مجزرة المسجدين.. الغرب وتحدي الإرهاب اليميني

محرر الرأي18 مارس 2019آخر تحديث :
مجزرة المسجدين .. الغرب وتحدي الإرهاب اليميني

مجزرة المسجدين.. الغرب وتحدي الإرهاب اليميني

  • الصور الحية المباشرة بخلفية أناشيد عنصرية لا تلبث أن تمتزج بطلقات الرصاص وصراخ الضحايا!
  • تشكّل المذبحة حدثاً يتجاوز “مشهدية” احتراق بُرجَي نيويورك، فهذه اختطفت الشاشات أما مجزرة المسجدين فغزت الهواتف.
  • مذبحة بشعة وحقد أعمى، شرٌّ وكراهية وإرهاب، نتاج فكر سرطاني متطرف، عنف لا معنى له، مناخ سامٌّ وخطاب غربي مسموم.
  • رؤية الجريمة لها وجهَان: واحد يستفزّ الإرهابيين المصنّفين، وآخر يُلهم المتطرفين الكامنين.

بقلم: عبد الوهاب بدرخان

مقزّز ووحشي وصادم، لا يمكن وصفه إلا بأنه عمل إرهابي، مذبحة بشعة وحقد أعمى، نتاج فكر متطرف يتفشى كالسرطان، شرٌّ وكراهية، عمل آثم من أعمال الكراهية، عنف لا معنى له، مناخ سامٌّ وخطاب غربي مسموم.

من الكرملين إلى البيت الأبيض، من البابا فرنسيس إلى رجب طيب أردوغان، ومن الأمين العام لحلف الأطلسي إلى شيخ الأزهر، توالت الإدانات صبيحة الجمعة لمجزرة المسجدين في إحدى مدن نيوزيلندا..

اقرأ/ي أيضا: خفايا المجزرة الطائفية في نيوزيلندا هل هو حادث أم هجوم أم مجزرة؟

بين قول رئيسة الوزراء هناك، إن مثل هؤلاء المجرمين «ليسوا منّا ولا يمثّلون قيَمنا»، و«لا مكان لهم في نيوزيلندا ولا في العالم بأسره»، وبين تنبيه العديد من الأصوات إلى تصاعد «اليمين المتطرف العنيف» ومخاطر انتشار «الإسلاموفوبيا»، كانت الصدمة شديدة، لأن الواقعة واضحة.. رجل أبيض اقتحم مسجداً لقتل مسلمين، متباهياً وغائصاً في تاريخ «صدام الحضارات» لتسويغ جريمته.

جريمة يشهدها العالم على «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، كما لو أنها واحدة من ألعاب «بلاي ستيشن»، وتسارع الحكومات وشركات التواصل إلى إزالتها من الشبكات، لكن من دون جدوى وبعد فوات الأوان!

اقرأ/ي أيضا: اجرام طائفي صيني و اجبار المسلمات على الزواج قهرا من وثنيين

قال السياسيون إن «إرهاباً يولّد إرهاباً»، واعتبر الاجتماعيون أن لرؤية الجريمة وجهَين: واحد يستفزّ الإرهابيين المصنّفين، وآخر يُلهم المتطرفين الكامنين.

واستخلص خبراء «الميديا» أن الصور الحية المباشرة على خلفية أناشيد صربية عنصرية لا تلبث أن تمتزج بطلقات الرصاص وصراخ الضحايا، تشكّل حدثاً يتجاوز مشهدية احتراق برجَي نيويورك، فهذه اختطفت الشاشات أما مجزرة المسجدين فغزت الهواتف.

اقرأ/ي أيضا: تعريف الطائفية والزعماء الطائفيين

لكن الواقع يبقى أكثر إقلاقاً، إذ لم يعُد في إمكان حكومات الغرب أن تتجاهل ظاهرة استشراء العنف العنصري، فهي كانت -ولا تزال- تقول إن كل التدابير الاحترازية لمكافحة «الإرهاب الإسلامي» لا يمكنها استباق عمل فردي، وإن خطر «الذئاب المنفردة» قد يعادل، وقد يفوق خطر الخلايا الناشطة أو النائمة.

إلا أنها بعدما استطاعت تحجيم مخاطر عمليات «الجهاديين» إلى الحد الأدنى، تواجه تحدياً لم تكن تجهله مع تعدد هجمات «إرهاب اليمين المتطرف»، وباتت مضطرة لمضاعفة الإجراءات الاستباقية تحسباً لهذا الخطر المتصاعد، خصوصاً أن مصدره داخلي.

لم تتأخر التحليلات في المقارنة بين تطرفين متشابهين بأصولهما، وفي التذكير بأن «الإسلامي» حديث العهد، أما «اليميني المتطرف» فكان قائماً منذ عقود، بل ذهبت إلى أن كلاً منهما يبرّر وجود الآخر.

اعرف اكثر: خفايا الحملة الصليببية لترامب

ورغم أن كل ما قيل عن ارتباط صعود ظاهرة القومية الشعبوية بالأزمة الاقتصادية وتدفق اللاجئين والمهاجرين والخوف على الهوية الدينية كان صحيحاً، فإنه بدا سطحياً وتبسيطياً بعد مجزرة المسجدين.

إذ تكشّف أن ثمة أدلجة تعرّض لها منفّذ الجريمة ومن معه، بدليل التواريخ والشعارات التي كتبها على أسلحته، والرسالة التي نشرها وضمّنها إشارات إلى كتّاب قدامى كان يُظن أنهم منسيّون، وكتّاب محدثين تأثر بهم، وتعداداً لسياسيين يكرههم، وآخرين يستحسنهم، بينهم قريبون من الرئيس الأميركي الذي استنكر الجريمة، متجاهلاً أن ضحاياها مسلمون قُتلوا في وقت الصلاة.

اقرأ/ي أيضا: المحنة المنسية.. 30 قانونا ترغم المسلمين الإيغور على الردة

كان من الطبيعي أن تفتح وسائل الإعلام الغربية ملف صعود اليمين المتطرف، وأن ترسم خريطة انتشاره، فالمجزرة شكّلت جرس إنذار لأجهزة الأمن، بأن الواقعة مرشّحة للتكرار.

إذ بات المتطرفون مترابطين بأدبيات ومرجعيات فكرية واحدة، تركّز على التهديد الوجودي الذي يتعرّض له الغرب المسيحي، في ذلك كثير مما يتلاقى مع مرجعيات التنظيمات التي تدافع عن الإسلام من خطر وجودي يتهدّده.

* عبد الوهاب بدرخان كاتب وصحفي لبناني
المصدر: العرب – الدوحة

المزيد:

محاكم التفتيش الحديثة

هل زيارة البابا للإمارات هي استمرار لأساسيات وسياسات الحروب الصليبية الغربية

فضيحة دينية الراهبات جواري في كنيسة الفاتيكان

“برج العرب” فضائح ومشاهد وأسرار ورموز خفية

سلمان العودة في محاكم التفتيش السعودية وبابا الفاتيكان يتمختر في جزيرة العرب

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة