عام 2019 سيشهد معركة سياسية طاحنة

شروق عز الدين3 يناير 2019آخر تحديث :
عام 2019 سيشهد معركة سياسية طاحنة

عام 2019 سيشهد معركة سياسية طاحنة


-2019 قد يشهد حرباً ضروساً بالوكالة بين الأطراف الدولية
-أسواق الطاقة ستواجه هزات كبيرة خلال العام القادم قد تغير من طبيعة المشهد
-أحد المعسكرين يريد صفقة لصالح تل أبيب والآخر يريد الحفاظ على المكتسبات الفلسطينية.
-عام صعب قد يشهد عودة هيمنة النظام على المشهد السوري أو حرباً ضروساً بالوكالة بين الأطراف الدولية.

بقلم: ماجد الأنصاري

عام 2018 كان مليئاً بالأحداث التي سيكون لها بلا شك آثار بعيدة المدى سنشهد بداياتها في العام القادم، التطورات التي حدثت في هذا العام تشكل إرهاصات لواقع جديد سياسياً واقتصادياً على مستوى العالم وعلى مختلف الصعد.

ومع تزاحم هذه الأحداث يصعب حصرها في مقال واحد ولكننا نتطرق هنا إلى أهم الأحداث التي من الممكن أن تكون بوابة استشراف أحداث العام القادم.
نبدأ مع الشأن الفلسطيني حيث حمل هذا العام مجموعة تطورات مهمة على رأسها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ما كان له آثار متتابعة في ظل الحديث عن صفقة القرن وإمكانية أن ينجح ضغط أمريكي عربي في تقديم تنازل جديد هو الأكبر في تاريخ القضية الفلسطينية.

تبع ذلك هرولة خليجية نحو التطبيع كانت بمثابة التنافس لكسب ود البيت الأبيض في ظل الخلافات الخليجية، ومن الجانب الفلسطيني كانت مسيرات العودة هي العنوان الأبرز لردة الفعل على هذه الأحداث.

كل ذلك يشير إلى أن عام 2019 سيشهد معركة سياسية طاحنة بين معسكرين، أحدهما يريد صفقة جديدة لصالح تل أبيب والآخر يريد الحفاظ على ما يمكن حمايته من المكتسبات الفلسطينية، وفي هذه الأثناء اضطرت حكومة نتنياهو للإعلان عن انتخابات مبكرة، أي أننا قد نكون أمام حكومة أكثر تطرفاً من الحالية في الكيان.

سوريًا بدأ هذا العام بضربة ثلاثية للنظام السوري ولكن سرعان ما تحولت الأمور إلى تمكين للنظام وأنصاره من معظم التراب السوري، لم ينته هذا العام إلا على وقع إعلان ترامب أنه سيسحب القوات الأمريكية من سوريا، الأمر الذي كانت له انعكاسات سريعة على رأسها التطبيع العربي مع النظام في دمشق من خلال افتتاح الإمارات والبحرين سفاراتهما هناك وزيارة البشير الرئيس السوداني إلى العاصمة السورية ولقاؤه بشار الأسد.

ويعقد هذا الأمر الوضع هناك أكثر، فالولايات المتحدة كانت تمثل حجاباً حاجزاً بين النظام في دمشق وسوريا وإيران من جهة وتركيا، الوجود الأمريكي كان يعني أن التهديدات التركية للمسلحين الأكراد لم تكن تمثل تهديداً للنظام، لكن فور أن أعلن ترامب الانسحاب أنزل الأكراد أعلامهم من منبج ورفعوا أعلام النظام.

المرتقب في سوريا الآن هو من سيرث التركة الأمريكية في الجزيرة السورية بين النهرين حيث الموارد السورية الأساسية، بدأ الروس والأتراك في التفاوض لكننا أمام عام صعب قد يشهد عودة النظام إلى الهيمنة على المشهد في سوريا لكنه قد يشهد أيضاً حرباً ضروساً بالوكالة بين الأطراف الدولية.

سعودياً كان مقتل خاشقجي هو العنوان الأبرز، استهداف الصحفي المقرب من دوائر الحكم السعودية بهذه الطريقة البشعة سبب ردود أفعال واسعة دولياً، بعض الدول بدأت فعلياً بفرض عقوبات خاصة فيما يتعلق بالتسليح.

لكن العالم يحبس أنفاسه في هذا الملف لحين تولي النواب الجدد في واشنطن مقاعدهم في يناير من العام القادم حيث يتوقع أن يكون هناك حراك لمعاقبة الرياض هو في الحقيقة جزء من المواجهة بين ترامب والمشرعين وخاصة الديمقراطيين منهم.

ومن ضحايا هذا الاغتيال أسعار النفط عالمياً حيث تلاعب ترامب مستغلاً هذه القضية وموقف الرياض الضعيف بسوق النفط ليهوي به عبر دفع السعودية لزيادة الإنتاج وبشكل علني.

قطر من ناحيتها انسحبت من أوبك تلك المنظمة التي باتت ألعوبة لا قيمة لها في ظل التلاعب الأمريكي والانصياع السعودي، لا شك أن أسواق الطاقة ستواجه هزات كبيرة خلال العام القادمة قد تغير من طبيعة المشهد.

هذه الأحداث تمثل إرهاصات مهمة لأحداث العام القادم، ومن خلال مراقبة تطوراتها ستتضح لنا أكثر صورة النظام العالمي الجديد الذي بدأ يتشكل على أعقاب التراجع الأمريكي ومعارك تغطية الفراغ.

وإن كتب الله لنا البقاء سنعود هنا بعد عام لنقرأ المشهد ونتمنى أن يكون أقل قتامة، وإن كانت الأحداث لا توحي بذلك.

الدكتور ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة قطر
المصدر: الشرق – الدوحة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة