غرب العراق، جنوب سوريا… التهديد الأمني مجددًا

محرر الرأي27 يوليو 2019آخر تحديث :
غرب العراق، جنوب سوريا... التهديد الأمني مجددًا

غرب العراق، جنوب سوريا… التهديد الأمني مجددًا

  • التحالف الدولي يبدي تقاعساً ملحوظا حتى لا نقول مشبوها في التعامل مع «داعش» وأخواته.
  • عودة «داعش» للتحرك في الأنبار وتهديد بلداتها وقراها رغم عملية «غلاف بغداد» وعمليات تمشيط واسعة.
  • شبح “داعش” يطل برأسه صبح مساء ويتهدد محافظة الأنبار الحدودية والطريق الدولي الرابط بين عمان وبغداد.
  • ضائقة اقتصادية خانقة، وأزمة خدمات وإعادة إعمار، تُبقي التربة مهيأة لعودة المليشيات المسلحة.
  • ضربات إسرائيلية متواصلة تغذي حالة عدم الاستقرار، وتنعش الأوهام بإمكانية إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
  • المعارضة السورية تتهم النظام بتنفيذ اغتيالات واسعة ضد خصومه وفي سياق تصفية حسابات بين أجهزته وأذرعتها الأمنية والعسكرية.

بقلم | عريب الرنتاوي

في الأنباء، أن القوات الأمريكية الموجودة في منطقة الرطبة انسحبت بشكل مفاجئ ومعها الفوج التكتيكي العائد إلى قيادة شرطة الأنبار والذي يتولى حماية القضاء… توقيت الانسحاب مفاجئ لسببين:

– الأول؛ عودة «داعش» للتحرك في المنطقة، وتهديد بلداتها وقراها، بما فيها الرطبة ذاته، رغم عملية «غلاف بغداد» وعمليات التمشيط الواسعة التي تقوم بها القوى الأمنية لمناطق البادية الحدودية

– الثاني؛ أنه يأتي في وقت تقرر فيه احتجاز قائد عمليات الأنبار اللواء الركن محمود الفلاحي على ذمة التحقيق في قضية التآمر مع الولايات المتحدة ضد الحشد الشعبي، قبل أن تتم تبرئته ونقله إلى مكان آخر.

موجة من القلق والتخوف، تجتاح أهالي المحافظة (الأنبار) والمدينة (الرطبة)، وفقاً لأعضاء في مجلس محافظتها، سيما بعد أن قام تنظيم «داعش» تزامناً، بتوزيع رسائل على سكانها، تتهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، إن لم يتعاونوا مع مقاتلي التنظيم، حال عودتهم «الوشيكة» إلى المدينة.

قد تبدو رسائل «داعش» مبالغ بها، وقد لا تكون كذلك، لكن شبح التنظيم الإرهابي ما زال يطل برأسه صبح مساء، ويتهدد المحافظة الحدودية والطريق الدولي الرابط بين عمان وبغداد، إن لم يجر ملء الفراغ، وتُحكم سلطات بغداد سيطرتها الأمنية والمدنية على هذه المناطق الشاسعة، وتلكم مهمة ليست سهلة على أية حال.

وفي جنوب سوريا، وبعد عام من نجاح الدولة في بسط سيطرتها على المحافظات الجنوبية (السويداء، درعا والقنيطرة)، شهدت الأشهر القليلة الفائتة، تراجعاً أمنياً حادا، حوادث أمنية متنقلة يومية أو شبه يومية، عمليات استهداف للجنود والضباط والمعسكرات التابعة للجيش السوري، تصفيات لمعارضين بالجملة والمفرق.

اتهامات متبادلة لا تتوقف: المعارضة تتهم النظام بتنفيذ هذه الاغتيالات ضد خصومه، وأحياناً في سياق تصفية الحسابات بين أجهزته وأذرعتها الأمنية والعسكرية.

النظام يتحدث عن عمليات تصفية تقوم بها بقايا الفصائل المتناحرة. ومصادر أخرى تتحدث عن عمليات ثأر وانتقام عشائرية واجتماعية على خلفية أحداث السنوات التسع الفائتة.

درعا عادت مؤخراً للتظاهر على خلفية إقامة تمثال للرئيس الأسد – الأب. القوات الروسية تعرضت للاستهداف لأول مرة منذ انتشار وحداتها في الجنوب. فصائل محسوبة على «الجيش السوري الحر» تعاود النشاط في المنطقة، وتتوعد النظام وحلفائه بعمليات جديدة.

ضائقة اقتصادية خانقة، وأزمة خدمات وإعادة إعمار، تُبقي التربة مهيأة لعودة المليشيات المسلحة من جديد. ضربات إسرائيلية متواصلة تغذي حالة عدم الاستقرار، وتنعش الأوهام بإمكانية إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

قبضة الدولة السورية على الجنوب، ما زالت ضعيفة بدورها، ويزيدها ضعفاً تلك الشبكة المعقدة من اتفاقات المصالحة المحلية، التي أعطت كل منطقة من مناطق الجنوب (درعا بخاصة) وضعية خاصة.

فهذه يحكمها هذا الفصيل بالتنسيق مع الجيش، وتلك يتحكم بأمنها الداخلي فصيل آخر، وثمة حدود لتدخل الدولة بناء على الاتفاقات السابقة، وثمة أدوار لروسيا لا يمكن لموسكو أن تتخلى عنها، مع أن الأنباء تحدثت عن «إعادة انتشار» لوحدات الجيش الروسي ودورياته في المنطقة، تفادياً لاستهدافها من قبل جماعات مسلحة.

إن لم تحكم الدولة السورية قبضتها على الجنوب، فإن فرص عودة الجماعات الإرهابية ستتعاظم، وسيكون شمال الأردن عرضة للتهديد مجدداً، ومعه الطريق الدولي ومعبر نصيب/جابر كذلك.

خلاصة القول، إن حدود الأردن الشمالية والشرقية ما زالت مفتوحة على احتمالات شتى، وحركة الأفراد والبضائع (وربما خطوط الطاقة) مع الدولتين الجارتين، ما زالت عرضة للاستهداف من قبل جماعات أصولية ومليشيات سائبة.

والأخطر من كل هذا وذاك، أننا لم نعد نسمع أو نقرأ عن عمليات تطهير وتنظيف تقوم بها الأجهزة الأمنية والعسكرية للدولتين الجارتين، فيما التحالف الدولي يبدي تقاعساً ملحوظاً، حتى لا نقول مشبوهاً في التعامل مع «داعش» وأخواته.

لا خيار أمام الدولة الأردنية سوى تعزيز تنسيقها الأمني والعسكري مع بغداد ودمشق، لتنظيف هذا الملف الحدودي، وتعزيز أمن واستقرار مناطق غرب العراق وجنوب سوريا.

ما حك جلدك غير ظفرك ومن الأفضل لنا والأسلم، أن نتحرك بقوة وحسم، وأن نتحرك الآن، قبل فوات الأوان.

* عريب الرنتاوي كاتب صحفي أردني
المصدر | الدستور الأردنية

موضوعات تهمك:

سوريا إعادة الإعمار.. حرب بوسائل أخرى

هل من استراتيجية أميركية جديدة في سوريا؟

فلسفة الاستبداد: سوريا الآن أفضل من 9 سنوات

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة