التجسس وآثاره القاتلة على دول الخليج العربية

محرر الرأي21 مايو 2019آخر تحديث :
هل تستمر الأزمة الخليجية للأبد؟

التجسس وآثاره القاتلة على دول الخليج العربية

  • في الخليج يتعاونون مع إسرائيل واجهزتها السرية التجسسية لملاحقة اصحاب الرأي والمعارضين لسياساتكم ومن تشكّون بولائه
  • هل يعلم حكام الخليج أن إسرائيل تتجسس عليهم وما يسرون وما يعلنون. إنهم سيعرونهم في قادم الايام، والتاريخ لا يرحم.
  • التجسس عملية تمارسها كل الدول في الحرب والسلم لاستهداف الأعداء والتقارير تظهر تعاقد شركة NSO مع الرياض وأبوظبي والبحرين

****

بقلم | محمد صالح المسفر

جد الحكام في بعض دول الخليج العربية في إشغال أنفسهم ومن حولهم بجمع المعلومات ليس عن الاعداء التاريخيين للعرب والمسلمين، ولانظمتهم السياسية القائمة، وانما عن بعض حكام المنطقة ومواطنين يتولون مناصب قيادية او ادارية عليا في دول الخليج العربية نفسها، وراحوا يوسعون دائرة التجسس لتشمل المواطن العادي البسيط واصحاب الرأي ليسمعوا ما يقول وما يدور في رأسه من افكار مستخدمين في ذلك وسائل تكنولوجية رفيعة المستوى في الغالب صناعة اسرائيلية شركة (NSO) واحيانا صناعة امريكية.

التجسس عملية تمارسها كل الدول في الحرب والسلم، لكن المستهدف الاعداء وليس المواطن، الاعداء المستهدفون في حقبة الحرب الباردة في الاغلب كان الاتحاد السوفيتي والصين وكل الانظمة الشيوعية المنتشرة في القارات الخمس والقوى الثورية الوطنية المعادية للاستعمار في كل من افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية والشرق الاوسط.

في النصف الاول من القرن الماضي اسست بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية جهاز مخابرات اطلق عليه “منظمة ايشلون للتجسس الدولي” وميدان عمله الشرق الاوسط والقارتان اسيا وأوروبا، كما قلنا في اوروبا يرتكز عمل المنظومة المعنية باوروبا الشرقية ذات النفوذ السوفيتي.
إلى جانب جمع المعلومات عن اقتصادات تلك الدول ودول اوروبية اخرى لمعرفة العقود التي تبرمها الدول الصناعية مع غيرها من دول العالم وتزود هيئة الامن القومي الامريكي بتلك المعلومات كي تتغلب الشركات الامريكية على ما عداها من الشركات الغربية. ويجدر بنا ان نذكر حالتين كمثال لا للحصر:

تشير مجلة المجلة في تاريخ 18 /‏3 /‏2002 ان “شركة ايرباص التي قالت انها خسرت صفقة شراء السعودية طائرات بقيمة مليار دولار، لصالح شركة بوينغ وما كدونال دوغلاس.

وذلك لأن المعلومات الخاصة بالتعاقد تم تسريبها الى الشركات الامريكية التي قدمت عرضا افضل، كانت وسيلة جمع المعلومات عن تلك الصفقة كما تقول التقارير عن طريق التنصت على وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية والالكترونية والهاتفية وغير ذلك من الوسائل.

مثال آخر تؤكد الشركة الفرنسية تومسون (سي. اس.اف) للالكترونيات انها خسرت تعاقدا بقيمة 1.4 مليار دولار لتوريد نظام رادار الى البرازيل، لأن الامريكان عبر منظمة (ايشلون) تنصتوا على تفاصيل التعاقد وسربوه الى شركة (ريثيون) المنافسة التي استطاعت انتزاع الصفقة بتقديم عروض افضل من الفرنسيين.

لا ينكر عاقل أن الاستخبارات العالمية وخاصة الامريكية والبريطانية والاسرائيلية منتشرة في الشرق الاوسط، وقد تم التنصت الاسرائيلي على مؤتمر القمة العربي الذي عقد في الرباط في سبعينات القرن الماضي، واسرائيل عدوة للعرب يهمها معرفة حال العالم العربي وزعمائه لتبني على معرفتها ومعلوماتها قراراتها التوسعية.

المستغرب جدا ان تتعاون دول خليجية بعينها مع اسرائيل واجهزتها التجسسية لجمع معلومات عن دول خليجية شقيقة اخرى لتعرف الاولى اي معلومات عن الثانية، ما يقولون وكذلك قواهم العسكرية والاقتصادية والاجتماعية واتصالاتهم الداخلية والخارجية ورصد محادثاتهم الهاتفية وبريدهم الالكتروني وكل من حولهم من مساعديهم..

وحتى اصدقائهم واقاربهم بهدف النيل من اولئك الحكام شركائهم في الحاضر والمستقبل. ان اسرائيل أُعطيت هذه الفرصة التاريخية في التعاون مع انظمة عربية مباشرة للتجسس على الحكام وقيادات عربية خليجية كانت عربية عامة.

تشير التقارير الاخبارية إلى ان الشركة الاسرائيلية والمختصة في الصناعات الامنية في اسرائيل (NSO) اجرت عدة تعاقدات مع كل من الرياض وابوظبي والبحرين لتزويد تلك الدول باجهزة للتنصت على المواطنين وعلى القيادات السياسية في دول الجوار وكذلك رصد محادثاتهم الهاتفية وبريدهم الالكتروني والفاكس وغير ذلك، لكن فاتهم ان يعلموا علم اليقين بأن اسرائيل تجمع تلك المعلومات لصالحها عن الدول الخليجية وانظمتها السياسية دون تمييز، بمعنى انها تجمع معلومات عن تلك الدول الخليجية “الحليف الجديد” ايضا، وان المعلومات التي تجمع بواسطة تلك الاجهزة تصب في مراكز تحليل المعلومات في تل ابيب عن جميع الدول الخليجية دون استثناء قبل ان تصل الى الرياض او ابوظبي او المنامة.

اسرائيل تعلم ان هذه الانظمة الثلاثة المشار اليها تسير عكس التيار الوطني الجارف المعادي لاسرائيل في داخل كل دولة، وهي تعلم علم اليقين بأن صلاحية استمرار بعض تلك الانظمة محدودة للغاية فهي تجمع معلومات عن القيادات القادمة مستغلة ظروف الخلافات البينية بين دول الخليج العربي ومستغلة فرصة انها تعمل تحت سمع وبصر الدول ذات الصلة

في هذا الشأن اقامت عدة جهات دعوى ضد وزارة الدفاع الاسرائيلية تدعوها لالغاء ترخيص التصدير الممنوح لمجموعة (NSO ) لتزويد السعودية والامارات وحكومات قمعية اخرى ببرامج تجسس واعلنت منظمة العفو الدولية (أمنستي انترناشونال) انها تؤيد مقاضاة وزارة الحرب الاسرائيلية على منحها سلطة تصدير آلات ومعدات تجسس تضر بحقوق الانسان في تلك الدول.

تشير التقارير الصحفية الى ان “عريضة قدمت الثلاثاء الماضي الى المحكمة المركزية في تل ابيب اوضح فيها اكثر من خمسين من اعضاء منظمة حقوق الانسان الاسرائيلية كيف عرّضت وزارة الدفاع الاسرائيلية حقوق الانسان في تلك الدول للخطر من خلال السماح لمجموعة ( ان. اس. او NSO) بمواصلة تصدير منتجاتها.

◄ آخر القول:

أنتم اليوم في الخليج تتعاونون مع اسرائيل واجهزتها السرية التجسسية لملاحقة اصحاب الرأي والمعارضين لسياساتكم ومن تشكّون في ولائه لكم، فهل تعلمون ان اسرائيل ايضا تتجسس عليكم شخصيا وعلى ما تسرون وما تعلنون. انهم سيعرونكم في قادم الايام، والتاريخ لا يرحم.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر
المصدر | الشرق – الدوحة

موضوعات تهمك:

قمتان في السعودية!

صب الزيت على النار في الخليج

يا حكام العرب أنقذوا الخليج قبل فوات الأوان

صدّق أو لا تصدّق.. لكنها أجواء حرب!

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة