الخزاما في الجزائر والفقع في السودان

محرر الرأي19 أبريل 2019آخر تحديث :
الجزائر نموذجاً لحكم العسكر

الخزاما في الجزائر والفقع في السودان

  • تدخل الشعوب مرحلة سكون تشبه الاندثار، ثم تتحرك، لكن حذار من تحركها انقيادًا لمغامرات غير محسوبة.
  • أحيانا كانت سرعة الفتوح الإسلامية، وسرعة ثورات الربيع العربي أكبر من أن يكون لها مردود بل ربما انتكاسات مدمرة.
  • عجز الفاتحون عن استيعاب المسلمين الجدد بالقيم والمبادئ الإسلامية الحقة فأصبحوا شعوبيين يحبون الإسلام ويكرهون العرب.

* * *

بقلم | ظافر محمد العجمي

شهدت الكويت هذا العام هطول أمطار بكميات لم تشهدها البلاد منذ عشرين عاماً، حيث وصلت معدلات الهطول فيها خلال 4 ساعات لما يساوي ما يهطل خلال موسم كامل، وفي أواخر شهر مارس 2019، تحولت صحراء الكويت إلى تلال وسهول خضراء مزينة بأزهار النواوير الصفراء.

وفي منطقة «الرتقة» الصحراوية على حدود العراق سمعت من «راعي حلال» كهل ما يشد الانتباه، فقد قال إن مطر هذا العام هو أربعة أضعاف مطر سنة 1996م، لكن ربيع ذلك العام أطيب من ربيع هذا العام.

أما ربيع سنة 1978 فقد كان مطره أقل من أمطار سنة 1996، وأمطار سنة 2019، لكن الربيع كان أطيب، أقررت له أن بداوتي تهمة، معزياً نفسي أن تحضر غيري تهمة أيضاً، وسألته كيف قاس ذلك؟

قال الكهل: هذا العام ظهرت أزهار «النوير» و«الربلة» و«القريص» و«الثندي» و«الزمولوق» وطبعاً شجيرات «العرفج» و«الرمث»، وكلها نباتات سريعة أو متوسطة الانتشار، بمعنى أن القليل من المطر يظهرها، بل إن أزهار «النوير» الصفراء تظهر من رشة مطر واحدة.

لكننا في ربيع 96 و78 شاهدنا نبات «الحميض» و«الخزاما» بل و«الفقع»، وغيرها من نباتات غريبة لم نعرف اسمها، فقد مات الشيبان الذين يعرفونها، وأحياناً نعرف أنها لم تظهر لأنها في ثنايا قصائدهم النبطية لكن لا نعرف شكلها.

غادرت الشايب وأنا في حيرة، كيف أن أمطارنا هذا العام أكثر بأربع مرات من أمطار سنين الحيا السابقة، لكن ربيعنا أقل.

وبين حديث الشايب وأخبار الغليان الشعبي في الجزائر والسودان، تذكرت كلام محمد إقبال 1877-1938 فيلسوف الإسلام وشاعره في الهند، خريج جامعة ميونيخ الألمانية، وجامعة كامبردج البريطانية، حيث شبّه القيم والمبادئ الإسلامية بما يشبه حالة ربيع الكويت!

حيث تحتاج كل نبتة لربيع خاص، وانتظام مقنن في كمية المطر وزمان ومكان هطوله، ليتسنى لبعض النباتات النادرة الخروج من مرحلة سكون تمتد بقدرة الله لمدة تصل إلى 40 عاماً أحياناً، تتحمل أشهر الصيف الحارة وبرد الصحراء القارس انتظاراً لربيعها المناسب.

فقد رد إقبال على بعض منتقدي العالم الإسلامي وخموله واستكانته بالقول: إن مبادئ الحرية والعدالة والكرامة الإسلامية تبقى أجنّة في رحم السياق التاريخي، حتى يسمح لها ذلك السياق بالنمو الطبيعي، فأحياناً – وكما في مطر الكويت الأخير- كانت سرعة الفتوح الإسلامية، وسرعة ثورات الربيع العربي أكبر من أن يكون لها مردود، بل انتكاسات.

ففي الفتوحات كانت هناك سرعة في اكتساب المسلمين، فقد وصل الفتح لمداه في 50 عاماً بفتح الصين والأندلس 711م، لكن رافقه عجز عن استيعاب المسلمين الجدد بحقنهم بالقيم والمبادئ الإسلامية الحقة، فتحولوا إلى شعوبيين يحبون الإسلام ويكرهون العرب، وفي الربيع العربي حدث الشيء نفسه جراء اندفاع الشعب السريع نحو تدمير نفسه بدل النهوض بعد سقوط القذافي وعلي صالح.

تدخل الشعوب في مرحلة سكون تشبه الاندثار، ثم تتحرك، شريطة أن لا يكون تحركها انقيادًا لمغامرين ومغامرات غير محسوبة.

* د. ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج.
المصدر: العرب – الدوحة

موضوعات تهمك:

الجزائر والسودان أو عن التذكير بحقائق السياسة العربية

ملامح الموجة الثانية من «الربيع العربي»

موجة الربيع الجديدة: توقعات واحتمالات

جواسيس متنكرون في ملابس وطنية

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة