ابن سلمان سيدفع.. هل يسعى ترامب لتصعيد نووي بالوكالة؟

عبد الرحمن خالد25 مارس 2018آخر تحديث :
كيف يسعى ترامب لصنع حرب نووية بالوكالة؟

عادةً ما يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حلفائه بحفاوة بالغة وهذا الأمر متبع مع كافة الحلفاء بحسب قوة ولائهم للنظام الأمريكي الجديد، حتى ولو كانوا أصحاب دول غير ذات ثقل، لكن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان لها طبيعة خاصة، وبرغم أن نظرة ترامب لدول الخليج وحكامها، لا تعدو أكثر منها نظرته لكنوز من الأموال النفطية، فترامب الشاب في ثمانينيات القرن الماضي يجلس قبالة المذيعة أوبرا وينفر، يحدثها عن حماية الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الدول والمقابل المفترض أن تتلقاه دولته نظير هذه الحماية يجلس الآن على عرش بلاده ينفذ ما يدور في رأسه حرفيًا، لكنه لا يسعى فقط إلى نيل ربع دخل المملكة العربية السعودية، بل إن منظوره أصبح أبعد الآن وعلى عمق أكبر. إلا أن الحفاوة أيضا تبلغ درجة مختلفة لأمير صاعد سينال ما لم ينله أمير سابق ولا ملك مع مرور الوقت، حيث تعد درجة الولاء التي يحملها بن سلمان لترامب لا منافس لها من بين دول الشرق الأوسط.

مفاخرة ترامب بـ 200 مليار دولار استطاع أن يأخذها من الأمير الشاب وولاة أمر بلاده، على هيئة صفقات سلاح ليست فقط دافع الحفاوة البالغة، حيث يرنو العجوز الأبيض لما قد يطاله مستقبلًا من الدولة النفطية الثرية حسب وصفه لها، ليقول أثناء إستعراضه صفقات قواعد صاروخية وطائرات حربية وصفقات سلاح آخرى، أن علاقة الولايات المتحدة بالمملكة السعودية، في أحسن حالاتها مشيرًا إلى تزايد أكبر في التحسن سيأتي مستقبلًا.

تهدئة مؤقتة

ترامب حل البيت الأبيض ضيفا مندفعًا لرسم سياسة خارجية أمريكية جديدة تختلف تمامًا عن تلك التي تبناها سابقه أوباما، الذي لم يتوقف ترامب يومًا عن نقده ونقد سياساته، يتحدث ترامب عن الإتفاق النووي الذي أبرمه أوباما ودول غربية مع إيران، يتحدث ويصعد دومًا، يعد بأن ينسف الإتفاق، يواصل ترامب التصعيد ضد كوريا الشمالية، ولا يرى حدًا للتصعيد إلا عند زرار سلاحه النووي، ربما يحتاج ترامب إلى الصين في التعامل مع كوريا الشمالية، لكنه لا يفكر في تخفيف حدة التوترات بينه وبين الدولة الأسيوية الكبيرة، فبين الحين والآخر يذكر الجميع بتوتراته معها عند البحر الجنوبي.

يشي ما سلف ذكره عن سعي أمريكي بقيادة ترامب، لحلول جذرية ربما يمكن تسميتها هكذا مع تلك الدول لغلق تلك الملفات بشكل يليق بوعود الإنتخابية أو رؤويته اليمنية لمشكلات واشنطن الخارجية، ربما في تلك اللحظة وبالتصعيد الأمريكي ضد الجميع  بشكل غير مسبوق نرى جميع الطرق مسدودةً إلى حلول تليق بما يفكر به ترامب، مما قد يكون دافع لترامب إلى الهدوء النسبي الذي وقف عنده في إجراءاته الأخيرة.

فعندما تجاوزت التهديدات الحد المسموح به مع كوريا الشمالية وبدأت مخاوف تثار من حرب نووية، يفتح ترامب طريقًا دبلوماسيًا ضيقًا يبدأ بدفع كوريا الجنوبية لفتح مسارات دبلوماسية من جديد مع جارتها الشمالية، ثم يقوم بتوسيع الطريق ليقول أن حوارًا بينه وبين الزعيم الكوري الشمالي ممكنًا، قبل أن يتحدث عن محادثات مباشرة مع الزعيم الكوري الشمالي، أما بشأن الصين فتهدأ حدة التوترات عند الحديث عن كوريا الشمالية، ليعيدها إلى مساراتها مجددًا بإبحار عسكري قرب جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، أما بشأن إيران فبعد إنتقادات لأوباما، ووعودا بنسف الإتفاق النووي، يرضخ ترامب قليلًا للواقع الذي وضع به ليجدد الإتفاق النووي في موعده مع شروط يقوم بوضعها ليكسب بعض الوقت حتى موعد التجديد القادم.

إزالة عقبات

بالنسبة لدوائر صنع القرار في واشنطن فالأمر به تجاذبات شديدة وتململ سيستطيع ترامب حسمه بدرجة كبيرة. فبرغم سعي مشرعين من الحزب الجمهوري والديموقراطي، لتمرير قوانين تتعلق بصلاحيات ترامب النووية، إلا أن الرئيس الأمريكي قارب على حسم سيطرته على العديد من دوائر صنع القرار.

فقبيل زيارة بن سلمان لواشنطن، أقال ترامب وزير خارجيته ريكس تيلرسون، بسبب خلافات حول توجهات ترامب في الصراع الدائر حول السلاح النووي الكوري الشمالي، هربرت ريموند ماكسماتر مستشار ترامب للأمن القومي أيضًا، كان يعارض ترامب في العديد من الآراء حول أهم القضايا التي تشغل ترامب، فمكاماستر يرى أن الإتفاق النووي مع إيران مقبول، حيث يرفض ماكماستر بشدة سعي ترامب للقضاء على الإتفاق، كما أن هناك إختلافات في وجهات النظر بين ماكاماستر وترامب حول طريقة التعامل مع روسيا، من ثم يقيله ترامب بعد أقل من أسبوعين من إقالة تيلرسون.

ترامب أزاح تيلرسون وماكماستر، ليأتي ببديلين على النقيض منهما في آرائهم بشأن القضايا التي ذكرناها، فمايك بومبيو مدير الـ”سي اي ايه” يتم تعيينه كوزير للخارجية، والذي أحد أكثر متشددي الحزب الجمهوري الأمريكي وأشد المناوئين لروسيا، والذي يُعد أيضًا من أشد المعارضين للإتفاق النووي مع إيران، كما أنه لا يرى أهمية كبيرة في المعلومات حول التدخل الروسي في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.

أما في منصب مستشار الأمن القومي عين ترامب جون بولتون الذي يعد هو الآخر من متشددي الحزب الجمهوري، كما أن بولتون من معتنقي إستراتيجية الحروب الوقائية للحفاظ على أمن بلاده القومي، وقد أيد بولتون بشدة الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، أما بشأن إيران فلبولتون مقولة شهيرة “القصف هو الحل الوحيد لإيقاف برنامج إيران النووي”، حيث يعد من أهم الداعين لإستخدام الخيار العسكري ضد إيران.

في تقرير لمجلة “فورين بوليسي”، الأمريكية أشارت المجلة إلى أن مستشار ترامب للأمن القومي الجديد سيقوم بـ”تنظيف البيت الأبيض”، وأشارت الصحيفة إلى أن مهمة بولتون ستكون فصل المسؤولين في مجلس الأمن القومي الأمريكي ممن عملوا مع ماكماستر، كما ان مهمته بحسب المجلة ستسعى لإنهاء وجود موالين للرئيس السابق باراك أوباما، وقالت المجلة ان عشرات المسؤولين لا يدينون بالولاء للرئيس الأمريكي سيقوم بولتون بإبعادهم.

ليست السعودية فقط

ولي العهد السعودي ربما لا يستطيع كتمان الأسرار طويلًا، فقد هدد بن سلمان سريعًا وقبل سفره للولايات المتحدة، بتطوير سلاح نووي ما اذا قامت إيران بذلك، ثم يذهب إلى واشنطن، لتتحرك دوائر السياسة والصحافة الأمريكية، لتحذر من إمتلاك السعودية سلاحًا نوويًا، في تقرير سابق للواشنطن بوست قبل زيارة بن سلمان لترامب قالت الصحيفة أن مفاوضات بين المملكة وشركات امريكية من بينها شركة “ويستنجهاوس”، لإنشاء مفاعلين نويين في السعودية، وأشارت الصحيفة إلى أن أرباحًا بالمليارات ستجنيها الشركات الأمريكية من صفقة كهذه، وبرغم تأكيدات المملكة الرسمية على أن المفاعلات التي تسعى لإنشاءها ستكون للأغراض المدنية فقط إلا إلا أن تقارير انتشرت في اعوام سابقة تؤكد أن إتفاقًا بين باراك أوباما والسعودية للتعاون بشأن المفاعلات النووية للإستخدام المدني فشل بسبب رفض السعودية إلتزامًا رسميًا بعدم تخصيب اليورانيوم، والذي من شأنه توفير طاقة للأسلحة النووية.

وتصاعدت تحذيرات بالتزامن مع زيارة بن سلمان لواشنطن من ان خطوة كهذه قد تدفع الإمارات للسعي للتخلص من إتفاقها عام 2009 لضبط المعيار الذهبي، وتقوم بدورها بتطوير أسلحة نووية. وقال تقرير الواشنطن بوست، أن إنتشار أسلحة نووية في الشرق الأوسط قد بقوي شوكة الخليج العربي مما يؤثر سلبًا على النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، كما أن تحذيرات وقلق متصاعد ينمو في إسرائيل مما أسمته صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية، توزيع ترامب للمفاعلات النووية، وبرغم سعي إسرائيل لإمتلاك السلاح النووي في الشرق الأوسط منفردة، لكن نفس الصحيفة أشارت في تقرير سابق لها كتبه المحلل السياسي الإسرائيلي أمير اورن، في 2015، إلى أن السبيل الوحيد لمواجهة الخطر النووي الإيراني هو تسليح المملكة العربية السعودية، وبرغم أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غازي إيزنكوت عرض في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، إمكانية التعاون الإستخباراتي مع السعودية ودول عربية آخرى لمواجهة الخطر الإيراني، إلا أن قبول إسرائيل بإمتلاك السعودية لسلاح نووي سيكون العقبة الأكبر أمام الأمير الشاب.

جوليان أسانج مؤسس ويكليكس أكد في وقت سابق، على أن واشنطن كانت على علم بقيام حكومتي السعودية وقطر بدعم تنظيم داعش الإرهابي، بحسب مراسلات خاصة بوزير الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، وتشير تحليلات إلى أن لواشنطن عن طريق حكومات خليجية يد بتأسيس التنظيم الإرهابي، برغم موقف واشنطن الرسمي المعادي للتنظيم التي تسعى واشنطن لإنهاء وجوده، إلا أن مصالح الولايات المتحدة كانت مرتبطة في وقت ما بتقدم التنظيم على الأراضي العراقية والسورية، وبغض الطرف عن هذه القضية فإن لواشنطن العديد من التجارب السابقة دعمت حروبًا بالوكالة لتحقيق مصالحها دون التدخل المباشر، ومن الممكن أن تكون الحرب النووية كلمة ثقيلة للغاية فإنه وفقًا لتحليلات فإن الضغط بدعم امتلاك السعودية لطاقة ذرية على إيران يعد بحد ذاته هدفًا كبيرًا بالنسبة لدونالد ترامب.

مصادر لم تذكر في النص:

“لماذا أطاح ترامب بمستشاره للأمن القومي هربرت ماكماستر؟ (كتابة: بي بي سي)”

“ويكيليكس: كلينتون كانت على علم بتمويل السعودية وقطر لداعش (كتابة: روسيا اليوم)”

“?Who is Mike Pompeo, Trump’s pick to be the next secretary of state (كتابة: التايم)” 

“John Bolton expected to clean house: FIRE ‘dozens’ of WH officials for leaking info to media (كتابة: ذا بلاز)”

“ترامب عن دول الخليج…لن نجعلهم يعيشون ملوكا ونحن لا (كتابة: سبوتنيك)”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة