الحلم الخليجي الذي هوى

محمود زين الدين11 ديسمبر 2018آخر تحديث :
أمير الكويت

الحلم الخليجي الذي هوى

  • حققت التجربة الخليجية نجاحات، وتبنت فكرة السوق الخليجية المشتركة والمواطنة الاقتصادية.
  • تعثر المشروع الاقتصادي الخليجي وتفكك معه حلم تكتل اقتصادي عربي حقيقي قائم على المصالح.
  • ضاعت فرصة انضمام تجربة الخليج لتجارب حققت نجاحات متميزة انعكست إيجابا على المواطن والاقتصاد.

 

بقلم: مصطفى عبد السلام

كثيرون راهنوا على نجاح تجربة دول مجلس التعاون الخليجي، التي انطلقت في عام 1981، وأن تكون نواة لتعاون اقتصادي عربي حقيقي، وأن تكرر المنطقة العربية تجربة الاتحاد الأوروبي الذي حقق نجاحات اقتصادية ومالية كبيرة توّجت بإصدار العملة الأوروبية الموحدة “اليورو” الذي يعبر عن اقتصاديات 28 دولة.

وفيما كانت تجارب التكامل الاقتصادي العربي الأخرى تتعثر بسبب الخلافات السياسية، كما حدث مع تجربتي مجلس التعاون العربي ودول اتحاد المغرب العربي، كانت الأعين تتجه نحو التجربة الخليجية التي كانت تحقق نجاحات تلو الأخرى.

وذلك سواء على مستوى توحيد المؤسسات الاقتصادية، أو وضع أنظمة متماثلة في شؤون الاقتصاد والمال والتجارة والجمارك والمواصلات، وتوحيد قوانين الاستثمار والعمل وحرية تنقل السلع والمواطن وغيرها.

وعاماً بعد آخر، كانت التجربة الخليجية تحقق نجاحات، فقد تبنت فكرة السوق الخليجية المشتركة، ومعها انطلقت فكرة المواطنة الاقتصادية، التي عملت على تحقيق عدة أهداف متميزة، منها المساواة التامة بين مواطني دول الخليج في كل المجالات خاصة في:

الإقامة، والتنقل، والتوظيف في الحكومة والقطاع الخاص، والتأمينات الاجتماعية، والتقاعد، والنشاطات الاقتصادية، والاستثمار، والخدمات، وملكية العقارات، والممتلكات، وانتقال رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية، والتجارة وتأسيس الشركات وغيرها.

ومع تواصل النجاحات الخليجية، حلم العرب أن يكون البنك المركزي الخليجي الذي تبنته القمم الخليجية المتعاقبة، نواة لبنك مركزي عربي يقوم بنفس الدور الذي يقوم به البنك المركزي الأوروبي.

فقد أنقذ القارّة العجوز من كوارث مالية واقتصادية عدة خاصة في الفترة التي أعقبت اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008، كما لعب البنك دوراً مهما في إنقاذ اقتصاديات دول أوروبية دخلت دوامة الإفلاس وأخرها اليونان وقبلها قبرص.

وفيما كانت القمم الخليجية المتعاقبة تنجز مشروعات اقتصادية مهمة من نوعية الاتحاد الجمركي الموحد، ومنطقة التجارة الحرة المشتركة، وإنشاء خطوط سكك الحديد، والربط الكهربائي، كان الجميع يترقب إعلان هذه القمم عن إصدار العملة الخليجية الموحدة لتكون أبرز ملامح وحدة دول مجلس التعاون، وأن يصبح المجلس سادس أكبر قوة اقتصادية في العالم عبر وحدة دوله الست الغنية بالثروات النفطية والمالية والبشرية.

قبل 5 يونيو/حزيران 2017 وحصار قطر، كانت دول الخليج على وشك إنجاز مشروعات اقتصادية مهمة أبرزها العملة الموحدة والبنك المركزي، أما بعد 5 يونيو فإن أقصى حلم لدول الخليج أن تلتئم قمتهم السنوية، وأن يجتمع قادة دول مجلس التعاون ولو لساعتين حتى لا يعلنوا وفاة اتحادهم.

الآن، وقد تعثر المشروع الاقتصادي الخليجي، فقد تفكك معه حلم تكوين تكتل اقتصادي عربي حقيقي قائم على المصالح لا على العواطف، وضاع معه حلم أن تصبح العملة الخليجية الموحدة عملة احتياط عالمية إلى جانب العملات الرئيسية الأخرى.

وأن تنتقل دول مجلس التعاون إلى مرحلة متقدمة من النمو الاقتصادي، تتيح تحوّل الاقتصاد الخليجي إلى واحد من أهم الاقتصادات العالمية التي ستحدد مسار الاقتصاد العالمي.

كما ضاعت فرصة انضمام التجربة الخليجية لتجارب البلدان الناجحة مثل تجارب النمور الآسيوية والصين والهند والبرازيل وغيرها من التجارب التي حققت نجاحات اقتصادية متميزة انعكست ايجاباً على المواطن والاقتصاد.

* مصطفى عبد السلام كاتب ومحرر صحفي اقتصادي

المصدر: العربي الجديد

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة