السعودية في مأزق تاريخي خطير!

الساعة 2510 أكتوبر 2018آخر تحديث :
السعودية في مأزق تاريخي خطير!

السعودية في مأزق تاريخي خطير!

  • لا عاصم لحكام الخليج من الصلف الأمريكي إلا نبذ خلافاتهم ووحدة كلمتهم وتمكين مواطنيهم.
  • ما الذي أوصلنا إلى هذه الحالة من الابتزاز الأمريكي والاحتقار والإهانة والإذلال؟
  • ما حال النظام السياسي في الرياض لو لم تكن الحماية الامريكية؟

بقلم: محمد صالح المسفر

يقول المدافعون عن السعودية في شأن تهديدت الرئيس الأمريكي ترامب وهم على حق ان الابتزاز والاهانة شملتا دولا اخرى كاليابان وكوريا الجنوبية بالاسم، لكنهم تجاهلوا أن الرئيس الامريكي ترامب ذكر كوريا الجنوبية واليابان مرة واحدة!

وراح في كل محفل يقف فيه يردد عبارات تنم عن إهانة الملك سلمان رأس النظام في الدولة السعودية امام شعبه وحلفائه، عندما قال في خطابه في 29 سبتمبر الماضي: “إنني قلت للملك سلمان ربما لن تكون قادرا على الاحتفاظ بطائراتك ، لان السعودية ستتعرض للهجوم، لكن معنا انتم في أمان تام”.

المعروف ان السعودية تملك أقوى سلاح جوي في المنطقة وكله من  صنع أمريكي. السؤال: هل يعلم ترامب بان مواصفات تلك الطائرات الحربية ليست في مستوى التجهيز الكامل الذي يؤهلها لمواجهة الاخطار من قبل اي عدوان؟

هل يعني أن الفساد في اتمام تلك الصفقات قد تم على حساب الكفاءة القتالية والمواصفات العالية لتلك الطائرات، الامر الذي يجعلها تتهاوى في أول مواجهة كما قال؟

لم يكتف الرئيس ترامب بالحديث عن الطائرات الحربية وفاعليتها، لكنه ذهب الى أبعد من ذلك بالقول في الثاني من أكتوبر الحالي وفي محفل انتخابي: “أنا قلت للملك سلمان، هيه HEY! هيه! HEY الملك سلمان!” وهو تعبير احتقاري يقال من إنسان كبير سناً ومقاماً لإنسان أصغر منه.

إنه لا يجوز مخاطبة رؤساء الدول والملوك بتلك اللغة السوقية التي تعبر عن احتقار، واستصغار، واسألوا الملمين بآداب اللغة الانجليزية الصادقين لمن يقال ذلك التعبير (هيه!HEY).

قال: ” قلت للملك سلمان لن تبقى في السلطة لاكثر من اسبوعين دون حماية الجيش الأمريكي”، عليك أن تدفع المزيد من أجل حمايتكم انكم دفعتم 30% فقط من المطلوب.

*    *    *

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي أوصلنا إلى هذه الحالة التي نعيشها، حالة الابتزاز الأمريكي، والاحتقار والاهانة والإذلال؟

ليس عندي شك بان الخلافات البينية بين قادتنا  خاصة في دول الخليج العربية، والسباق إلى واشنطن لاستعداء  بعضنا البعض والتقارير الكاذبة التي كان يقدمها بعض حكام الخليج الى الإدارة الامريكية بهدف استعدائها على دولة قطر وقيادتها السياسية بذرائع كاذبة خاطئة أدت لذلك الانهيار في المكانة.

لا احد ينكر ان هناك خلافات بين قادة المنطقة الخليجية، خلافات كما هي بين جميع دول العالم، لكن ما كان لها ان ترقى الى المستويات التي نعيشها اليوم، محاولات غزو مسلح لدولة قطر، يسبقه اختراق لوسائل الاعلام القطرية (قرصنة وكالة الأنباء القطرية).

ثم حصار شامل، لا لسبب جوهري، بل لأسباب واهية مبنية على غيرة وحسد ونميمة وتزوير وفبركة، وطمع في الثروات الطبيعية التي حبا الله بها شعب قطر، والتجسس على القيادة القطرية ومعها 95 شخصية قطرية وذلك بالتعاون مع إسرائيل.

فشلت محاولة الغزو، واجهضت فكرته نتيجة لحدس قطري وسرعة اتخاذ القرارات التي أدت إلى إفشال المخطط، ولا ادري ما اذا كانت الاربعة مليارات دولار التي طلبها الرئيس الامريكي لشن حملة عسكرية لصالح دول الحصار كان المستهدف قطر أم غير ذلك.

السعودية اليوم في حرب ضروس في اليمن عرفت كيف تبدأها، “عاصفة الحزم”، لكن لم تعرف طريقة لتحقيق الهدف التي أطلقت تلك العاصفة لأجله، وهو ردع الانقلابيين على الشرعية في صنعاء (الحوثي وأنصاره).

ولا تعرف كيف تنتهي هذه الحرب التي شوهت سمعة الدولة السعودية وقدراتها العسكرية داخليا وعربيا وعلى المستوى الدولي رغم وجود كوادر قيادية عسكرية سعودية ذات تأهيل عالي المستوى.

لا شك أن الإدارة السياسية استعدت الكثير من الدول (كندا وألمانيا والسويد وماليزيا وتركيا.. الخ) وحاصرت قطر، وأضعفت بل وساعدت على انهيار منظومة مجلس التعاون الخليجي الذي كان يثير الخوف في قلوب من كان يتربص بأمن الخليج العربي.

لكن حرب اليمن وحصار قطر أسقطا هيبة مجلس التعاون الخليجي وعسكريته ، ولم يعد أحد يعتد به بما في ذلك الدول الاعضاء. السيد الجبير وزير خارجية المملكة السعودية قال في الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها 73 الحالية بوعي أو بدون وعي:

“إن النظام القطري سيسقط في ظرف أسبوع ، لولا قاعدة العديد الأمريكية” وما حال النظام السياسي في الرياض لو لم تكن الحماية الامريكية؟

يقول الرئيس الامريكي صديق الملك سلمان كما يدعي شخصيا: “إن الملك سلمان لن يبقى في السلطة لاكثر من اسبوعين دون دعم الجيش الامريكي للنظام السعودي” أليس قول الجبير سقطة سياسية عند حديثه السلبي عن قطر.

*    *    *

للخروج من هذا المأزق التاريخي الرهيب، والنصيحة الصادقة للقيادة السعودية، واجبة دينيا ووطنيا وقوميا، تلك النصيحة، لكي تستعيد الدولة السعودية زمام المبادرة قبل الطوفان:

إطلاق سراح جميع سجناء الرأي، والسماح بحرية التعبير دون عنف، والكشف عن مصير جمال خاشقجي الصحفي السعودي المعروف بعد اختفائه في القنصلية السعودية في إسطنبول، واعادة الحقوق الى أصحابها والانفتاح على الجبهة الداخلية وتمكينها من المشاركة في صناعة القرارين السياسي والاقتصادي، ومن ثم الانفتاح على الخارج.

واول ذلك الانفتاح رفع الحصار عن دولة قطر، واعادة اللحمة الى مجلس التعاون على اسس تتخطى مراحل الازمات الراهنة والعمل الصادق لرفع الحصار عن غزة بالتعاون مع القيادة المصرية الراهنة.

إن وحدة دول مجلس التعاون في كل المجالات يجب الترفع عن الخلافات البينية غير المجدية واعطاء المواطن حقه في الحرية وعدم التنابز بالالقاب فيما بين حكام الخليج العربي،  هى عوامل طوق النجاة لهذه المنطقة من الصلف الامريكي ومنعه من الابتزاز المفرط والوقح، ومن التعدي على ودائع دول الخليج في الاسواق الامريكية والاستيلاء على الاستثمارات العينية هناك في قادم الايام تحت ذرائع مختلفة.

آخر القول: يا حكام الخليج لا عاصم لكم من الصلف الأمريكي اليوم إلا بنبذ خلافاتكم، ووحدة كلمتكم، ورص صفوفكم، واعطاء القيمة الحقة لمواطنيكم، وإلا فإنكم ستكونون من الخاسرين.

  • د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.

المصدر: «الشرق» القطرية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة