السودان: مسرحيّات «حميدتي» الجديدة الفاشلة!

محرر الرأي18 يونيو 2019آخر تحديث :
السودان: مسرحيّات «حميدتي» الجديدة الفاشلة!

السودان: مسرحيّات «حميدتي» الجديدة الفاشلة!

  • إذا كان قتل المعتصمين «فخا» فلماذا يهدد «حميدتي» ومجلسه العسكريّ الجماهير بالقتل إذا عادت للاعتصام؟
  • الاستعصاء السياسيّ قاد الجماهير نحو الثورة وما زال موجودا والمجازر لا تصنع الشرعيّة بل تنقضها.
  • القوّة المحركة للجماهير مضطرة لإكمال الصراع ضده وإلا فقدت شرعيتها التي اكتسبتها خلال الثورة.
  • حميدتي مفتاح التحالفات العربية التي تقوم بتغطية سيناريو تلفيق شرعيّة تسمح له باستلام السلطة اسما وفعلا في السودان.
  • قال جميدتي إنه يمتلك «تفويضا شعبيا» وسيقوم بمعاقبة الضباط والجنود الذين نفذوا أوامره بقتل السودانيين… بالإعدام!

* * *
رغم الظهورات الرسميّة لرئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، والتي كان آخرها حضوره الملمّع في قمّة مكّة العربية، فمن الواضح أن الفريق محمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي) هو المحرّك الحقيقي لما يحصل على الأرض.

وحميدتي هو مفتاح التحالفات العربية التي تقوم بتغطية سيناريو تلفيق شرعيّة تسمح له باستلام السلطة اسما وفعلا في السودان.

تمثّل تصريحات «حميدتي» أمس الأحد، نموذجاً مناسباً لفهم العقلية التي يدير بها الجنرال الأمور، وأحد هذه التصريحات اللافتة للنظر كان قوله إن فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في العاصمة الخرطوم كان «فخا» نصب لقوات «الدعم السريع»، التي تتبع له مباشرة، وهذا يشبه قول القاتل إن المقتول أوقعه في فخ قتله!

يتحدّى هذا التصريح الأفهام حقّا، ويدفع السودانيين لطرح أسئلة بسيطة من قبيل: كيف قبلت قوات جيش مسؤوليتها حماية البلاد والعباد بالوقوع في «فخ» تسبب حتى الآن في مقتل 128 متظاهرا سلميّا واغتصاب العشرات من النساء (والرجال)؟

وكيف يقبل شخص على قمّة المسؤولية بالوقوع في هذا الفخ؟ وما هي اللوائح الداخليّة التي تنظّم عمل الجيش في حال أمره رؤساؤه بارتكاب مجزرة ضد الشعب؟ وألا يفترض بقائد قامت قواته بجرائم كبرى أن يتنحّى؟

الجنرال «حميدتي» وجد أجوبة أخرى على هذه الأسئلة، فبدل تنحّيه وتحمّله المسؤولية القانونية والسياسية عن «الفخ» الإجرامي الذي وقع فيه، فقد طلع على الجمهور قائلا إنه يمتلك «تفويضا شعبيا»، وأنه سيقوم بمعاقبة الضباط والجنود الذين نفذوا أوامره بقتل السودانيين… بالإعدام!

المقصود من كل هذه المسرحيّة إذن هو تجميع مزيد من السلطات في يد «حميدتي» والانتقال من إرهاب المدنيين السودانيين إلى إرهاب الضباط الصغار، فمن سيعاقبون، على الأغلب، سيكونون من الضباط الذين ما كانوا متحمّسين لعمليات الإجرام الجماعي أو أبدوا اعتراضا على تنفيذها، أو الضباط غير المحسوبين مباشرة على تيّار الجنرال الطامح للوصول إلى السلطة المطلقة عبر الإرهاب المعمم للسودانيين، والغطاء الإقليمي العربي، ممثلا بالسعودية والإمارات، وإبعاد من يشكّلون وزنا في «المجلس العسكري الانتقالي».

رغم دهاء تاجر الإبل وزعيم عصابات «الجنجويد» الذي ارتقى عبر تحالف ميليشياته مع أجهزة الأمن إلى رتبة الفريق أول، فإن المرور في شبكة التقاطعات السودانية والعربية والعالمية والوصول إلى منصب الزعيم المطلق سيقتضي تفكيك إشكاليات معقدة جدا..

أهمّها الاستعصاء السياسيّ الذي قاد الجماهير نحو الثورة والذي ما زال موجودا، وأن الجنرال فاقد للشرعية (فالمجازر لا تصنع الشرعيّة بل تنقضها)، وأن القوّة المحركة للجماهير، ممثلة بإعلان قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين، مضطرة لإكمال الصراع ضده وإلا فقدت هي أيضا شرعيتها التي اكتسبتها خلال الثورة.

… ثم إذا كان قتل المعتصمين «فخا» فلماذا يهدد «حميدتي» ومجلسه العسكريّ الجماهير بالقتل إذا عادت للاعتصام؟

المصدر | القدس العربي

موضوعات تهمك:

هل يمكن تغيير السلطة سلمياً في بلادنا؟

جدلية «المدني» و«العسكري» و«الديني» عربياً

حراك السودان والجزائر والتحرر من القيود

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة