حقائق الهيمنة الاستعمارية

أحمد عزت سليم14 سبتمبر 2018آخر تحديث :
كتب

كتب إنياسيو رامونيه فى بلومند ديبلوماتيك: أما على المستوى الجيوسياسي، فتجد الولايات المتحدة نفسها في مستوى من الهيمنة لم تحلم بها أية دولة من قبل فقوتها العسكرية قاهرة ؛ لأنها أول قوة نووية وفضائية وكذلك بحرية، وهي الوحيدة التي تتوفر على أسطول بحري في كل محيطات العالم. كما أن لها قواعد عسكرية وتموينية وتجسسية في كل القارات والتواجد العسكري الأمريكي وراء البحار هو أحد أعمق مرتكزات الإستراتيجية العسكرية الأمريكية, تحتاج الولايات المتحدة إلى قواعد ومحطات فيى أوروبا وشمال شرق آسيا وكذلك إلى تأسيس شبكة قواعد دائمة من أجل توفير الإمكانية العسكرية اللوجستية لتحريك القوات الأمريكية لمسافات واتجاهات مختلفة ضمن الإطار الجيو عسكري الإستراتيجي بما يسمى الهوس الكوني والهيمنة الكونية؟

وكما تشير أبجديات القرن الأمريكي الجديد للتعبير عن الفكرة القائلة” أن الجنود الأمريكان المنتشرين في كافة أنحاء العالم ليسو سوى(( سلاح الفرسان المنتشر في الحدود الأمريكية الجديدة)) وأن سلاح الفرسان يجب إن يصبح جيش احتلال دائم في الشرق الأوسط”؟ وتتطابق هذه الإستراتيجيات العسكريات الأمريكية مع مفهوم الإمبريالية الأمريكية القائم على فكرة توسع النظم الرأسمالية في مرحلة من مراحلها التاريخية بعيدا عما يحمله من مصطلحات الخطاب المزدوج المضللة : حرية- تحرير- تحالف – دفاع- حرب – استباقية- محور شر التي تستخدمها دوما الإدارة الأمريكية ” و كما يشرح ويفسر ذلك الباحث: مهند العزاوي- رئيس مركز صقر : صدمة – أسلحة نووية أمريكية أسلحة ردع-أسلحة نووية أخرى أسلحة دمار شامل– ترويع- حرب على الإرهاب…الخ

ويصف بريجنسكي “الهيمنة الأمريكية” بأنها أصبحت حقيقة ملموسة حالياً في كل أنحاء العالم. وتوصف واشنطن العاصمة بأنها “أول عاصمة عالمية في التاريخ”، حيث تتخذ فيها القرارات بشأن نشر القوات الأمريكية، التي تؤثر بقوة في مسار تطور العولمة ويؤكد نيكسون الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية بقول الحرب والصراع هو الأصل ولا يوجد السلام إلا في مكانين على الآلات الكاتبة وفي القبور فقط هناك السلام أم في الحياة فيحكمها الصراع حيث يقول (جيمس ويلسي) المدير الأسبق لوكالة المخابرات الأمريكية في محاضرة له ألقاها في جامعة أكسفورد البريطانية بعنوان (الحرب على الإرهاب: يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تعمل لإزالة الأنظمة العربية الحالية و “إن الولايات المتحدة عازمة على تكرار تجربة أوروبا الشرقية في منطقة الشرق الأوسط”.

أما قادة الشريك /الحليف الكيان الصهيوني فهم أكثر صراحة، فقد كانوا دائماً يستعجلون الولايات المتحدة لشن حرب على العراق وفرض خريطة جديدة في المنطقة.. ـ وهم يستعجلونها الآن للقضاء على القوة الإيرانية ـ ، وقد قال (موشيه يعلون) رئيس الأركان الإسرائيلي قبل الحرب بفترة قصيرة: ” تكمن فرصة إسرائيل فى إزاحة العراق من الخارطة كبلد كونه يمثل خطراً حقيقياًعلينا فضلاً عن ذلك فإن هذا سيكون كفيلاً بإضعاف كل من سورية وإيران وحزب الله”..وأعلن الرئيس بوش الأب أمام الكونجرس في 21/1/1990م.. في خطابه السنوي التقليدي المعروف باسم (حالة الاتحاد) إذ قال: “إن الولايــات المتحدة تقف على أبــواب القرن الحــــادي والعشرين، ولا بد أن يكون القرن الجديد أمريكياً، بمقدار ما كان القرن الذي سبقه، وهو القرن العشرون قرناً أمريكياً وهذا بالطبع ليس ممكناً إلا بالسيطرة الكاملة على النفط واحتياطاته، وفائض البترودولار”.

وتنفق وزارة الدفاع على البحث في الميدان العسكري قرابة 31 مليار دولار، وهو ما يعادل ميزانية الدفاع الفرنسية بكاملها. كما تمتلك في مجال الأسلحة أنواعا تتقدم ما لغيرها بعدة أجيال ، وبإمكان قواتها المسلحة (1,4 مليون جندي) أن تسمع وتتابع وتتعرف على كل شئ سواء كان في الجو أم في البحر أم تحت الماء فبإمكانها أن ترى كل شيء من دون أن تُرى، وأن تدمر هدفا بدقة فائقة، سواء بالليل أو بالنهار، دون التعرض لأي تهديد. وتتوفر الولايات المتحدة على ألوان من وكالات الاستعلامات الاستخبارتية [ وكالة الاستعلامات المركزية CIA ووكالة الأمن القومي NSA ، المكتب الوطني للاستطلاع NRO وكالة الاستعلامات للدفاع (DIA) ] التي تشغل أكثر من 000 100 شخص بميزانية تتجاوز 26 مليار دولار.

ويتحرك جواسيسها في كل مكان وفي كل وقت، لدى الأصدقاء والأعداء. ولا يقتصر نشاطهم على سرقة الأسرار العسكرية والدبلوماسية، بل يمتد إلى سرقة الأسرار الصناعية والتكنولوجية والعلمي. وتجنيد الأعوان من النخب والأفراد والمؤسسات وفى إطار الهيمنة الأمريكية يوصف د. عبد الغني عماد؛ أستاذ في الجامعة اللبنانية ما يطلق عليه دبابات الفكر الجديدة التى تمثل مؤسسات ضخمة تعنى بالفكر الاستراتيجي، وبتحويله إلى خطط وخرائط وبرامج وأولويات يطلق عليها Think Tanks أي دبابات الفكر، وهذه التسمية التي تمزج الفكر بفلسفة القوة لم تأتِ مصادفة ، إنها تعبر عن التحالف بين الفكر والسلاح في الولايات المتحدة ، هذه المؤسسات الاستراتيجية وبيوت الخبرة السياسية تمثل قوة ضاغطة وفاعلة تعمل بنشاط أكبرمن مثيلها في العالم، وهي تتموّل وتتمتع بميزانيات ضخمة من كبريات الشركات. الأميركية العملاقة المعولمة الممولة لمركز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية والتي يقارب إنتاجها ما يساوي 25 في المائة من الإنتاج العالمي نذكر على سبيل المثال أن خمسة منها ـ جنرال موتورز ووال مارت وإكسون موبيل وفورد وديملركرايسلرـ يتجاوز ناتجها القومي 182 دولة في العالم.

بل أن شركة أكسون يفوق دخلها دول الأوبك مجتمعة، وشركة جنرال موتورز يساوي دخلها دخل الدانمرك، وشركة بكتيل للمقاولات يساوي دخلها أسبانيا، وشركة شل يساوي دخلها فنزويلا، هذه الشركات وغيرها هي طليعة القوى الصانعة للعولمة، وهي الأسخى تبرعاً “وتمويلاً لمرشحي الرئاسة الأميركية ولمراكز الأبحاث وبيوت الخبرة السياسية والاستراتيجية مثل مؤسسة التراث ـ أنشئت منذ 30 سنة ـ ومركز مانهاتن للدراسات ـ انشىء من 25 سنة ـ ومؤسسة المشروع الأميركي ـ انشىء منذ ستين سنة ـ ومركز هوفر ـ انشىء من 25 سنة ـ ومؤسسة المشاريع الأميركية AEI ومركز سياسة الأمن والمؤسسة اليهودية لشؤون الأمن القومي JINSA، وقد أصبح أعضاء في هذه المؤسسات نجوم الفضائيات وصانعو القرار في الإدارة ومنهم كوندوليزا رايس وبول ولفوفيتز وريتشارد بيرل ودونالد رامسفيلد، وديك تشيني وريتشارد أرميتاج وديفيد ورمسر ودوغلاس فايث ويمكن القول أن هذه المؤسسات هي صانعة رؤساء,. الجمهوريات وواضعة البرامج والسياسات لكل الإدارات المتعاقبة، وخلافها هو تعبير مباشر عن خلاف المصالح التي يعبر كل منها عنه، تبعاً للجهات الممولة. هذه المؤسسات هي ابنة التحالف الرأسمالي الصناعي – العسكري وفى عام 1961 ألقى داويت إيزنهاور خطاب الوداع بصفته رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، كان في هذا الخطاب قنبلة سياسية بكل معنى الكلمة، إذ احتوى تحذيراً للمجتمع الأميركي من وحش كاسر ينمو في أحشائه.

يقول بالحرف: “أن مواقع القرار الأميركي يجب حمايتها من هذا التحالف العسكري – الصناعي الرأسمالي وإلا ستكون العواقب كارثية، لأننا بذلك نضع سلطة القرار في أيدٍ غير مسئولة، لأنها غير مفوضة، وبالتالي لا يصح أن تؤتمن عليه”. ويتابع محذراً: “أود أن ألفت النظر إلى أنه إذا وقع القرار الأميركي رهينة لمثل هذا التحالف الصناعي – العسكري وأطرافه ، فإن الخطر سوف يصيب حرياتنا وممارساتنا الديموقراطية كما أنه قد يصل إلى حيث يملك حجب الحقائق عن المواطنين الأميركيين وبالتالي الخلط بين أمن الشعب الأميركي وحرياته من جهة وبين أهداف أطراف هذا التحالف ومصالحهم”.

و بعد ما يقارب أربعين عاماً على خطاب إيزنهاور صدرت “الإيكونوميست” وفيها افتتاحية بعنوان “هجمة دبابات الفكر” وفيها بالحرف: “كثيرون في العالم الخارجي يتمنون لو أن الولايات المتحدة ضبطت أعصابها ولو قليلاً، إذ أن هناك ضرورة للجم كلاب الحرب التي أطلقتها الرأسمالية الأميركية النفاثة . أن أميركا أصبح لديها جيش خطر من المفكرين الذين احترفوا تهييج القوة الأميركية واستشارتها حتى تندفع أبعد, كل يوم, على طريق الحرب.

إن هؤلاء الناس وضعوا لأميركا أجندة وجدول أعمال يتضمن الآن خطة لتغيير الشرق الأوسط كله، وفيما هو واضح فإن الرأسمالية الأميركية تمول وتدعم هذه المؤسسات الفكرية التي ضلت طريقها، وجنحت إلى الإصرار على تطبيق النظام الرأسمالي حتى في عوالم الفضاء الخارجي، ثم ينتظرون أن يصفق العالم لهذا الجنوح الأميركي المجنون المتحصن في دبابات الفكر الجديد”.

وتتابع “الإيكونوميست” في افتتاحيتها: “أن أحدا لم يعد في مقدوره أن يناقش أن هذه المراكز أصبحت بذاتها حكومة الظل في أميركا، بل وتأكد أنها الحكومة الخفية الحقيقية التي تصوغ القرار السياسي وتكتبه، ثم تترك مهمة التوقيع عليه للرئيس ومعاونيه الكبار في الإدارة وفي المقابل لا تكتفي هذه المؤسسات بصناعة الاستراتيجيات بل تتجه نحو صياغة العقول عبر الهيمنة على الإعلام من خلال شركات ومؤسسات إعلامية عملاقة فالولايات المتحدة تتحكم بحوالي 80 بالمائة من الصور المبثوثة في العالم، وداخل الاتحاد الأوروبي تمثل نسبة الأفلام الأميركية المعروضة 75 في المائة مما يعرض في دور 53 فى المائة من المواد المقدمة في قنوات التلفزيون الأوروبية البالغ العرض، فيما نجد عددها حوالي خمسين قناة، غير القنوات المشفرة، هي مواد أميركية أيضاً، كما تهيمن على قطاع الأخبار والمعلومات المتداولة، فالاسوشيتد برس الأميركية تزود بالأنباء والصور ما يناهز 1600 صحيفة يومية و5900 محطة للراديو والتلفزيون في مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى أن 90 في المائة من مواقع شبكة الانترنت هي مواقع أميركية، كل هذه العوامل تسهم في تعميم وتسويق الأفكار الأميركية، بل تنشر بنشاط النموذج الأميركي لنمط العيش في مختلف أنحاء العالم إذن ثمة مربع ذهبي تلعب الهيمنة الأميركية ومشروعها الإمبراطوري لعبتها بين أضلاعه وهو: الإنجيليون الجدد، المحافظون الجدد، التحالف الصناعي العسكري، الإعلام المعولم، وهو مربع يبدأ بالترويج الأيديولوجي ثم برسم السياسيات والبرامج ووضعها موضع التنفيذ عبر تكامل المصالح بين الرأسمالية الأميركية المتوحشة وصناعة السلاح والسيطرة على مصادر الطاقة، يغطي كل ذلك قدرة إعلامية عابرة للقارات قادرة على اختراق العقول والترويج للمشاريع العدوانية الجديدة. كنوع من تسييد الاستعمار الفكرى الأمريكى الصهيونى.

وتهيمن الولايات المتحدة على السياسة الدولية بشكل مطلق. إنها تراقب الأزمات في كل العالم، لأن لها مصالح في كل القارات، وتعتبر الوحيدة القادرة على التحرك في العالم وفى كافة الأرجاء المعمورة والخربة ودون استثناء وهي التي تحدد اختيارات وسير العالم من خلال هيمنتها على هيئة الأمم المتحدة ، ومجموعة الدول السبع الأكثر تصنيعا ، وصندوق النقد الدولي ، والمنظمة العالمية للتجارة ، ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي ، ومنظمة حلف شمال الأطلسي، إلخ..

وبما أن هيمنة إمبراطورية معينة في عالمنا المعاصر، لم تعد تقاس بإمكانياتها العسكرية والدبلوماسية فقط، فقد حرصت الولايات المتحدة على أن تكون الأكثر تفوقا في المجال العلمي و بالتالي تمتص من العالم أجمع عشرات الآلاف من الأدمغة من طلبة وباحثين وحاملي الشهادات، الذين يحلون كل سنة بجامعاتها ومختبراتها ومقاولاتها. مما سمح لها خلال السنوات الأخيرة بالحصول على 19 جائزة نوبل من أصل 26 في الفيزياء، و17 من أصل 24 في الطب و 13 من أصل 22 في الكيمياء.

وتمارس الولايات المتحدة هيمنة مطلقة على الشبكات الاقتصادية. فلقد بلغ إنتاجها الداخلي الخام سنة 1999 : (8683,4 مليار دولار ) يعادل 6 مرات إنتاج فرنسا (1346,6 مليار دولار ) ويظل الدولار العملة الأولى، حيث تمر عبرها 83 % من مبادلات العملة الصعبة. وتمثل بورصة نيويورك مقياس التقلبات المالية العالمية وأي تعثر لها يحدث الفزع في العالم أما القوة الضاربة لصناديق المعاش الأمريكية ـ التي تمثل غولا مهيمنا على الأسواق المالية ـ فتخيف كل الفاعلين في الميدان الاقتصادي العالمي.
وتعتبر أمريكا أول قوة في ميدان المعلومات إنها تتحكم في الاختراعات التكنولوجية الجديدة، وفي الصناعات الرقمية(المادية واللامادية) من كل نوع.. الامتدادات والإسقاطات إنها بلاد المواقع، والطرق السريعة للمعلومات و”الاقتصاد الجديد” والعمالقة ميكروسوفت، إ.ب.م، إنتل وأبطال الإنترنت ياهو ـ أمازون ـ أمريكا أونلاين.

فلماذا لا تثير هذه الهيمنة العسكرية والدبلوماسية والتكنولوجية المطلقة، مزيدا من النقد أو المقاومة ؟ لأن أمريكا تمارس علاوة على ذلك الاستعمار الفكرى من هيمنة ثقافية وإيديولوجية تتوفر على نخب ومثقفين كبار يُجمع الكل على احترامهم، وعلى أعداد هائلة من المبدعين في مختلف المجالات الفنية الذين يبهرون وعن جدارة في كل مكان وتمتلك كذلك التحكم في الرمزية الذي تمكنها من “الهيمنة الآسرة”.

في كثير من المجالات تمكنت الولايات المتحدة من التحكم في المصطلحات والمفاهيم والمعاني ، إنها تضطر الآخرين للتعبير عن المشاكل التي تحدثها باللغة التي تقترحها هي، وتنتج الرموز التي تمكن من فك الألغاز التي تفرضها وتتوفر لهذا الغرض على كم هائل من معاهد البحث ومن صناديق الأفكار think tanks ( دبابات الفكر( التي تشغل الآلاف من الخبراء والمحللين، الذين ينتجون معلومات حول قضايا قانونية و اجتماعية و اقتصادية في اتجاه يخدم أطروحات الليبرالية الجديدة، و العولمة وأوساط الأعمال، ويتم نشر وإشهار أعمالهم التي تحظى بدعم مالي هائل ، على امتداد العالم.

ومصانع وصناديق الإقناع هذه مستعدة لتحمل التكاليف الباهظة ، فتستدعي لندواتها ومؤتمراتها، الصحفيين والأساتذة والموظفين والمسيرين الذين تمتلىء جيوبهم وحساباتهم البنكية بالدولارات الأمريكية وهم يحملون ما تنتجه من أفكار إلى العالم أجمع.

وهكذا وباعتمادها على سلطة الإعلام والتكنولوجيا تقيم الولايات المتحدة، مع التواطؤ المستسلم للخاضعين ، ما يمكن تسميته بالقهر اللطيف أو الاستبداد اللذيذ وخاصة عندما يضاف إلى هذه السلطة التحكم في الصناعات الثقافية والهيمنة على مخيالنا ـ وعلى سبيل المثال تنشرصور الشذوذ والعرى والخيانة فى الأفلام الأمريكية المصدرة إلى العالم الفقير فى حين قلب المجتمع الأمريكى أصوليا يرفض ذلك تماما بل ويحاصر الشواذ ويرفض التعامل معهم ، وذلك لتسييد هذا النموذج فى هذه المجتمعات .
حيث يتم إحتلال أحلام جموع غفيرة من أبناء الدول النامية والمتخلفة بالأبطال الذين يصنعهم الإعلام الأمريكى والغربى فبينما لا تشتري إلا 1 % من الأفلام الأجنبية، فإنها تغرق العالم بإنتاج هوليود من سينما وفيديو وغيرها ، هذا دون الحديث عن ما تنتجه من نماذج في مجال الغناء واللباس والعمران أو الأكل.

ويرافق هذا كله خطاب جذاب يتحدث عن حرية الاختيار واستقلالية المستهلك، وحضور جنوني للإعلان ( تخصص في الولايات المتحدة 200 مليار دولار للإعلان في السنة) الذي يشمل الرموز والمستهلكات المادية ، ولقد وصل فن التجارة إلى درجة من الكفاءة، أصبح يطمح معها إلى تسويق ليس نوع معين أو علامة معينة، ولكن هوية؛ وليس علامة اجتماعية معينة ولكن شخصية؛ حسب مبدأ ربط الشخصية بما تملك.

ولقد أصبح من الملح تذكر ما أنذر به ألدو هوكسلي Aldous Huxley سنة 1931 حين قال: ” في مرحلة التكنولوجيا المتقدمة، إن الذي سيشكل الخطر الأكبر على الأفكار والثقافة والعقول، لن يأتي من خصم يثير الفزع والكراهية بقدر ما ستأتي من عدو بشوش.

 

لمطالعة المقال الأول في السلسلة من هنا: الواقع العالمي

ولمطالعة المقال الثاني من هنا: المعطيات الجديدة في هذا الكوكب

ولمطالعة المقال الثالث من هنا: تحطيم المقاومة ضد أية هيمنة غربية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة