طالبان أفغانستان: من تأثيم الماضي إلى تجميل الحاضر

محرر الرأي26 يناير 2019آخر تحديث :
حركة طالبان مستعدة لوقف إطلاق النار

طالبان أفغانستان: من تأثيم الماضي إلى تجميل الحاضر

  • لا تعود طالبان للواجهة السياسية والعسكرية فقط، بل يجري تجميلها وتأهيلها على يد الجهات ذاتها التي تولت شيطنتها بالماضي.

* * *

أعلنت حركة طالبان الأفغانية مسؤوليتها عن الهجمة التي استهدفت معسكراً للجيش الأفغاني في إقليم وردك وتضمنت عملية انتحارية واشتباكاً مسلحاً، وأسفرت عن مقتل العشرات من أفراد الأمن الأفغاني.

وهذه الواقعة تذكر بهجمات سابقة، خاصة تلك التي شهدتها العاصمة كابول في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر وسقط ضحيتها أكثر من 50 مدنياً. ولا يكاد يمر شهر إلا وتشهد أفغانستان عمليات مماثلة.

تؤكد أن حركة طالبان، التي تسيطر على 60% من أراضي البلاد، تتصدر أيضاً مناخ الترهيب والسيطرة والضغط، وتمتلك بالتالي سلسلة مفاتيح سياسية وعسكرية تجعلها اللاعب الأهم على الساحة الراهنة.

 

اقرأ/ي أيضا: ترامب في 2019.. السؤال الكبير

الدليل الأبرز على هذا أن الولايات المتحدة الأمريكية، عبر المبعوث الخاص زلماي خليل زادة، تواصل التفاوض مع الطالبان في العاصمة القطرية الدوحة، بمعزل عن الرئيس الأفغاني أشرف غني والحكومة المركزية، وتضع على طاولة المفاوضات ثلاثة بنود تصب جميعها في صالح الحركة:

تثبيت جدول زمني لانسحاب جميع القوات الأجنبية الأمريكية أو التابعة لحلف الناتو، وإطلاق سراح سجناء الحركة في مختلف المعتقلات، ورفع حظر السفر وقيود الحركة داخل البلاد عن جميع قادة الطالبان.

ولكنها في الآن ذاته لا تلقي السلاح ولا توقف العمليات العسكرية، إذْ من الطبيعي أن تكون هذه الطرائق بمثابة رافعة لتقوية موقعها التفاوضي.

من جانب آخر لم يعد خافياً على أحد أن جهات دولية وإقليمية تواصل خطب ود الطالبان وتوظيف ما تملكه الحركة من عناصر مؤثرة في صناعة ميزان القوى داخل أفغانستان، وفي محيطها أيضاً.

وثمة مصالح متطابقة أو متعارضة لكلّ من الباكستان وإيران وروسيا والصين والهند، تشمل السياسة والأمن والاقتصاد، وتدخل في شبكات الصراع المختلفة.

 

اقرأ/ي أيضا: تراجع فسحة «الإنسانية» تزكية للفساد والاستبداد

لكن الواضح في المقابل هو الفشل الذريع الذي مني به المشروع الأمريكي والأطلسي في أفغانستان، بدليل هذه الحصيلة التي انقلبت ضد أغراضها الأصلية بعد نشر مئات آلاف الجنود الأجانب، ومقتل ما يزيد على 3500 في صفوفهم

فالأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ يبرر وجود الحلف في أفغانستان بأنه لا يقتصر على حماية الأفغان وحدهم من الإرهاب بل يشمل أيضاً حماية شعوب الأطلسي من الخطر ذاته، ولكنه لا يرى تناقضاً في المفاوضات التي تجريها الإدارة الأمريكية مع حركة تصنفها واشنطن ذاتها في خانة الإرهاب الدولي.

كذلك يتحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خفض أعداد القوات الأمريكية إلى النصف، دون أن يقترح أي بديل للفوضى التي خلقها وجود تلك القوات تحديداً، ودن اكتراث بأن البديل الاول المطروح في حال وقوع الفراغ هو استئناف الحرب الأهلية على نحو أشد دموية من ذي قبل.

اقرأ/ي أيضا: لماذا تستمر احتجاجات الثورة الصفراء؟!

وإلى هذا وذاك تبقى المفارقة الكبرى متمثلة في عجز الولايات المتحدة والناتو عن إنجاز حسم عسكري فارق في وجه الطالبان، رغم الآلة العسكرية والتكنولوجية التدميرية الهائلة التي يجري تسخيرها على أرض المعركة والتي لم يسبق لأي ساحة قتال أن شهدت مثيلاً لها من حيث الكم والنوع.

وهذا يعني أن الحركة التي تمّ إرغامها في سنة 2001 على تسليم السلطة لا تعود تدريجياً إلى الواجهة السياسية والعسكرية فقط، بل يجري اليوم تجميلها وإعادة تأهيلها على يد الجهات ذاتها التي تولت شيطنتها في الماضي.

 

المصدر: القدس العربي – لندن

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة