التدخل المصري في سوريا.. ألعاب السيسي للاستئثار بالحكم في مصر!

الساعة 2519 أغسطس 2017آخر تحديث :
521054 0
521054 0خلال الفترة القصيرة الماضية، سعت مصر ليصبح لها دور أكثر فاعلية في الأزمة السورية، فعملت على التوسط في اتفاقين لوقف إطلاق النار شرقي العاصمة دمشق، وفي ريف حمص
وسط سوريا، بالتنسيق مع موسكو، بناءً على مقررات اجتماع “أستانا 4″، رغم أنها لم تكن من بين الدول الثلاث الموقعة على اتفاقية مناطق “تخفيف التصعيد” الخمسة، في الوقت الذي دخلت محافظة إدلب شمال سوريا دوامًة من الاحتمالات غداة سيطرة هيئة تحرير الشام عليها.
الدور المصري “الفاعل” في سوريا
بدأت مصر تدّخلها بشكل أكبر في الأزمة السورية منذ 23 تموز/يوليو الماضي، عندما أعلنت عن إبرام اتفاق بين فصيل جيش الإسلام المتواجد في منطقة الغوطة الشرقية شرق دمشق، وبين وزارة الدفاع الروسية، والذي جرى بوساطة تيار الغد السوري الموجه من طرف أبو ظبي وأزلامها ورعاية القاهرة. وبعدها بعشرة أيام أعلنت القاهرة أن وزارة الدفاع الروسية توصلت مع فصائل المعارضة في ريف حمص الشرقي لاتفاق مماثل، وأن تيار الغد ناب عن مموليه أيضًا على إنجاز هذا الاتفاق.
shareبدأت مصر في لعب دورٍ أكثر فاعلية في سوريا منذ تموز/يوليو الماضي، متمثلًا في رعاية اتفاقين بين أطراف متقاتلة في سورياومثل سوريا، برز الدور المصري فاعلًا خلال الفترة الأخيرة فيما يخص مسألة قطاع غزة المحاصر، وفق معادلة الابتزاز السياسي عبر حصاره المكمل للحصار الإسرائيلي بغية التوصل لغايات سياسية على حساب مدنيين غزة أولًا.
وفي كلا الجانبين يستهدف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لأن يستخلص للقاهرة دورًا أكبر في المنطقة وفقًا لأجندته، لذا نجد أنه إلى جانب سوريا التي لم يعد خفيًا تفضيله لجانب النظام، وكذا غزة التي ساهم في التفاهم بين حماس ودحلان بها، هناك الدور المصري في ليبيا عبر الدعم القوي والصريح لخليفة حفتر، وأخيرًا مشاركته في حملة قطع العلاقات مع قطر، لتكون له أيضًا يدٌ في منطقة الخليج، رغم ما يتردد من أنها ربما تكون أساسًا خطوات مدفوعة الأجر.
كيف عادت مصر إلى الأزمة السورية؟
لم تستطع كل من تركيا وإيران وروسيا، الدول الضامنة لتنفيذ بنود مذكرة “تخفيف التصعيد” في المناطق الخمس السورية، التوصل لصيغة مشتركة تحقق من خلالها ما اتفق عليه في “أستانا 4″، لكن في مقابل ذلك تمكنت الولايات المتحدة من توقيع اتفاق مع موسكو برعاية أردنية الشهر الماضي، لسريان مفعول الاتفاق في جنوب سوريا، بعيدًا عن الدولتين الموقعتين على المذكرة.
ثم بعدها جاء الدور المصري في تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار في منطقة الغوطة الشرقية، لكن الاتفاقية لم تشمل كافة المناطق، إذ يشهد حي “جوبر” الدمشقي ومنطقة “عين ترما” المحاذية له، اشتباكات عنيفة، يرافقها سقوط عشرات القذائف المدفعية التي يسمع دويها في كافة أحياء دمشق. هذا ومن المعروف أن “فيلق الرحمن” يسيطر على المنطقتين ذاتهما، وهو من بين الفصائل غير الموقعة على اتفاق القاهرة، بعد رفضه له.
shareاستطاعت مصر إبرام اتفاقيات عجزت مختلف الدول الإقليمية عن التوصل إليها، ما يطرح العديد من علامات الاستفهام!واستكملت مصر دورها في إبرام الاتفاقيات عبر تيار الغد السوري، بتوقيع اتفاقية مشابهة في ريف حمص الشمالي. هذا ويشكل أعضاء تيار الغد غالبية وفد منصة القاهرة للمعارضة، واللافت في الدور المصري الجديد أنها برمت اتفاقيات لم تستطع قوى إقليمية أُخرى للتوصل إليها مع موسكو، التي استلمت زمام الحل السياسي في سوريا بعد سحب الولايات المتحدة يدها منها، وهو أمر يطرح العديد من علامات الاستفهام حول الطبيعة الحقيقية للدور المصري، خصوصًا وقد اعتدنا خلال السنوات الماضية، أنّ أغلب تحركات النظام المصري في محيطه، تأتي بتوجيه إماراتي سعودي، وتكون مدفوعة الأجر غالبًا.
وساعد مصر على إنجاز اتفاقية ريف حمص الشمالي أن المنطقة التي تسيطر عليها فصائل المعارضة تطوقها قوات الأسد والمليشيات الأجنبية من جهاتها الأربعة، ما يمنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية إليها، وفي ظل الانقسام الداخلي الذي يعانيه الائتلاف السوري المعارض، وعدم إمكانيته التوصل لحل جذري، كان رئيس تيار الغد أحمد الجربا الضامن الوحيد المتاح لإبرام الاتفاق برعاية القاهرة، فيما كانت الفصائل تحتاج لطرف يساهم في ضمانة دخول المساعدات الأممية.
تيار الغد.. حصان طروادة المصري في سوريا
وعلى خلفية توقيع الاتفاق المرتبط بريف حمص الشمالي، قال الجربا خلال كلمة من القاهرة، إن عدم وجود صراع بين مصر وأي فصيل سوري معارض، هو ما ساعد على إنجاز الاتفاق، وأن “العلاقة المتينة بين القاهرة وموسكو كانت دافعًا إيجابيًا”، إلا أن رئيس منصة القاهرة فراس الخالدي، ذهب أبعد من ذلك، عندما طالب خلال حوار مع صحيفة المصري اليوم بتواجد قوات مصرية سعودية مشتركة في سوريا، بحجة “ما لهما من بعد إقليمي وإسلامي كبير”. 
وأضاف الخالدي أن القاهرة هي “الطرف الوحيد الجاذب للجميع للجلوس على طاولة المفاوضات”، وفي كلا الأمرين فإن فصائل المعارضة لطالما اعتبرت مصر تحت حكم السيسي من أشد الداعمين للنظام السوري، لكن فشل المعارضة السياسية بفرض شروطها، كان أبرز النقاط التي دفعت بها للجوء إلى الجربا والقاهرة.
وخلال الأيام الأخيرة برز تطور جديد على صعيد المعارضة السياسية، بتوجيه الائتلاف السوري المعارض، الدعوة لمنصتي القاهرة وموسكو لحضور اجتماع المعارضة، منتصف الشهر الجاري في الرياض؛ من أجل توحيد وفد المعارضة السورية، غير أن المنصتين رفضتا الدعوة الموجهة إليهما. 
وتُشكل هذه الدعوة إعادة هيكلة وفد المعارضة السورية في مؤتمري جنيف وأستانا، إذ تتميز أطراف المعارضة السورية بعدم تفاهمها على معظم البنود المطروحة للنقاش في الاجتماعات، من بينها مطلب الائتلاف برحيل بشار الأسد عن السلطة، مقابل أي اتفاق يفضي لحل سياسي، فيما ترى منصة موسكو أن تواجد الأسد في منصبه لن يشكل عائقًا أما أي حل سياسي للأزمة السورية.
ولعل الأهم الذي جعل من تيار الغد بوابة القاهرة للفصائل السورية، أن رئيسه الجربا الذي كان سابقًا رئيسًا للائتلاف المعارض، يلقى بعض القبول لدى فصائل معارضة مسلحة في سوريا، أكثر مما هو الحال مع رئيس منصة موسكو قدري جميل، المحسوب كليًا على روسيا، وصاحب الموقف المتشدد إزاء فصائل المعارضة المعتدلة أو غير المعتدلة، واصفًا إياها في مختلف تصريحاته بـ”الإرهابية”.
هل تحولت مصر لشرطي السعودية في سوريا؟
كان من اللافت تغيّر الموقف السعودي في الأزمة السورية، بعد أن كانت من بين الدول المُصرة على رحيل بشار الأسد عن السلطة، لكن تصريحات وزير خارجيتها عادل الجبير المتضاربة في الآونة الأخيرة، أوضحت أن موقفها بدأ يلين لصالح الموقف الإماراتي في سوريا، وعلاوًة على ذلك كانت الإشاعات المتداولة حول استقالة المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض فريد حجاب، من منصبه، حيثُ تبنت نشرها على نطاق واسع وسائل إعلام مصرية وروسية، لتؤكد أن المعارضة السياسية في طريقها لتبديل عديد المواقف كي تصل لبنود مشتركة تطرحها على طاولة المفاوضات القادمة.
وعلى ضوء التطورات الأخيرة، استفاد السيسي من التغيير المفاجئ لسياسة السعودية في سوريا، بأن فتح الأبواب للقاهرة للعب دور أقوى في سوريا، ما يجعلها تستعيد بعض من وزنها الإقليمي في المنطقة، فهي لم تكن في الأساس من الدول الداعية لعقد اجتماع أستانا مطلع العام الجاري، قبل أن تصبح من الدول الراعية لعقد اتفاقيتي وقف إطلاق نار من أصل خمسة، وهو في ذات السياق يفسر طبيعة الدور المصري في إعادة تدويل اسم محمد دحلان داخل قطاع غزة.
ومن جانب آخر، يبدو أن تدخّل القاهرة في رعاية الاتفاقيات، جاء بتوافق مع الإمارات والسعودية، خاصة بعد إعلان سفير دولة قطر في روسيا فهد بن محمد العطية، استعداد بلاده تقديم منصة لإجراء مفاوضات بين الأطراف المتحاربة في سوريا، لتبرز مصر لاحقًا على حساب جميع الدولة بتدخل أكبر رغم أنها اختارت دورًا متأرجحًا خلال الفترة الماضية، والذي أكده سفير النظام السوري في الصين عماد مصطفى، في حوار مع صحيفة “الوطن” السورية، بوصفه للدور المصري بأنه “ملتبس وضعيف وفيه بعض الإيحاء من السعودية”.
وبكلا الأمرين فإن السيسي يدرك أن دخول القاهرة في الأزمة السورية أو غيرها من الأزمات العربية كدولة راعية، سيرفع من نقاطه أمام المجتمع الدولي، وهو الأمر الذي يسعى له من قيادته الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وفي هذه الفترة تحديدًا، خاصة وأن مصر مقبلة العام القادم على انتخابات رئاسية، وأن السيسي يعرف تراجعًا كبيرًا في شعبيته في الأوساط التي اعتمد عليها سابقًا بسبب التدهور في الوضع الاقتصادي للبلاد، وكذا في الحقوق والحريات، وهذا الأخير ينتقد بسببه دومًا على المستوى الدولي، لذا يبدو أنه يستثمر في لعب دور إقليمي أكبر للترويج لنفسه دوليًا، ثم محليًا ليزيد من فرصه بولاية ثانية.
 
الترا صوت
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة