،والتي كان يلجأ فيها إلى ما يتقنه كثير من أبواق النظام السعودي، من التمكن من الأدوات الديبلوماسية في الحوار، ومادعوتُه: “المعارضة مع أعلى درجات الرفق بالحيوان”!

مسألة الخاشقجي، ليست ألبتة مسألة منفكة عما يجري في سورية، وتركيا، والسعودية، والعلاقات المريعة التي تجمع هذه الأطراف الثلاثة، ضمن منظومة استعمارية دولية تهافتت إلى المنطقة بقضها وقضيضها.

كشفت مسألة الخاشقجي فيما كشفت، تبعية كل هذه الأنظمة للولايات المتحدة، بنسب مختلفة، وانبطاح بعضها تحت أقدام الإدارة الأمريكية ، لا تستطيع الانفكاك عن رغباتها أو أوامرها العليا، وعرّت كل العورات ، التي كان يراها ويتقزز منها الجميع، ولكنها قد عرّتها هذه المرة بشكل ، لم يعد بإمكانها ولا بإمكان أحد أن يسترها، لا بورقة توت، ولا بجناح صرصور هالك. ماكان لهذه القضية أن تصبح مسألة دولية، لولا الغباء منقطع النظير الذي تعاملت به قوى الأمن السعودية، والوقاحة التي تمنح أصحابها جرأة الإقدام على الجريمة، دون أن تنظر إلى أبعد من شهوتها سفك الدماء.. مما جعل مصير الرجل ، عملة للمقايضة السياسية والاقتصادية، دون أن يلتفت أحد إلى كونها مسألة إنسانية، بصرف النظر عن كل ملابسات الجريمة والعقاب!

مسألة تغييب الخاشقجي .. ليست “مسألة” فردية ألبتة، مقال نشرته الأستاذة نوال السباعي على صفحتها الفيسبوكية.
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة