حينما تنفذ اسرائيل إرادة الإله فإنها تضيف إلى إرادة الإله فى الأعالى

أحمد عزت سليم1 نوفمبر 2018آخر تحديث :
حينما تنفذ اسرائيل إرادة الإله فإنها تضيف إلى إرادة الإله

حينما تنفذ اسرائيل إرادة الإله فإنها تضيف إلى إرادة الإله فى الأعالى

      يبين جوهر هذا اللاهوت الصهيونى ويكشف عن مجموعة من التعميمات المتحيزة والمبالغ فيها واصطناع الأسباب التى تؤكد المزاعم الصهيونية فى تشكيل قوام ذاتى ثابت عبر الزمان وفى المستقبل ، خاص يتفرد به اليهود فى استقلال تام بذاته غير مشروط بالآخرين ، ليس مزود فحسب بقوة الإله ولكنه اكتسب صفاته وخصوصيته المقدسة فهو” شمس الشعوب ” الذى أنيطت به مهمة إنقاذ العالم وإرشاد الإنسان إلى الخير والسلام كما يرى هس (1) شاء الإله أن يزوده بالمعرفة منذ الأزل معرفة الخير والشر فاكتسبوا المعرفة الإلهية التى بمقتضاها يدرك ويفسر شمس الشعوب ” الشعب المختار ” المقدس عمن حوله انطلاقاً من ذاته التى حل فيها الإله وأصبح هو مركز هذه المعرفة وما يصاحبها من عمليات التفكير والتذكير والتخيل والتعميم والحكم ”  وأصبح ” شمس الشعوب ” يشكل قومية متميزة ،  كما يرى بيرتس سمولينسكين ،  وبالرغم من أنهم بقوا أقلية فى كل مكان بدون وطن خاص بهم .. كانوا أمة روحية والتوراة أساس دولتهم ،  وكما يقول أيضا ً: توراتنا هى وطننا من الناحية الروحية ،  نحن أمة روحية . هذه هى العقيدة الصحيحة التى يجب أن ننادى بها (2) ويصر ليو بنسكر على أن الأمة اليهودية موجودة بسبب ” وحدة التكوين الروحى ،  لليهود وماضيهم التاريخى الواحد ” وأنها أمة ثابتة عبر التاريخ (3).

اقرأ/ي أيضا: قيم حكومة إسرائيل لا تختلِف عن قيم مُنفّذ عملية الكنيس

وكما يرى هس فقد حافظ على نقاوته عبر العصور رغم المتغيرات البيئية التى مرت عليه،  ومن هذا الحفاظ ظهرت أولى مزاعم بنى هذا اللاهوت: خصيصة النقاء والتفرد التى تعنى أن ثمة شعب يهودى ذو تقاليد حضارية يهودية خالصة احتفظت باستقلالها ووحدتها ونقائها (4) ،  وصف إغناتز زولتشان اليهود بأنهم ” أمة من الدم الخالص لا تشوبه أمراض التطرف أو الانحلال الخلقى الناجمة عن عدم النقاء (5) ،  وكيف لا يكون ذلك وإحدى العقائد الأساسية للقبالاة اللوريانية تتمثل ”  فى السمو المطلق للروح اليهودية والجسد اليهودى على الروح والجسد غير اليهوديين وتبعاً للقبالاة اللوريانية فإن العالم خلق فقط من أجل اليهود ووجود غير اليهودى أمر ثانوى “(6) ،  و ” بالنسبة لمعظم أتباع الليكود فإن الدم اليهودى هو السبب فى أن اليهود يحتلون منزلة سامية عن غير اليهود … وبالنسبة لليهود المتدينيين فإن الدم غير اليهودى ليس له قيمة جوهرية وبالنسبة لليكود فإن له قيمة محدودة ” (7) ،  أما  ” اليمين الإسرائيلى فإنهم متحدون فى استيائهم من فكرة المساواة ،  ويؤمنون بأن اليهود مختلفون عن الأمم والشعوب الأخرى كما أن تبجيل الماضى اليهودى يعزز هذا التفرد ،  ويؤمن اليهود المتدينون بأن الإله خلق اليهود متفردين أما اليمين العلمانى فى إسرائيل – فيؤمن بأن اليهود كتب عليهم هذا التفرد من خلال ماضيهم ،  وليس لديهم أى خيار فى ذلك  ” (8) ،  هكذا يفلت اليهودى من إطار العالم الموضوعى كما يفلت من قيود الزمان والمكان وليعلو عليهم جميعاً ،  فقد جاء فى أحد كتب المدراش ” حينما تنفذ يسرائيل إرادة الإله ،  فإنها تضيف إلى إرادة الإله فى الأعالى وحينما تعصى يسرائيل إرادة الإله فكأنها تضعف القوة العظمى للإله فى الأعالى (9) ،  هنا تظهر الخصيصة البنائية الثانية فى لاهوت النقاء وهى الاستعلاء ،  فيستخدم الحمام الطقوسى لتطهير الأوعية التى صنعها غير اليهود … ويتعين على المرأة اليهودية أن تتخذ حماماً طقوسياً بعد العادة الشهرية ،  وعليها وهى فى طريقها إلى المنزل أن تحذر مقابلة فرد من الأغيار أو خنزير أو كلب أو حمار وإن قابلت أياً منها فعليها أن تغير طريقها لأنه سينجسها مرة أخرى (10) ،  فنجاسة الأغيار خصيصة بنائية ثالثة فى ” لاهوت التقرد والنقاء والاستعلاء ” وكما يرى المذهب اللوريانى كما فى كتابات فيتال فإن غير اليهود لديهم أرواح شيطانية (11) .

اقرأ/ي أيضا: سلامة كيلة نموذج للوعى العربى النقدى

ويبين التلمود أن هناك تمايزاً فى موقف الها لاخاه من أجساد غير اليهود (باعتبارها طرف نقيض لأجساد اليهود) … أجسادهم ” لا احترام لها “،  وذلك على عكس القداسة التى يكتسبها اليهودى الذى ” يتوحد مع الإله ويصبح فى قداسته ” (12) وأصبحت القداسة سمة عضوية متوارثة ناتجة عن الحلول الإلهى الدائم ،  وإذا كانت القداسة هى الصفة الإلهية التى تفصل الإله (المطلق) عما هو غير مقدس (دنيوى ونسبى) فإن الشعب اليهودى قد سرت فيه هذه القداسة وأصبح يتسم بهذا الانفصال ـ ومن ثم التفرد ـ  حينما عقد الإله العقد معه وبذلك انقسم العالم بأسره داخل إطار الحلولية الثنائية الصلبة إلى قسمين ” اليهود المقدسين الذين يعيشون داخل دائرة القداسة والأغيار الذين يعيشون داخل التاريخ فقط ” (13) وخارج دائرة القداسة ، فالقداسة خصيصة بنائية رابعة ” فاليهودى لم يخلق كوسيلة لتحقيق غاية أخرى وإنما هو فى حد ذاته غاية بما أن مادة كل الفيض الإلهى قد خلقت فقط لخدمة اليهود ” (14) ، وبالتالى لتفرده الخالص وفى تراث القبالاة وصل الإيمان بقداسة الشعب إلى أشكال فى غاية التطرف ” إذ ذهب بعض القباليين إلى أن اليهود قد خلقوا من طينة مقدسة مختلفة عن الطينة التى خلق منها الأغيار وبالتالى تكون أفعال اليهود كلها مقدسة لأنها تساهم فى عملية إصلاح الخلل الكونى (تيقون) التى يستعيد الإله من خلالها ذاته وكذلك الشرارة الإلهية المشتتة ” (15) ،  وهكذا ” فإن اليهودى الذى يقتل غير اليهودى يعفى من حكم الإنسان عليه ويعتبر كأن لم ينتهك الحظر (الدينى) للقتل ” وذلك بناء على الهالاخاه وعلى ميثاق الميمونين (أتباع بن ميمون) ” (16) وكما قال الحاخام أرييل،  ويرى الحاخام آفنيرى أنه بينما يطلب الإله من الأمم العادية إطاعة قوانين العدالة والاستقامة البتة ،  فإن هذه القوانين لا تنطبق على اليهود ” (17) وهكذا دعاهم الإله للانفصال عن الشعوب “اعترفوا الآن للرب إله آبائكم واعملوا على مرضاته وانفصلوا عن شعوب الأرض وعن النساء الغريبة فأجاب كل الجماعة وقالوا بصوت عظيم كما كلمتنا كذلك نعمل” (عزرا 1. : 1.- 11 ) ويقول الإله ” وأنتم شهودى يقول الرب أكون أنا الإله ” وحينما لا تكونون شهودى فأنا (كأننى) لست الإله،  فكأن إلوهية الإله،  بل وجوده لا يتجاوز الإرادة والوجود اليهوديين ” (18)، وهذا جوهر ومركز لاهوت التفرد والنقاء والاستعلاء.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة