الدماء تشهد على التاريخ الأوربى والهندوسي

أحمد عزت سليم6 نوفمبر 2019آخر تحديث :
الدماء تشهد على التاريخ الأوربى

الدماء تشهد على التاريخ الأوربى والهندوسي

الأصولية كما هي فى الأساس الفكري مصطلح أو صفة أو تصورات  لماهية شخص أو تيار أو حزب أو فئة أو جماعة تؤمن بمعتقدات ذات أبعاد تاريخية لها طابعها وآلياتها وفاعلياتها الدينية المقدسة وانتقلت من مجرد حالة التصورات والنظرية إلى مجال التطبيق فى الواقع لتنبنى عليها حياة الأفراد والمجتمعات  ، ولتستهدف أدلجة وتنميط المصالح الطبقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية بالاستنساخ الحرفى والعودة والارتداد والرجوع والانحيازالمطلق إلى تلك الأصول والمنبع الحقيقي بما تمثله من نصوص مقدسة وأفكار ومعتقدات وشعائر وسلوكيات وممارسات، والتمسك والالتزام بآلياتها كمنهج شمولى للحياة وعلى اعتبار امتلاك الحقيقة والمعرفة وبالتالى امتلاك الحق فى التطهير والتقريب والإقصاء والتحليل والتحريم والعفو والقتل والمحو، فإن الأصولية قد اكتسبت ماهيتها التى تميزت بالتحجر والجمود فى مواجهة التطور الإنسانى والعلمى وعمليات والتحديث المجتمعية وإعمال العقل النقدى ومساءلة المبادىء التى تشكلها المعتقدات، من صراعها الدائم بين المؤسسات والأنظمة والحركات الدينية وبين المؤسسات المجتمعية المدنية وفى مختلف بقاع الأرض.

الصراع القائم بين القائمين على اللاهوت وفاعلياته وآلياته وبين القائمين على الإصلاح المجتمعى بكل فاعلياته وآلياته ، ومنذ بدايات التاريخ من الصراع بين الآلهة والكهنة فى العصور السحيقة، وبينهم وبين الملوك والأمراء، والذى انعكس على حياة الأفراد والمجتمعات واضطهادهم وإلى أقسى درجات الأضطهاد والقتل والقسر والإبعاد والتهجير، ووصولا إلى الصراع فيما بين التيارات الدينية ذاتها ثم بينها وبين قوى المجتمع الاقتصادية والسياسية والطبقية فى أوربا، وبدءا من التمسك بحرفية النصوص التوراتية وكأساس للمسيحية والسعى للتحررمن هذا التمسك.

وما شهده التاريخ الأوربى من حروب دينية بدأت من الاختلافات الجوهرية التى تمس قواعد المعتقد، حيث الاختلاف في طبيعته المسيح ومشيئته، والروح القدس وقانون الايمان والأعمال، وفي الممارسات الإيمانية، وفي الكتاب المقدس، وفي أسرار الكنيسة السبعة، وعلى الأخص في سر المعمودية والميرون والتناول ، كما اختلفت الفرق في الزواج والطلاق والكهنوت ومريم والشفاعة والصوم واليوم المقدس، والصلاة والحكم على الإيمان. …. واشتعال الخلاف بين المؤيدين والمعارضين فى حروب التفسير والتأويل إلى درجات التفجر وصولا إلى الصراح والمذابح وعلى سبيل المثال  حروب فرنسا الدينية التي استمرت زهاء أربعين عاما متتالية خلال القرن السادس عشر وكان من  نتائجها “مذبحة ” سانت بارتليميو ” في 24 أغسطس عام 1572 حيث أنقض الكاثوليك بمباركة البابا “جريجوري الثالث عشر” على البروتستانت أثناء إحدى الأعياد، وذبحوا منهم عشرات الآلاف , وشنقوا العديد على أغصان الشجر وتحدد مصادر البروتستانت عدد القتلى في هذه المذبحة 230 ألف قتيل وحروب ايرلندا التي حدثت نتيجة لفرض المذهب البروتستانتي واستمرت الحروب بين الكاثوليك والبروتستانت حتى القرن الثامن عشر ولا تزال أثار العنف تظهر بين الحين والآخر. حرب الثلاثين عاما ” الدينية بين البروتستانت والكاثوليك في ألمانيا من ( 1618- 1648 ) التي تعدى ضحاياها الملايين.

الحرب الأهلية في أسبانيا ( 1936-1939 ) تعد من أخر الحروب التي نشأت بين الكاثوليك والبروتستانت وقد بلغ عدد القتلى فيها 2 مليون شخص “وقد شملت هذه الحروب النمسا، هولندا، إنكلترا، اسكتلندا، والدنمارك، وسويسرا ، وفى بوهيميا التى انطلقت الشرارة منها و”اشعلت الحرب عندما أمر رئيس أساقفة براغ بتحطيم كنيسة بروتستانتية”.

ولجأ الناس وهم غاضبون إلى الإمبراطور ماتياس الذي تجاهل احتجاجهم . فانتفض البروتستانت ثائرين، وتعرف تلك الحادثة التي حددت البداية الفعلية لحرب الثلاثين عامًا، في التاريخ القذف من النافذة في براغ . وكانت هي عادة قديمة لدى الناس في بوهيميا لمعاقبة الموظفين المذنبين بقذفهم من النافذة  وقد عاقب البروتستانت الثائرون اثنين من وزراء حاكمهم بهذه الطريقة. وقد بدأت الحرب الأهلية في بوهيميا وانتشرت في جميع أنحاء غربي أوروبا . وكان الأثر الرئيسي لما عرف  حرب الثلاثين عاما الدينية فى اوربا والتي استخدمت فيها جيوش مرتزقة على نطاق واسع ، تدمير مناطق بأكملها تركت جرداء من نهب الجيوش.

وانتشرت خلالها المجاعات والأمراض وهلاك العديد من سكان الولايات الألمانية وبشكل أقل حدة الأراضي المنخفضة وإيطاليا ، بينما أُفقرت العديد من القوى المتورطة في الصراع ”  ( طلعت خيرى : ـــ الحوار المتمدن ـ العدد 3886 ــ )  ، وهذا ما يماثل ماعرفته وشهدته الأديان الأخرى كالهندوسية ووقد أدى تبنى الأفكار الأصولية الهندوسية إلى تصاعد النفوذ الاجتماعى لمجموعة ” سانق باريفار ” الني نفذت عمليات منظمة هدفت الى انتهاك حقوق الانسان ضد الاقليات المسيحية والمسلمة ، ولم تستهدف الافراد فقط ، بل استهدفت ممتلكاتهم ومؤسساتهم ايضا ، وتعرض المسلمون خاصة إلى مجازر تحديدا في بدايات القرن الماضي وما تلا ذلك من سقوط اكثر من مليون مسلم على يد الاصوليين الهندوس اضافة للدمار الاقتصادي الذي لحق بهم ليقود ذلك الى قيام دولة باكستان عام  1947.

وينظر أنصار منظمة ” أر أس ” إلى المسلمين كغزاة احتلوا بلادهم ودمروا معابدهم ومن ثم يجب اعادة المسلمين الهنود الى الهندوسية أو التخلص منهم بالقائهم في البحر أو إبعادهم إلى باكستان. لقد تحولت هذه الافكار الى برامج سياسية لحزب بهارتيا جناتا وروج لها زعيمه لال ادفاني ورفاقه من قادة الحزب وسط المجتمع الهندي واستقطب الآلاف الذين قادهم في مسيرة بلغت عدة آلاف من الكيلومترات لهدم مسجد بابري بدعوى بنائه على معبد آلهة الهندوس: “راما ” في 6/12/1992   كان تدمير مسجد بابري مؤشرا لدخول الهند مرحلة جديدة خطرة أسس لها اليمينيون المتطرفون الهندوس، وأحرق المسجد وتسبب في وقوع أحداث عنف طائفي راح ضحيتها عشرات الآلاف وجاء اصرار الهندوس من اتباع حزب فيشط هندو باريشاد الاصولي وهو بمثابة مؤتمر هندوسي عالمي، وجماعة شيف سينا ومنظمة ما هاسبها على الشروع في بناء المعبد رمزا لأنتصار الأصولية الهندوسية والتى ازدادت عنفا  بعد تولي حزب بهاراتيا جاناتا الحكم وكان من نتاجها أيضا حرق مسجد كستوار في ولاية كشمير في كانون الثاني 2001، ويسعى الاصوليين الهندوس ببناء دولة الهندوس الكبرى ليس فقط في جنوب اسيا بل أيضا في شرق وغرب آسيا خاصة في العالم العربي اذ تقول الاسطورة الهندية أن الأمبراطورية الهندوسية كانت تمتد ذات يوم في سنغافورة في الشرق الى نهر الشيل مرورا بشبه الجزيرة العربية، وأنه يتعين على جميع المواطنين في الهند أيا كانت ديانتهم اتباع القيم الهندوسية.

موضوعات تهمك:

الشريعة اليهودية

أميركا تخترق دول العالم بالقنابل العملاقة الجديدة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة