تدنيس القرآن الكريم.. محطات سوداء خطّها الغرب بمداد التطرف

الساعة 2522 أبريل 2019آخر تحديث :
تدنيس القرآن الكريم.. محطات سوداء خطّها الغرب بمداد التطرف

المحتويات

تدنيس القرآن الكريم.. محطات سوداء خطّها الغرب بمداد التطرف

بينما تواصل الدانمارك التربع على عرش مؤشر السعادة العالمي، لا يتوانى غلاة هذا البلد الإسكندنافي، الذي يفتخر بتميز نموذجه التنموي والاقتصادي وتبوئه مرتبة الصفوة في الالتزام بمعايير حقوق الإنسان، في بث الحزن والغضب في قلوب الملايين من مسلمي العالم.

ففي غفلة من عالم إسلامي منهمك، إلا ما نذر، في صراعات داخلية وأزمات سياسية واقتصادية لا تكاد تجد للحل سبيلا، يعود هذا البلد الأوروبي مجددا ليسرق الأضواء من خلال إساءة هي الثانية من نوعها في تاريخه الحديث لرموز الإسلام ومقدساته.

فقد أقدم رئيس حزب “النهج الصلب” الدانماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان يوم 14 أبريل/نيسان الجاري على العبث بنسخ من القرآن الكريم ورميها في الهواء، تحت مرآى ومسمع الشرطة التي كلفت بحمايته في حي “نوربرو” -الذي يقطنه عدد كبير من المسلمين والمهاجرين- وسط العاصمة كوبنهاغن.

تصريحات عنصرية

وكان بالودان، الذي تلقى مؤخرا حكما بالسجن النافذ لأسبوعين بسبب تصريحات عنصرية، قد أقدم يوم 22 مارس/آذار الماضي على حرق نسخة من مصحف القرآن الكريم أمام حشد من المصلين خلال أدائهم صلاة الجمعة أمام مبنى البرلمان تعبيرا عن تنديدهم بمجزرة المسجدين فى نيوزيلندا.

وتعيد هاتان الحادثتان إلى الأذهان ما جرى في البلد ذاته عام 2005 حين قام رسام كاريكاتير دانماركي بنشر رسوم مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في كتاب موجه للأطفال، فنشرت صحيفة “يولاندس بوستن” المحلية 12 رسما منها يوم 30 سبتمبر/أيلول من العام ذاته.

وبعدها بأيام، أعادت مجلة “مغازينا” النرويجية نشر الرسوم، مما تسبب في موجة غضب ومواجهات في أرجاء العالم الإسلامي، حيث حرق محتجون سفارات وقنصليات دانماركية ونرويجية وقاطعوا بضائع الدانمارك، مما كلفها خسارة 8 مليارات دولار خلال سبعة أيام فقط من تاريخ نشر الرسوم.

الحادث الاستفزازي الجديد تسبب في اضطرابات بمناطق عدة من كوبنهاغن، حيث قام شباب غاضبون بإلقاء الحجارة على أنصار حزب “النهج الصلب” وسط العاصمة، وأشعلوا النيران في الحاويات، في حين استخدمت قوات الشرطة الغاز المدمع لتفريقهم.

كما أعلنت السلطات الأمنية الاثنين الماضي إيقاف 23 شخصًا للاشتباه في ضلوعهم في عشرات الحرائق المتعمدة للسيارات في حي نوربرو.
ازدراء المعتقدات
ونظمت 24 من منظمات المجتمع المدني، أبرزها الوقف الديني التركي الدانماركي والجمعية الإسلامية الدانماركية واتحاد الديمقراطيين الدوليين، الجمعة الماضية مسيرة احتجاجية سلمية تنديدا بحادثي التدنيس والحرق.

وحمل المحتجون، الذين ساروا على مسافة كيلومترات باتجاه ميدان بلدية كوبنهاغن وسط العاصمة، مصاحف مرددين هتافات تنادي باحترام القرآن الكريم وكافة الكتب المقدسة.

ودعمًا للمسيرة، جمعت منظمات عدة للمجتمع المدني توقيعات لحظر إهانة الكتب المقدسة في الدانمارك، ولإعادة العمل بقانون “ازدراء المعتقدات” الذي جرى وقف العمل به في البلاد قبل نحو عامين.

الدنمارك

انتقادات واسعة

وقد خلّف حادث التدنيس الجديد انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي التي عجت بمئات التعليقات الغاضبة.

فقد عبّر شيخ الأزهر أحمد الطيب في سلسلة تغريدات على حساب “مجلس حكماء المسلمين” الذي يرأسه، عن رفضه لحادث تدنيس وحرق مصحف القرآن الكريم وسط العاصمة الدانماركية، واصفا الحادث بأنه “عمل مشين”.

وغرد الطيب قائلا “القرآن الكريم هو كتاب الله، ولا نقبل المساس به بأي شكل من الأشكال”.
أما مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية، فاعتبر في بيان له أن “الحادثة تعد الثانية في الدانمارك، بعد أقل من شهرين بعد الحادثة الأولى التي وقعت في مارس/آذار الماضي، ومن الشخص نفسه”.

وأضاف المرصد أن هذا الأمر “يشير إلى حالة من التطور النوعي للعنف شديد الخطورة تجاه المسلمين ومقدساتهم هناك، ومحاولة خلق الفوضى داخل المجتمع الدانماركي”.

في حين اعتبر مغردون أن ما حصل لا علاقة له بحرية التعبير، داعين الدول العربية والإسلامية إلى عدم الوقوف موقف المتفرج، وإلى مقاطعة الدانمارك سياسيا واقتصاديا.

الاسلامو فوبيا

حوادث مشابهة

ويعيد حادث الإساءة للقرآن الكريم في الدانمارك إلى الأذهان مجموعة من الحوادث المشابهة التي سخرت من مقدسات المسلمين واستهزأت برموزهم، وبشكل خاص المصحف الشريف.

فقد سجلت أولى هذه الإساءات في العام 2004 حيث أنتج المخرج الهولندي ثيو فان غوخ، بمساعدة الكاتبة والناشطة السياسية ذات الأصول الصومالية إيان هيرسي علي، فيلما تحت عنوان “الخنوع” عما سمياه “اضطهاد المرأة” في الإسلام.

وتضمن الفيلم صورا لامرأة سمراء عارية الظهر وعليها خطوط بنية وحمرٌ غامقة تصويرا لآثار الجلد وعليها آيات قرآنية من سورة النور.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من السنة نفسها، قتل شاب مغربي يدعى محمد بويري المخرج الهولندي وسط الشارع بطلقات رصاص وطعنات سكين انتقاما للقرآن، ثم سلّم نفسه إلى الشرطة، في حين منحت الولايات المتحدة حق اللجوء السياسي لهيرسي علي رغم كونها عضوا بالبرلمان الهولندي آنذاك.وبعد مقتله صديقه فان غوخ، شكّل السياسي الهولندي خيرت فيلدرز حزبا سياسيا في 2006 جمع حوله كل من يعادي المسلمين، وطلب بصورة علنية حظر القرآن في هولندا، كما دعا المسلمين مرارا إلى “تمزيق نصف القرآن إذا أرادوا البقاء” داخل البلاد، ووصف القرآن الكريم علنا بأنه كتاب فاشي، مشبها إياه بكتاب “كفاحي” لأدولف هتلر.

في العام 2005، تواترت روايات على لسان معتقلين سابقين في سجن غوانتانامو بأن محققين داخل هذا المعتقل السيئ الصيت كانوا يأمرون كلابا مدربة للجلوس على المصحف الكريم أثناء استجواب بعض السجناء، خاصة من طلب منهم إدارة السجن بأن تزوده بمصحف! كما نقلت روايات عن التبول على نسخ من المصحف الشريف ورمي بعضها في المراحيض كنوع من أساليب التعذيب النفسي للمعتقلين.

احتجاجات

وفي العام 2008 ظهرت للعلن بعد الغزو الأميركي للعراق صور لمصاحف رسمت عليها صلبان أو مصابة بطلقات نارية بعدما تحوّلت لهدف للرماية من قبل جنود أميركيين، الأمر الذي استدعى آنذاك اعتذارا رسميا من حكومة جورج بوش الابن.

في 2008 أيضا، عاد المتطرف الهولندي خيرت فيلدرز مجددا للواجهة، حيث أنتج فيلما سماه “الفتنة”، هاجم فيه الإسلام والقرآن، وحذر فيه أوروبا عموما وهولندا خصوصا من مستقبل سيهيمن فيه المسلمون على كامل القارة.

وقرر بعدها حرق المصحف الشريف علنا، مما أثار حفيظة ساسة البلد حيث قام كل من رئيس الحكومة ووزير العدل ووزير الخارجية الهولنديين آنذاك بمناقشته في التلفزيون لثنيه عن فعلته، لكن فيلدرز أبى أن يذعن فقرر حرق المصحف سرا، وصوّر ونشر فعلته. وعندما قدم للاستجواب أظهر الصورة على حقيقتها وتبين أن الذي حرقه كان نسخة من دليل هاتف، وأن هدفه فقط كان إثارة الغضب واستفزاز مشاعر المسلمين.

في العام 2010 ظهر ملحد أسترالي يدعى إليكس ستيوارت على شريط فيديو في يوتيوب وهو يدخن صفحات قال إنها لكل من الإنجيل والقرآن. وظهر وقد لفّ صفحة من الإنجيل على شكل سيجارة وأشعلها واستنشق دخانها وقال هازئا “ما أقدسه”!

وفي فبراير/شباط 2012، قام جنود أميركيون في أفغانستان بحرق مصحف للقرآن الكريم في قاعدة بغرام الجوية في كابل، مما تسبب في موجة عارمة من الغضب. ورغم الاعتذار والإدانة الأميركية “بأشد العبارات” لحادث الحرق، فإن ذلك لم ينجح في تهدئة الخواطر حيث أسفرت الاحتجاجات داخل أفغانستان عن مقتل العشرات بينهم جنود أميركيون.

وفي العام 2013 دعا قسيس أميركي بولاية فلوريدا يدعى تيري جونز، إلى إحياء ما أسماه “اليوم العالمي لحرق القرآن” تزامنا مع ذكرى أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، فقرر القس بهذه المناسبة أن يحرق حوالي 3 آلاف نسخة من المصحف في ساحة كنيسته، لكنه وأمام الضغط المتزايد داخل الولايات المتحدة وخارجها قرر العدول عن فعلته.

المصدر: الجزيرة نتغ

موضوعات تهمك:

هل نقل علماء السعودية الكعبة إلى البتراء؟

محاكم التفتيش ودور المنظمات التنصيرية في تأجيج المنطقة

تجارة البركة في الكنيسة

الأنظمة العربية تشجع الاسلاموفوبيا حول العالم

المحنة المنسية.. 30 قانونا ترغم المسلمين الإيغور على الردة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة