اليمن بين قوتين طامعتين وحكومة بلا سلطان

محمود زين الدين16 نوفمبر 2018آخر تحديث :
اليمن بين قوتين طامعتين وحكومة بلا سلطان

اليمن بين قوتين طامعتين وحكومة بلا سلطان

  • تبحث أبوظبي عن تمدد جغرافي وهيمنة على الموانئ البحرية اليمنية والثروة السمكية
  • الرياض وأبوظبي يتسابقان على تحقيق مكاسب جغرافية ومواقع إستراتيجية في اليمن.
  • ستواجه السعودية قلاقل سياسية وقبلية وأمنية ولن يستقر بها الحال فاليمني يختلف عن كثير من العرب!

 

بقلم: محمد صالح المسفر

اليمن يعيش أسوأ حياة في تاريخه المجيد، رئيس الدولة عبد ربه منصور هادي الذي يجري القتال على صعيد اليمن باسمه ومن أجله، لا يعلم عن سير العمليات العسكرية، سواء في الحديدة أو شمال اليمن أو تعز أو ما يجري داخل عدن ومحيطها.

وهو اليوم معتل الصحة طبيا وسياسيا، إنه لا حول له ولا قوة في اليمن، وتعييناته الإدارية والوزارية التي يصدرها من وقت لآخر لا قيمة لها، لأنها صادرة من قوة ثانية خارج اليمن.

ولا جدال عندي بأن السعوديين ارتكبوا خطأ جسيما بتنصيبه رئيسا لليمن واليوم يحصدون ما زرعوا.

*    *    *

اليمن (السعيد) اليوم، تنهشه الأمراض بكل أنواعها ولا علاج لأمراضه في هذه الظروف، ينهشه الفقر المدقع حتى حقوله الزراعية أحرقت، ولم تعد صالحة للزراعة، لتتابع الغارات الجوية من القوتين الخارجيتين المسيطرتين على اليمن وأجوائه، والأمية انتشرت في البلاد بعد إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات وتهديد معظم مبانيها.

وأصبح ما تبقى من تلك المباني معسكرات للقوى اليمنية المتصارعة.

الشعب اليمني الشقيق يستغيث فلا مغيث، الرياض وأبوظبي يتسابقان على تحقيق مكاسب جغرافية ومواقع إستراتيجية في اليمن، السعوديون يريدون منفذا عبر محافظة المهرة يوصلهم إلى البحر العربي مخترقين بذلك سيادة اليمن.

وقد يكونون استولوا على ذلك الممر الحيوي عنوة أو بإرغام الرئيس اليمني (المريض) عبد ربه منصور على توقيع اتفاقية تضمن للسعودية ما أرادت في ذلك الجزء الجغرافي الهام من اليمن.

إلى جانب ذلك تعمل السعودية على عقد اتفاقيات سرية، كما تسرب عبر وسائل الإعلام ومصادر يمنية قوية الاطلاع، مع حكومة عبدربه منصور على ألا تنتج الدولة اليمنية أو تستثمر حقول الغاز والبترول المتاخم للحدود السعودية.

إذا صدقت تلك المعلومات فإن السعودية ستكون في قلاقل سياسية وقبلية وأمنية ولن يستقر بها الحال، فالإنسان اليمني يختلف عن كثير من الشعوب العربية، العرض والأرض والثروة عنده من شرف الإنسان اليمني لا يمكن التنازل عنه أو السماح بانتهاك محارمه الوطنية.

فحذار أن تنزلق الدولة السعودية إلى ذلك المنزلق!

أبو ظبي، هي الأخرى تبحث عن تمدد جغرافي حيوي خارج حدود دولة الإمارات، فهي تعمل على الهيمنة على المواني البحرية اليمنية والثروة السمكية المشهود لها بالجودة التي تنعدم في مياه الإمارات.

وهي تعمل على خلق كوادر عسكرية لتحقيق مبتغاها هناك ولو على حساب كبرياء وسيادة الشعب اليمني العريق، كما أن مشروعها -كما تقول الكثير من الدراسات- تطويق الدولة السعودية من الشرق والجنوب وحتى البحر الأحمر غربا وإضعافها، والنيل من عُمان وإضعاف موانيها البحرية بسيطرة الإمارات على مواني القرن الإفريقي عسكريا بموجب معاهدات مع حكومات تلك الدول.

معلوم أن الإمارات تقيم قواعد عسكرية بحرية في إرتريا بميناء عصب على البحر الأحمر، ووقعت اتفاقية مع سلطات «أرض الصومال»، إقليم أعلن انفصاله عن جمهورية الصومال، لإنشاء قاعدة عسكرية إماراتية بميناء بربرة.

كما وقعت عقدا باسم شركة (موانئ دبي العالمية) لتوسيع ميناء «بوصاصو» في إقليم (بونت الصومالية) المتمتع بالحكم الذاتي، دون التشاور مع الحكومة المركزية في مقديشو عاصمة الصومال.

يقول حسن شيخ علي مستشار الأمن الوطني الصومالي السابق «إن هذه الاستثمارات في الصومال لها آثار ضارة على استقرار الصومال السياسي وتتسبب بتدهور العلاقات بين الحكومة الاتحادية والإقليمين وقد تسبب أزمة دستورية ولن يستفيد منها سوى حركة الشباب (تنظيم القاعدة في الصومال)».

لقد عبر الاتحاد الإفريقي في مايو الماضي عبر سفراء الاتحاد الأوروبي في أوغندا عن قلقهم إزاء التدخل الخارجي في الصومال وخاصة تدخل الإمارات في الشؤون الداخلية للصومال.

إن تلك الأعمال الإماراتية في الصومال جعلت العلاقة مع كل من أوغندا وكينيا متوترة. فقد استدعت حكومة أوغندا في مايو 2018 سفيرها في أبوظبي للتشاور كما دعت الحكومة الكينية أبوظبي إلى ضرورة وقف التدخل في الشؤون الداخلية للصومال لأنه يؤدي إلى الإخلال بأمن القرن الإفريقي بأكمله.

*    *    *

لم يعد اليمن في الواقع السياسي اليوم دولة تتمتع بالاستقلال والسيادة الوطنية المتعارف عليها، فالرئيس اليمني لا يستطيع إصدار أي توجيهات عسكرية أو إدارية، ولا يستطيع التصرف في عائدات الدولة اليمنية ولا يستطيع زيارة أي دولة من دول العالم إلا بموافقة الرياض وأبوظبي.

كما أنه لا يستطيع زيارة عاصمة بلاده الثانية عدن المحررة من الحوثيين وحلفائهم كما يزعمون إلا بموافقة العاصمتين كما أنه لا يمكنه استقبال أي زعيم دولة أجنبية يرغب في زيارة اليمن إلا في الرياض وبموافقة السعودية.

السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، هل اليمن تحت الوصاية السعودية الإماراتية، إن كان ذلك فلتعلن للرأي العالم اليمني والعربي بدلا من القول بأن الحرب في اليمن من أجل استرداد الشرعية، فالشرعية لا سلطان لها في اليمن بأي شكل كان.

آخر القول : اللهم أنقذ اليمن من التفكك والتجزئة، واحمه من الطامعين في السيطرة عليه وإضعافه، وألّف بين قلوب أبنائه جميعا ليتمكنوا من المحافظة على وحدته وسيادته، إنك سميع مجيب.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.

المصدر: الشرق القطرية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة