كرة بوتين

محرر الرأي1 أغسطس 2018آخر تحديث :
كرة بوتين

المعضلة أن الأجهزة الوازنة والماسكة بمفاصل الدولة الأميركية لا تأخذ ما يقوله ترامب على محمل الجد.

بقلم: حسن مدن

هناك شبح يجول في أجهزة الاستخبارات الأمريكية، اسمه فلاديمير بوتين، حيث بات هذا الاسم يثير الرعب في نفوس المسؤولين عنها. يعود ذلك جزئياً إلى الخلفية الاستخباراتية لبوتين شخصياً، الذي تلقى خبراته الأساسية في الجهاز الأخطر في روسيا السوفييتية: جهاز الاستخبارات «كي جي بي»، لكن هذا الرعب تضاعف بعد تيقن هذه الأجهزة من وجود تدخلات استخباراتية روسية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية رجحت فوز ترامب.

هذا الرعب حدا بهذه الأجهزة للتوجس من أي تفصيل يتصل بعلاقة بوتين بترامب، وبلغ هذا الرعب ذروة جديدة في قمة هلسنكي الأخيرة بين الرجلين. ولم يقتصر ذلك على أجهزة الاستخبارات وحدها، وإنما طال كافة أجهزة الدولة العميقة في الولايات المتحدة، والشخصيات السياسية المرموقة هناك.

عشية قمة هلسنكي كتبت المرشحة الديمقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون على حسابها في «تويتر»، مخاطبة ترامب: «هل تعلم مع مَن أنت تجتمع؟» في نوع من التنبيه إلى خطورة بوتين، من وجهة نظرها، على المصالح والأمن الأمريكيين.

ومؤخراً نُسب إلى مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية قوله إنه لا يعلم شيئاً عما دار في الاجتماع المغلق بين ترامب وبوتين، وهو الاجتماع الذي دام ساعتين كاملتين، وحذّرت جهات وشخصيات أمريكية منه، مبدية خشيتها من انفراد بوتين بترامب بمعزل عن بقية أعضاء الوفد المرافق.

وتدور أقاويل عن ميل بعض أعضاء الكونغرس إلى استجواب المترجمة التي حضرت الاجتماع، لمعرفة ما دار فيه، وإذا حدث ذلك فربما تكون المرة الأولى من نوعها.

آخر ما انشغلت به أجهزة الاستخبارات الأمريكية، وعلى صلة بهذه القمة، هو كرة القدم التي أهداها بوتين إلى ترامب خلال المؤتمر الصحفي المشترك بينهما، والتي قيل بأنها مزودة برقاقة إلكترونية. ورغم أن شركة «أديداس» المصنعة لها، أكدّت أن هذه الشريحة موضوعة على جميع الكرات التي صنعتها لمونديال روسيا.

لكن ذلك لم يبدد الشكوك حول كرة بوتين المثيرة للاهتمام، خاصة أن الشركة لم تعلق على إمكانية الجانب الروسي في اختراق هذه الشريحة الإلكترونية، «كما يُجهل ما إذا كان يوجد في مثل هذه الأجهزة الدقيقة ثغرات أمنية، ولا يوجد يقين كذلك بشأن إمكانية إزالة هذه الشريحة أو استبدالها»، على ما يذهب تقرير أجنبي منشور على موقع قناة «آر.تي» الروسية.

ومن هنا تعالت بعض الأصوات في واشنطن، مطالبة بمنع «كرة بوتين» من الوصول إلى البيت الأبيض، خشية أن تكون مزودة بجهاز تنصت.

إزاء كل هذه الشكوك، وسعياً لتبديدها، أعلن البيت الأبيض أن «كرة بوتين»، خضعت، مثل الهدايا الأخرى التي يتلقاها الرئيس الأمريكي، للفحص للتأكد من أنها آمنة، وزعم ترامب، وهو يستلم الكرة، موضع الشكوك، أنه سيهديها لابنه الأصغر بارون، لكن المعضلة تكمن في أن الأجهزة الوازنة والماسكة بمفاصل الدولة لا تأخذ ما يقوله ترامب، بهذا الخصوص، على محمل الجد.

* د. حسن مدن كاتب من البحرين

المصدر: الخليج – الشارقة

مفاتيح: روسيا، أميركا، بوتين، ترامب، مدير الاستخبارات المركزية، قمة هلسنكي،

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة