ماهية وجوهر لاهوت العنصرية الإسرائيلية (3)

أحمد عزت سليم25 سبتمبر 2018آخر تحديث :
ماهية وجوهر لاهوت العنصرية الإسرائيلية

(المقال السابع من سلسلة مقالات وعددها 8 مقالات، للمفكر في الشؤون اليهودية والصهيونية، أحمد عزت سليم، في نقده لقانون “القومية اليهودي”، لمطالعة ما سبق: المقال الأول والثاني والثالث والرابع، والخامس، والسادس).

إن هذا الثبات التلفيقى هو الذى يتحرك على امتداد الزمن والمساحة الجغرافية والكونية نافية بذلك طبيعة الحركة الإنسانية والكونية من امتداد وتفاعل وتواصل أوانفكاك وصراع، باطنى وظاهرى، وأن الثبات مؤقت وعابر ونسبى ، وأن الحركة مطلقة لا يحدها حد ولا يوقفها عامل ، ولكنها مع الزعم اليهودى تجرى بإرادته وتنطلق منها ، فقد أوقف يوشع الشمس والقمر، وأصبحت اللحظة اليهودية كما يتوهم حقيقة سرمدية قد خلق من أجلها الأجنبي(الأغيار) على هيئة إنسان ليخدم أنبياؤها، أفراد القبيلة الذهبية ، حيث لا تقبل هذه الحقيقة المزعومة إلا من شعبها المختار فقط، أى من القلة وليس المجموع ولا من الكثرة (الأغيار) كما هو متعارف عليه ، بل وعلى هذه الكثرة التسليم والانخضاع لهذه الحقيقة العنصرية الإلهية لحلول الإله فيها بذاته وفى أفرادها فى اتساق ووحدة داخلية ثابتة تبدو وهمياً وظاهرياً كذلك، فى حين تجمع فى باطنها كل تناقضات الواقع وتناقضات عناصره الميتافيزيقية بما تثيره من مزاعم مفترضة لا مبرهنة، وبما تثيره من عنصرية مقيتة تقوم على النص الدينى بمستوياته المتراكمة والمتنوعة باعتباره قومية خالصة تجمع بين العنصر واللون والنوع والعقيدة والأصل والوطن والأصل الاجتماعى، فتنهض كل هذه العوامل شاخصة فى وحدانية ذاتها، فالأسود اليهودى حلت فيه روح الإله بينما الأسود من الأغيار انخلق من الروح النجسة لخدمته ، وهكذا تسير للأمور مع كل العناصر السابقة، وكما يوضح الحاخام راشى: أنه من العدل أن يقتل اليهودى الأجنبي لأنه عندما يسفك دماء هذا الأجنبي فإنه يقرب قرباناً إلى الإله ، وإذا لم يقتل الأجنبي فإنه يخالف الطبيعة.

هكذا يصبح اللون والعنصر والنوع (ذكراً وأنثى) والعقيدة والأصل والوطن والأصل الاجتماعى تحت سيف الإله اليهودى الذى حل فى شعبه المقدس الذى اختاره لنفسه إلهاً ، ويصير مصيرهم عبر الزمن محكوم عليه فى نهايته بالحكم الدموى ، فالوجود من أجل الوجود اليهودى النهائى المسيانى لهذه الجماعة المزعومة كجماعة فريدة مقدسة سوف تسود العالم عند نهايته .
هكذا يتم إرجاع العينى الملموس إلى الماورائى الذى ترجع إليه العلة والبرهان ويرجع إليه الكمال والتمام ، وإلا فالحكم الدموى هو مصير الأغيار المحتوم ، لأنهم يسيرون نحو النقصان بينما اليهودى هو الإنسان الكامل التام الذى يتأكد تمامه ليس بنقصان الآخر فحسب ولكن بفضيلة التخلص منه وإيداعه نهايته الحتمية وصولاً إلى حتمية حكمه المسيانى ، ولذا تسير حرية الأغيار وحركتهم منذ قيامها إلى نهايتها إلى قدرها المحتوم بوصول اليهودى إلى النهاية التى يحكم فيها العالم ، فرب الجنود يطرد “هؤلاء الشعوب من أمامك ويدفع ملوكهم إلى يدك لتمحو اسمهم من تحت السماء … ويبيدهم ويذلهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعاً كما كلمك الرب”.

ويقول الحاخام جيتسبرج : إن قتل اليهود لغير اليهود لا يعتبر جريمة تبعاً للديانة اليهودية ، وأن قتل العرب الأبرياء بغرض الانتقام يعتبر فضيلة يهودية (1) كما أعلن الحاخام يوسف عن أن اليهود لديهم واجب دينى يتمثل فى طرد جميع المسيحيين من دولة إسرائيل ” ( 2 ) وجاء فى التلمود الجحيم أوسع من النعيم ستين مرة لأن الذين لا يغسلون سوى أيديهم وأرجلهم كالمسلمين والذين لا يختتنون كالمسيحيين الذين يحركون أصابعهم ( يفعلون إشارة الصليب) يبقون هناك خالدين ” ( 3 ) وذكر فى التلمود أنه ” إذا مات أحد الجدود مثلاً تخرج روحه وتشغل أجسام نسله حديثى الولادة … وأن هذا التناسخ قد فعله الرب رحمة باليهود لأنه أراد أن يكون لكل يهودى نصيب فى الحياة الابدية. ( 4 ) ، ويعتقد اليهودى ما سطره لهم حاخاماتهم من أن اليهودى جزء من الرب كما أن الابن جزء من أبيه وأنه لو لم يخلق اليهود لانعدمت البركة فى الأرض ، ولما خلقت الأمطار والشمس ، ولما أمكن باقى المخلوقات أن تعيش ( 5 ).

صيرورة العالم ـ إذن ـ من صيرورة اليهودى وهذه الصيرورة المزعومة قد صارت من قبل الوجود مطلقاً لا تتأثر بأية أحداث على الأرض مهما كانت فهى ثابتة راسخة لا تتغير ولا تتحول ولا تتبدل، مستقلة لا ترتهن بالآخر، خالية من أية تناقضات متفردة- عنصرية ، تدرك ذاتها بذاتها الإلهية وتدرك نفسها المتعالية بإدراك تدنى الآخر الملعون المدنس ” حيث نطفة غير اليهودى هى كنطفة باقى الحيوانات “( 6 )، وذلك فى مقابل نطفة اليهودى المقدسة التى تؤدى إلى ذات اليهودى المقدسة المنبعثة منها الأفعال المقدسة كمصدر أولي وإلهي لها مهما كانت دموية، فكما قال الحاخام أرئيل وهو يرثى على حد زعمه -الشهيد المقدس باروخ جولد شتاين الذى ارتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994- والذى أصبح بفعلته الإجرامية شفيع إسرائيل فى الفردوس ، وكما يرى أن اليهود يرثون الأرض ليس فقط من خلال معاهدة سلام ولكن فقط من خلال إراقة الدماء، وحياه الحاخام دوف ليور لأنه طهر اسم الإله المقدس ، وأن أرواح غير اليهود تأتى من الجانب المؤنث من الكرة الشيطانية، ولهذا السبب فإن أرواح غير اليهودى شر ، وليست خيراً، وخلقت دون علم إلهى” – يقصد بمعرفة الشيطان، كما أن قوة الفيض، تبارك اسمه شاء أن يكون هذا الشعب على هذه الأرض يجسد جوانب الفيض الإلهى الأربعة، وهذا الشعب هو الشعب اليهودى الذين اختيروا لكى يجمعوا معا العوالم الإلهية الأربعة هناك على الأرض ” ( 7 ).

لقد نقل الإله عن داود الخطيئة، وأمات الطفل الوليد وأطلقت القبالاة على الوليد الحية، كالحية التى يصارعها الإله، ومن ثم نقلت الخطيئة عن كل اليهود بقتل داود نتاج الخطيئة / الحية، وبالتالى فمهما كانت الممارسات التى يمارسها الشعب الكهنة أو كهنة مملكة الأنبياء ، داعرة أو فاسقة أو فاسدة أو شاذة أو منفضحة أخلاقياً أو تخريبية وإرهابية أو تمتهن كرامة الأغيار العبيد فهى فى نهايتها ونتائجها واجبة الحدوث والوجود كوجود اليهودى فى العالم، وكما فسر الحاخام اللوبوفيتشرى فى تفسيراته القبالية أن الخلق بأكمله ( لغير اليهود) يوجد فقط من أجل اليهود ولذلك كله فهذه الممارسات مبررة لوجوده ذاته حتى يتقدس ويعلو، فالروح اليهودية تنبع من القداسة ، والروح غير اليهودية تأتى من ثلاث دوائر شيطانية وأجسادها لا احترم لها وروح الجنين غير اليهودى تختلف عن روح الجنين اليهودى ( 8 ) كما وضح التلمود وبين، وقد خلق الرب ستمائة ألف روح يهودية كما جاء فيه لأن كل فقرة من التوراة لها ستمائة ألف تأويل وكل تأويل يختص بروح من هذه الأرواح، وفى كل يوم سبت تتجدد عند كل يهودى روح جديدة على روحه الأصلية وهى التى تعطيه الشهية الأكل والشرب ( 9 )، هكذا أرواح اليهود لها تجدد مقدس وديمومة مقدسة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة