الأصولية الغربية

أحمد عزت سليم29 أبريل 2019آخر تحديث :
الأصولية الغربية

الأصولية الغربية

تسيطر بإرادة الناخبين وتحرك السلاح والكراهية

يشهد الواقع العالمى الآن تحولات متسارعة ودرامية يتصدرها ملف الإرهاب وخطر التطرف الذى بقدر ما بات عاملا يؤرق ويهدد الجميع، بقدر ما صار هو أداة عملية من أدوات السياسات الاستعمارية الغربية والصهيونية لتفكيك الأوطان وتحقيق أهدافها وتسيييد نفوذها وإعادة السيطرة على مقدرات الواقع العالمى، واستمرارا للحفاظ على المصالح الرأسمالية العالمية الغربية والصهيونية، والقضاء على ما تبقى من هوية الإنسان والوطن بعد سياسات العولمة التى استهدفتهما وضربت على عكس خطابها الدعائى بالدولة العالمية المندمجة ووحدة الأوطان وقيم القوة والبقاء فى مواجهة الفوضى الخلاقة التى استهدفت تفكيك وتفتيت الدولة الوطنية وأمنها القومى ووحدتها الثقافية وخصوصيتها وتحقيق الإغتراب الكلى للذات الاجتماعية للمواطن والقضاء على الانتماء والوعى والعقل والثقافة التى تعمل فى إدراكه ووعيه وعقله، وغزوه وتسييد الهوية الغربية بأفكارها الأصولية والسيطرة على الآخر وإخضاعه لها والسيطرة عليه بخطاب المواطنة العالمية كبديل عن الوطن ومحتواه الكلى من دين وأصل وقيم وانتماء وذاكرة جماعية.

ومن خلال الممارسات الإجرامية والعسكرية والسياسية والاقتصادية الرأسمالية والثقافية والغزو الاتصالى الدعائى باستخدام كافة وسائل تكنولوجيا الإعلام وتوظيف كافة أدوات الثقافة الرقمية من وسائل وشبكات وأجهزة الاتصال والتداول والبث والمعلومات والإنترنت وقواعد البيانات والمواقع وشبكات التواصل الاجتماعى. ولكن ليظل كما ترى سلوى بن جديد : أن المسارات نحو وحدة المشهد الحضاري العالمي لا تعبر عن إرادة الشعوب في ذلك، وإنما عن إرادة الأقلية الرأسمالية العالمية المالكة لوسائل الإنتاج ولتبقى إردة الشعوب أقوى من إرادة أية محاولات للغزو.

إن حقائق الغزو الأمريكى والغربى والصهيونى التى جرت على الحقيقة فى العالم العربي ومناطق أخرى من العالم أسقطت الدعاوى الأمريكية والغربية فى توحد العالم تحت عباءة العولمة، وأن العناصر الأصولية الأمريكية والغربية والصهيونية والتي سيطرت على الحكم فى بلادها كتعبير عن إرادة الناخبين هناك ولا أدل من ذلك سوى صعود ترامب ممثل الحزب الجمهورى الذى يمثل ويشكل الأصولية المسيحية الرجعية العنصرية ونجاح نيتانياهو رئيس وزراء الكيان الصهيونى الذى يمثل اليمين الصهيونى الإجرامى، أثبت هذا النجاح أنه لايوجد هناك ثقافة واحدة يمكن أن تجمع العالم فى يوم من الأيام وفى وقت ما، بل إن هناك ثقافة تحرك السلاح ويحركها ضد الآخرين وتبتغى أن تسييد نفسها على العالم باتساع رقعته الجغرافية من خلال الرؤى والممارسات الأحادية للنظام الرأسمالي بقيادته الأمريكية فيما يعرف بـ”النظام العالمي الجديد”.

وحيث حولت معظم حكومات وأنظمة هذا العالم إلى أدوات خاضعة أو تعمل بكونها “منظومات أمنية محلية” أو “شرطة مرتزقة” لصالح هذا المركز أو شريكة لها من الدرجة الثانية لنظامها الإمبريالي الأمريكي الذي يستهدف تكريس المنهج العسكري أو عولمة السلاح كأداة رئيسية للسيطرة وتوظيف قضايا “الديمقراطية” و”حقوق الشعوب” لصالح الخطة الأمريكية عبر الخطاب الموجه للرأي العام من ناحية وبما يساهم في تخفيض بشاعة الممارسات الغربية وخاصة الأمريكية والصهيونية، ومن ناحية ثانية، وفق ما يرى المفكر د. سمير أمين، ويؤكد قول فوكوياما ـ فى هذا الإطارـ أن البلدان التي تنتمي فقط إلى الحضارة الغربية هي التي يجب أن تؤكد سيطرتها على العالم كله، على قاعدة السادة والعبيد، لأن بلدان العالم الثالث عموما- حسب فوكوياما – ستكون مصدراً يهدد الحضارة الغربية، سواء بشعارات التطرف القومي أو الديني أو بالأوبئة والأمراض والتخلف.

وبالتالي لابد من إخضاع العالم الثالث باعتبارهم ” أعداء الغد” ويؤكد روبرت شتراوس هوب في كتابه “توازن الغد” الصادر عام 1994م، إن “المهمة الأساسية لأمريكا توحيد الكرة الأرضية تحت قيادتها، واستمرار هيمنة الثقافة الغربية، وهذه المهمة لابد من إنجازها بسرعة في مواجهة نمور آسيا وأي قوى أخرى لا تنتمي للحضارة الغربية”.

ويستطرد “أن مهمة الشعب الأمريكي القضاء على الدول القومية ، فالمستقبل خلال الخمسين سنة القادمة سيكون للأمريكيين ، وعلى أمريكا وضع أسس الإمبراطورية الأمريكية بحيث تصبح مرادفة  “للإمبراطورية الإنسانية”!

وانطلاقا من الفكر الأمريكى الذى أسس له عالم الاجتماع الأمريكي ويليام ج.سومر w.g summer عام 1906 في كتابه الموسوم FALKWAYS بتأصيل مفهوم العرقية المركزية التى تقول إن الجماعة التي تنتمي إليها هي مركز الأشياء كلها, وإن الجماعات الأخرى تقاس وتقوّم مقياساً إليها، وكل جماعة تغذي كبرياءها وغرورها وتزعم أنها الأفضل, وتمجّد آلهتها الخاصة بها وتنظر إلى الآخرين باحتقار.  وتظن كل مجموعة أن أعرافها (FALKWAYS) هي وحدها الجيدة وتنظر إلى الآخرين بعين الاحتقار.

أما “ألفين توفلر” الباحث السوسيولوجي الأمريكي المستقبلى – يتوصل في كتابه “الموجة الثالثة” إلى تعريف مغاير لهذا التحول العالمي المعاصر، ويرى فيه “ثورة كونية جعلت العلم لأول مرة في تاريخ البشرية قوة أساسية من قوى الإنتاج تضاف إلى الأرض ورأس المال والعمل، وأن المشاركة في هذه الموجة أو هذا التحول مشروطة بإنتاج المعلومات والمشاركة فيها عالمياً من أجل تنمية “الذكاء الكوني”، نحن إذن أمام حالة من “الوعي الكوني” أو العولمة الفكرية في مواجهة الوعي الوطني والوعي القومي في الوطن العربي والعالم الثالث، تقوم على مبدأ “البقاء للأصلح” أو الأقوى في وطن عالمي بلا حدود”، وأثبت ذلك أن العولمة ليست مجرد آلية من آليات التطور بل أيدولوجبة تعكس إرادة الهيمنة على العالم والعالم الأضعف ومنه العالم العربى خاصة،وخاصة أن حدود الدول الغربية الاستعمارية لايمسها ماس أو شيطان على عكس الحدود المستباحة للدول الأخرى!

موضوعات تهمك:

هل هو «العلو الكبير».. وماذا بعده؟

أولويات السياسة الأمريكية بين أوروبا وأمريكا اللاتينية

خفايا الحملة الصليبية لترامب

محاكم التفتيش الحديثة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة