بين العام 2018 والعام 2019: تحديات جديدة

محرر الرأي7 يناير 2019آخر تحديث :
احتجاجات في الأردن
أرشيفية

بين العام 2018 والعام 2019: تحديات جديدة

  • العام الجديد يحمل الكثير ويعكس بداية عودة حراكات الشعوب.
  • لن يكون 2019 عام انتقال ديمقراطي ولا مصالحات بين الدول والشعوب والأجنحة الحاكمة والمعارضة.
  • منذ 2016 ساهم ترامب في فوضى النظام الدولي بينما تلاحقه القضايا والتحقيقات.

 

بقلم: شفيق ناظم الغبرا

نستقبل العام الجديد بينما نحمل معنا جروحا نازفة من 2018. ودعنا عاما طغت عليه نزاعات بينما نستقبل عاما جديدا يتضمن استمرارا لها وبداية لغيرها، كما ودعنا في نهاية العام حراكا كبيرا في السودان واذا بنا نستقبل الحراك ذاته.

لن يكون 2019 عام الانتقال الديمقراطي ولا عصر المصالحات بين الدول والشعوب والأجنحة الحاكمة والمعارضة. إذ لازلنا في عصر الخوف من المجهول.

لكن العام الجديد هو ايضا عام للحراكات الإنسانية الاجتماعية المطلبية كما وقع في فرنسا وأوروبا وكما حصل في الولايات المتحدة مع عدد من التحركات الشعبية الكبرى التي يحركها الرأي العام ودوره الكبير.

كما وتعكس حادثة اغتيال جمال خاشقجي ذلك الدور المتنامي للرأي العام والقيم التي يحملها حول الحرية والحقوق. عام 2019 سيشهد استمرار دور الرأي العام ودور الإعلام المفتوح في تحريك الناس نحو قضايا مفصلية.

سيكون العرب في العام 2019، كما كانوا في العام 2018، مادة للصراع بين قوى عدة تعتقد أنها قادرة على إغلاق الفراغات الناشئة عن الانهيارات التي سببها وصول أجزاء رئيسية من النظام العربي المتكلس والجامد لمرحلة الأزمة. إذ تعتقد روسيا على سبيل المثال كما وتركيا وإيران أن لدى كل منها فرصا لملء الفراغات.

وهذا يعني أن السباق مستمر بين قوى عدة، خاصة في ظل بعض الانسحابات الأمريكية. لكن تركيا مرشحة في العام 2019 لتقدم نسبي بعد إعادة تنظيم علاقتها مع الولايات المتحدة وبعد التقدم الذي حققته بفضل موقفها في قضية جمال خاشقجي كما وموقفها تجاه القضية الفلسطينية وقضايا التغيير في العالم العربي.

في 2019 العراق سينتقل من مخاض لمخاض خاصة وأن علاقته بإيران كما وبالولايات المتحدة وعلاقته بالمذاهب والقوميات التي تشكله تسبب له عدم استقرار.

وستبقى ليبيا في نزاع يؤدي لنزاع، وتونس ستحاول الصمود في ظل حكومة ديمقراطية منتخبة، بينما ستستمر الكويت محاولة حماية أمنها والاتفاق على طريقة لحل صائب لكل ما نتج عن حراك 2011.

أما قطر فستستمر في سياسة حمت حدودها واستقلالها، بينما إيران ستستمر في نزاع حول النووي وحول الاقتصاد والعقوبات، وتركيا مستمرة في خشيتها من الانقلاب الذي أثر عليها ومن الملف الكردي.

أما السعودية ودولة الإمارات فستحاولان ملء فراغ قائم من خلال دعم النظام العربي القديم بكل تناقضاته.

لكن حرب اليمن هي الأخرى قد تكون في طريقها للانتهاء، فالأزمة اليمنية مستمرة بسبب غياب خطط إعادة البناء واسس الوحدة بين الجنوب والشمال كما وعناصر العدالة بين الشعب ومكوناته.

سيكون العرب في العام 2019، كما كانوا في العام 2018، مادة للصراع بين قوى عدة تعتقد أنها قادرة على إغلاق الفراغات الناشئة عن الانهيارات التي سببها وصول أجزاء رئيسية من النظام العربي المتكلس والجامد لمرحلة الأزمة.

وتزداد الصراعات حدة في العام 2019 بسبب عوامل دولية، أهمها مرتبط بطبيعة النظام الكوني الذي يسقط كل يوم في امتحان المرجعية السياسية والقانونية. فقد تراجعت المرجعية الأمريكية بفضل ترامب وسياساته، فحتى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والكثير من المؤسسات الدولية تعاني من حالة جمود.

لهذه الفوضى أسباب كثيرة بدأت مع وصول الرئيس ترامب لسدة الرئاسة في الولايات المتحدة، فمنذ 2016 ساهم في فوضى النظام الدولي، بينما تلاحقه القضايا والتحقيقات.

في العام 2019 سيواجه ترامب مجلس نواب ديمقراطيا يبدأ عمله اليوم، وسيواجه أيضا مجلس شيوخ أصبح يخشى من استمرار حكمه. القضايا المرفوعة على الرئيس جدية وستترك أكبر الاثر على الادارة الأمريكية في العام 2019.

وسيكون مصير القضية الفلسطينية في العام 2019 على المحك، فمع اتضاح فشل صفقة القرن وتراجع قدرة القوى الداعمة لها خاصة فريق ترامب كوشنر ستجد إسرائيل أن مأزقها يزداد عمقا.

بنفس الوقت يرتفع منسوب المقاومة في القدس الشرقية كما وفي الضفة الغربية بينما تنتظر إسرائيل انتخابات جديدة في نيسان/ابريل المقبل. الأزمات مقبلة في المسألة الفلسطينية كما وروح المقاومة مستمرة ومتصاعدة.

أما على جبهة الصراع السوري، فلا الحرب انتهت ولا النظام ثبت وضعه، فنسبة السوريين المهجرين بالملايين، وعلى النظام التعامل مع نتائج قتل مئات الألوف من السوريين، ونتائج تهجير الملايين، على النظام أن يتعامل مع اقتصاد دمرته الحرب وشعب إعتاد على المقاومة والمواجهة.

إن عودة سوريا في ظل منطق مفاده أن طرفا انتصر والأطراف الأخرى لم تنتصر لن يجلب الاستقرار. لو درسنا الوضع العراقي بعد 2003 سنكتشف كما من الأزمات ينتظر سوريا إن لم تسع للإصلاح وتغير سياسات النظام السياسي في ظل بناء حالة دستورية جديدة.

فالاستقرار السوري سيتطلب التعامل مع المطالب الأساسية للثورة السورية كالحرية والعدالة واحترام الأغلبية وبناء التوافق السياسي. هذا سيتطلب إصلاحا سياسيا جادا.

لكن من جهة أخرى نجد أن تناقض الدور التركي والإيراني والروسي في ظل الانسحاب الأمريكي لن تكون عوامل مفيدة للاستقرار. في ظل غياب التوازن ستستمر الأزمة السورية بأشكال مختلفة لن يكون العنف إلا أحد تعبيراتها.

العام 2019 هو عام عودة الدفء للحراك العربي الشعبي، البعض سيقول هذه مقدمات الربيع العربي الجديد، لكن الواضح من خلال حراك السودان، وبعض الحراكات في الأردن أن العرب وصلوا للحافة.

العام 2019 يحمل الكثير ويعكس بداية عودة حراكات الشعوب.

* د. شفيق ناظم الغبرا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت

 

المصدر: القدس العربي

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة