دستور يااااااااااعرب!

أحمد عزت سليم21 أبريل 2019آخر تحديث :
دستور يااااا عرب

دستور يااااااااااعرب!

من المفترض أن يؤسس الدستور فى أية دولة كانت لخطة ومخططات الحكم وهويته وأركانه الأساسية ويبين كيف تعمل مؤسسات الدولة وحقوقها ومدى ونوعية إلتزامها بقوانين الدولة وفقا لأحكام مواد الدستور وامتدادا من الرئيس أو الملك إلى بقية المواطنين ومن منطلق وطبقا لقواعد الدستور ما تستطيع فعله أو لا تستطيع فعله، واعتمادا على حمايته والدفاع عنه من قبل كل الجهات العليا، ومن هنا فإن الدستور مهم للغاية في حياتنا اليوم لأنه يؤثر على كل فاعليات ما نقوم به فى حياتنا ومن ثم فمن المفترض أن الحكومة فى أية دولة بكل سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية ملتزمة بمنع الاستبداد والتسلط من قبل أية فرد أو مؤسسة او سلطة، ومن ثم فإن الدستور من المفترض أن يستخدم كوثيقة قانونية ذات سيادة شاملة كل المجتمع وتمثل قيم ومثل المجتمع، وبالتالى يمثل الدستور القانون الأعلى الذى يحافظ عليها وعلى حقوق الحاكم والمحكومين بكل أنواعها القانونية والإنسانية ، وسواء كان نظام هذا الحكم ملكى أو جمهورى وسواء كان نظامه برلمانى أو رئاسى أو شبه رئاسى ومن ثم فإنه يشكل العمليات السياسية وتفاعلاتها الديمقراطية ويحدد ماهية فاعلياتها بكل مستوياتها الرئيسية والأفقية محليا وقوميا، وبما يتضمنه الدستور من نصوص توضح طبيعة ومدى حريات الأفراد الدينية والسياسية والاقتصادية والمدنية والفكرية ومدى حقوقهم كافة بدون إستثناء.

ومن أهم ما يتضمنه الدستور أهمية هو تحديد الهوية للدولة وشخصيتها المتفردة وتوثيق الحفاظ عليها وعلى لغتها وقيمها ومرجعياتها الأساسية وبما يعد الدستور المرجعية الأساسية لكافة التشريعات والقوانين، وحماية أن يتم استصدار من أية جهة ما يتناقض مع مبادئ الدستور ، وتتعدد أنواع الدساتير ما بين الدستور المدون وهو الدستور الموثق كتابة واعتمادا رسميا وثائقيا من قبل المشرع، أود ستور غير مدون وهو مايعرف بالدستور العرفى بما يتضمنه من قواعد عرفية ممتدة عبر أجيال وسنوات طويلة وملزمة إجتماعيا، وهناك ما يعرف بالدستور المرن الذى يمكن تعديله وتغيير بنوده ودستور جامد لا يمكن تعديله ولا تغيير مواده إلا بإجراءات مشددة.

وهناك من حيث المحتوى ما يعرف بالدستور الشامل أو المطول والذى يشمل تفاصيل وتنظيمات تشريعية واسعة النطاق وفى مقابل ذلك هناك دستور مختصر يختص فقط ويقتصر على الموضوعات الأكثر أهمية بدون شرح وتفاصيل، وهناك دستور دائم يعمل به دون تحديد فترة زمنية له وفى مقابله هناك دستور مؤقت يعمل به لفترات زمنية محددة وفى مواجهة الظروف الطارئة، ومن هذا المنطلق يطلق على الدستور “أبو القوانين” الذى يحمى المجتمع والدولة، ومن هنا تأتى أهمية الدستور فى مجتمعاتنا العربية فهل استطاعت الدساتير العربية تحقيق أهدافها المعلنة والموثقة رسميا لمجتمعاتها ولشعوبها التى تطمح فى حياة كريمة تعليميا وصحيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وقانويا وبكل المساواة بين أفراده سواء كانوا من المدن أو القرى أو الصحراء أو السواحل أو العاصمة أو بالبادية أو كان فى المصنع أو الغيط أو الإدارة.

ولقد ناضلت الشعوب العربية من أجل حقوقها ويمثل الشعب المصر نموذجا قويا لهذا النضال الطويل المستمر وقد عرفت مصر أول نص ذو طابع شبه دستوري عام 1837 عندما أصدر “قانون أساسي” عرف باسم السياستنامه بمقتضاه تم تأسيس بعض الدواوين الجديدة ونظم عملها واختصاصاتها وتحت وطأة الغضب الشعبي على حكم الخديوي إسماعيل صدرت لائحة تأسيس مجلس شورى النواب ولائحة حدود ونظام المجلس في 22 اكتوبر 1866 وهو أول نص منظم لمجلس نيابي تمثيلي في مصر الحديثة وكمنحة من الخديوي لإنشاء مجلس نيابي تمثل فيه بعض طوائف الشعب المحدودة جغرافيا مع قبوله السماع لآراء ممثلي الشعب في بعض الشؤون التي تحددها حكومته مسبقا ودون أية التزام من الخديوي أو من الحكومة بالأخذ بتلك الآراء.

ومع التغييرات الحاكمة يأتى دستور 1879 فى فترة خلع الخديوى إسماعيل وبمقتضى هذا الدستور أصبح التشريع من حق مجلس النواب فلا يصدر قانون إلا بموافقته، وكان الدستور يتكون من 49 مادة ، ثم يثور الشعب ويصدر 1882 والذى يعتبر أولى دستور ديمقراطي صدر في الدول العربية كافة، وهذا الدستور كان ميلادا طبيعيا للثورة العرابية التي أجبرت الخديوي توفيق على إصداره في 7 فبراير سنة 1882،ومع تأثير ثورة 1919 التي ضحى فيها الشعب المصري بالدماء والأرواح خضع الملك فؤاد وشكل لجنة تتكون من 30 عضوا لصياغة دستور 1923 أملا بأن تأتي بدستور على هواه لا يضمن السيادة الشعبية ويمكنه من السيطرة على الثورة، لكن الرقابة الشعبية الشديدة على أعمال هذه اللجنة حالت دون ذلك، ورغم توسع دستور 1923 في تحديد سلطات الملك قياسا على المتبع في الدول الملكية البرلمانية المعاصرة، تضمن الدستور تقييدا كبيرا لتلك السلطات قياسا على السلطات المطلقة التي كان يتمتع بها خديوي مصر.

لكن أخطر تلك السلطات على الإطلاق هو حق حل مجلس النواب الذي كفلته المادة 38، وقد أورد الدستور هذا الحق خاليا من أي قيد أو شرط أو حد أقصى لمرات الحل، باستثناء عدم جواز حل مجلس جديد لنفس السبب الذي حل الملك من أجله سابقه، وهو ما فتح الباب أمام الملك لحل البرلمان كلما اقتضت مصلحته السياسية ذلك ،ومع تعدد صور انتهاك الملك وأحزاب الأقلية لدستور 1923 والذى بلغ ذلك مداه عام 1930 عندما كلف فؤاد الأول ملك مصر إسماعيل صدقي بتشكيل حكومة من الأحرار الدستوريين رغم حصول الوفد على الأغلبية الساحقة في البرلمان، وانتهى الأمر بإلغاء دستور 1923 وحل البرلمان وإعلان دستور جديد، وهو المعروف بدستور 1930 أو دستور صدقي باشا والذى سحب العديد من الاختصاصات من مجلس النواب وأهدر الصفة النيابية لمجلس الشيوخ.

ورفع نسبة الأعضاء المعينين فيه إلى ما فوق الأغلبية، وقلص من حق المواطن المصري في اختيار ممثليه مباشرة، فجعل الانتخاب على درجتين، واشترط في ناخبي الدرجة الثانية نصابا ماليا، مهدرا بذلك مبدأ المساواة بين المواطنين. …. هكذا نموذج الحياة الدستورية العربية ففى الجزائر حاول العديد من القوى المسيطرة وبالاتفاق مع قوى سياسية استخدام المواد الدستورية للوصول للحكم وإقالتة بوتفليقة طبقا للفقرة الاربعة من المادة 102 من الدستور لاجتناب أي فراغ أو تأويلات حول الجهاز الحكومي في هذه المرحلة الحساسة” كما رات هذه القوى وفى حين رأها آخرون إنقلابا ضد إرادة الشعب ، وفى أيضا تونس هذا العام اختلفت القوى السياسية وطالبت بتعديلات دستورية واعتبر البعض أن دستور 2014 مثالي أكثر من اللازم ويجب تنقيحه وأكد آخرون وجود خلل في البنية الدستورية لنظام هجين ليس برلماني ولا رئاسي وضرورة مراجعة الدستور من اجل نظام رئاسي ديمقراطي والدخول لمرحلة قادمة يكون فيها قائد وحيد للبلاد هكذا الدعوة لديكتاتورية دستورية ، وصولا إلى أن تتدخل الدول الأجنبية فى صياغة الدستور كما حدث فى سوريا فى ظل النظام القمعى السورى .. وأيا كان لا بد وأن نذهب وندلى بأصواتنا :ــ نعم أو لآ فلنا حرية الاختيار ..
.. هكذا يعرب .. دستور يا أسيادنا!

موضوعات تهمك: 

ماذا يحدث الآن فى الواقع العربي ؟!

هل يحل تويتر القضية الفلسطينية ؟!

عرب فلسطين يصرون على عدم الاعتراف بشرعية الكيان الصهيونى

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة