رئاسات العراق: ثلاث لإيران وصفر لأمريكا؟

الساعة 258 أكتوبر 2018آخر تحديث :
رئاسات العراق: ثلاث لإيران وصفر لأمريكا؟

رئاسات العراق: ثلاث لإيران وصفر لأمريكا؟

أين غاب التأثير الأمريكي المفترض قويّا على شؤون العراق؟

لا وجود حقيقيا لمرشحين فعليين قادرين على تأمين المصالح الأمريكية أو مراعاتها.

كيف نصف نتائج مراهنات السعودية الساذجة للتأثير على المشهد السياسي العراقي؟

التنافس كان مقتصرا بين حلفاء إيران المتشددين وحلفائها الأقلّ تشددا!

*    *    *

تداول ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي في العراق جملة (3 لإيران صفر لأمريكا) وذلك بعد انتهاء المخاض السياسيّ الطويل جداً الذي تبع إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية في أيار/مايو من هذا العام.

واختتم في يوم واحد بإعلان انتخاب برهم صالح رئيسا للعراق وتكليفه عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة، وذلك بعد انتخاب محمد الحلبوسي رئيسا لمجلس النواب في منتصف شهر أيلول/سبتمبر الماضي.

والأغلب أن السير المهنية للرؤساء الثلاثة المذكورين وشخصياتهم لا تقدّم ولا تؤخر كثيراً في التقييم المذكور.

فمثلا: برهم الحاصل على شهادات عليا من جامعات بريطانيا لم يتمكن حين تنافس على المنصب عام 2014 من الفوز لأن حسابات إيران وحلفائها العراقيين، في ذاك العام، ارتأت أن يذهب المنصب إلى فؤاد معصوم، المحسوب على الحزب الديمقراطي الكردستاني، وليس للحزب الأقرب إلى طهران، الاتحاد الوطني الكردستاني، والذي كان برهم صالح مسؤولا كبيرا فيه.

التفسير أسهل طبعا فيما يتعلق بعلاقة عادل عبد المهدي الحميمة مع إيران، فهناك وثائق مصورة تظهره مع عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي (السابق)، وهو يدرب قوات إيرانية أثناء الحرب مع العراق.

ومحمد الحلبوسي الذي كان مرشح تحالف «الحشد الشعبي» وقياديه المعروف هادي العامري مع كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وإضافة للتقلّبات العديدة التي طبعت حياته السياسية كنائب ومحافظ للأنبار، فإن إشاعات قوية واتهامات له بالفساد وبعقد حلفاء إيران صفقات لتمرير وصوله لمنصب الرئاسة.

استخدمت إيران وحلفاؤها للوصول إلى هذه النتيجة طريقا معقدة تجمع بين استعراضات القوّة كما فعلت نهاية شهر أغسطس بإعلان مسؤولين فيها ومصادر في المخابرات العراقية استقدام صواريخ باليستية لجماعات شيعية حليفة لها.

كما تدخّلت مباشرة في الشبكة المعقدة للقوى الشيعية والسنية والكردية، ولكن، وبالخصوص، حاولت فرض قرارها بطريقة دبلوماسية، على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وذلك، حسب موقع «المونيتور»، بجمعه في لبنان مع قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني، والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، لتمرير مرشّحي خصميه السياسيين، نوري المالكي وهادي العامري، على أن يبدو الأمر برضاه.

لا يعني ذلك طبعا أن إيران تمكّنت من جسر خطوط التنافسات الحزبية والعداوات الشخصية المريرة، لكنّها أثبتت أن الجميع مضطرون لأخذ موافقتها ونيل رضاها ثم تسديد الأثمان المطلوبة منهم.

فأول تصريحات الحلبوسي بعد انتخابه كانت إعلانه معارضة الحصار على إيران، وتبع ذلك تهنئة طهران له على انتخابه، كما أن برهم صالح، الذي يعتبر ليبراليا وقريبا من الغرب، أعاد تثبيت أركان علاقته مع حزب جلال طالباني حليف إيران وكان ذلك جزءا من تسعيرة وصوله المظفر لكرسي الرئاسة.

لكن أين غاب التأثير الأمريكي المفترض قويّا على شؤون العراق؟

ما تؤكده الأحداث الأخيرة أن الحديث عن التأثير الأمريكي في تشكيل سياسات العراق أمر مبالغ فيه، فالحقيقة أن النفوذ السياسيّ والأمني والماليّ لإيران أكبر بكثير من أي تأثير أمريكي، وهناك ما يشبه التسليم في واشنطن بعدم قدرتها على فرض المرشحين الذين تفضّل فوزهم.

فالتنافس كان مقتصرا بين حلفاء إيران المتشددين، كالمالكي والعامري، وبين حلفائها الأقلّ تشددا، كحيدر العبادي ومقتدى الصدر، وبالتالي فلا وجود حقيقيا لمرشحين فعليين قادرين على تأمين المصالح الأمريكية أو مراعاتها.

لا عجب طبعا أن يعلق السيناتور الجمهوري وليد فارس معقبا على مقالة لصحيفة «واشنطن بوست» تعتبر أن الصراع بين إيران وأمريكا في العراق لم يؤد إلى رابح واضح بالقول إن الاستنتاج خاطئ كليا وأن الرابح الكبير في كل ما حصل هو إيران.

… أما وقد اتضح مفعول الضربة الثلاثية الإيرانية والفشل الأمريكي «المربع» فبماذا نصف النتائج التي تمخضت عنها المراهنات الساذجة التي راهنتها السعودية للتأثير على المشهد السياسي العراقي؟

المصدر: «القدس العربي»

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة