الفرق بين الغاء الرق وتجريم العنصرية بتونس

أشرف السعدني20 نوفمبر 2018آخر تحديث :
الفرق بين الغاء الرق وتجريم العنصرية بتونس

الفرق بين الغاء الرق وتجريم العنصرية بتونس

على الرغم من مرور أكثر من 17 عقدا على إقرار منع الرق في تونس 1846، فإن جمعيات ومنظمات في المجتمع المدني لا تزال تعمل من أجل محاربة الممارسات المماثلة للرق والعبودية، على غرار العنصرية، على اعتبار أن هذه الظاهرة تشترك مع العبودية في اضطهاد الآخر والتعامل معه بميز عنصري.

إلا إن قانون تجريم العنصرية لم يصدر إلا في 9 أكتوبر 2018 الماضي فقط، فمن إلغاء الرق إلى تجريم العنصرية مسيرةُ قرنين من الزمان.

وثيقة الغاء العبودية

 

قبل 172 سنة ألغت تونس الرق.. فهل تخلصت من رواسبه؟

فبالرغم من إن إقرار إلغاء الرق في 23 يناير 1846 بصفة فجائية، إذ سبقته عدة قرارات من بينها إصدار أمر يتعلق بمنع الاتجار بـ”الرقيق” وبيعهم في الأسواق في سبتمبر 1841.

وفي مرحلة لاحقة، صدر أمر بهدم المحلات المعدة لبيع العبيد في المدينة العتيقة بالعاصمة تونس، وفي ديسمبر من العام الموالي تم إصدار أمر يعتبر من وُلد في تونس حرا يمنع بيعه وشراؤه.

وجاء في الفصل الأول من أمر إلغاء الرق، الذي يضم خمسة فصول، حسب ما هو وارد في بوابة العدل في تونس، منع للعبودية في تونس، مع التنصيص على أن كل “إنسان حر مهما كان جنسه أو لونه”، كما أتاح لمن تعرض للاسترقاق “أن يرفع أمره للمحاكم”.

العبودية 2

 

ولكن ما يؤكد استمرار التمييز العنصري ضد أصحاب البشرة السوداء في تونس هو توثيق كلمة معتوق في شهادات الميلاد لأصحاب البشرة الداكنة والسود.

استمرار جمعيات ومنظمات في المجتمع المدني لا تزال تعمل من أجل محاربة الممارسات المماثلة للرق والعبودية، على غرار العنصرية، على اعتبار أن هذه الظاهرة تشترك مع العبودية في اضطهاد الآخر والتعامل معه بميز عنصري.

ومما يؤكد ايضا استمرار العنصرية بتونس، نجد أن قانون تجريم العنصرية الصادر في اكتوبر الماضي لم يكن ليمر مرورا سهلا في بلد يطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة في كل شئ حتي فيما يخالف الشريعة الأسلامية، حيث ولد القانون من رحم المعانه حيث جاء صدور القانون من البرلمان التونسي الذي لم يكن على كلمة واحدة أثناء التصويت على هذا القانون “الثوري”، الذي أحرز 125 صوتاً من أصل 217، إلا أن نائباً واحداً صوّت ضده، وامتنع خمسة نواب عن التصويت.

مما يؤكد استمرار العنصرية بتونس أن اصدار هذا القانون سعي عليه المهدي بن غربية، وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان المستقيل في يوليو الماضي.

فيقول بن غربية حادثة تمييز عنصري تعرضت لها الفتاة التونسية ذات البشرة السمراء صابرين أنقوي في هزته في أكتوبر 2016 ، فقرر آنذاك، انطلاقاً من خطته الوزارية، تكثيف المشاورات مع مكونات المجتمع المدني لسنّ قانون رادع قادر على تجريم العنصرية قولاً كانت أو فعلاً.

وفي خضم حملته ضد العنصرية، حصل بن غربية على مساندة رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي أعلن في ديسمبر 2016 سعي الحكومة إلى تخصيص يوم وطني لمناهضة التمييز العنصري، وإلى سن قانون يجرم فعل التمييز العنصري مطالبا، بالشروع فوراً في حملات توعوية للقضاء على العنصرية.

ونجد السؤال الذي يطرح نفسه هل صدور القانون سيقضي علي العنصرية بتونس؟

يقول صاحب القانون بن غربية، عرّاب قانون تجريم العنصرية، فقال: “لدينا سلوك عنصري، كذلك لدينا ثقافة عنصرية علينا استئصالها، أُنظري مثلاً إلى تلك المفردات المنتشرة في مجتمعنا لوصف سمرة البشر، بكلمات عنصرية مثل “وصيف” و “كحلوش” وهي كلمات قبيحة ومؤذية رائجة دون شعور بخطورتها وبأنها عنصرية. حتى في حفلات الزفاف، تتعمد بعض الأسر وضع سيدة سمراء البشرة في الصفوف الأمامية كنوع من التميمة لكسر الحسد والعين، تقول تلك الخرافة… هذا كله موروث عنصري متداول في تونس”.

المطالبة بسن قانون يجرّم العنصرية لوضع حد للإفلات من العقاب، كان هدف بن غربية، لهذا سعى طوال ثلاث سنوات داخل الوزارة وخارجها إلى حشد قوى المجتمع المدني والساسة ونواب الشعب لصوغ هذا القانون. يقول: “تكرار الاعتداءات على الطلبة الأفارقة من جنوب الصحراء في تونس، وكذلك على الفتاة التونسية صابرين، لأنهم جميعاً من ذوي البشرة السمراء، كان أمراً لا يحتمل، لذا كان علينا دق ناقوس الخطر وبشدة.

تحدثت لصابرين وقررنا معاً أنه آن الأوان لوضع قانون يضع حداً للممارسات العنصرية قولاً كانت أو فعلاً. كان على الدولة أن تتحمل
مسؤوليتها في ذلك بوضع الإطار التشريعي المجرّم للعنصرية. وكان على السياسيين والنخب أن يكونوا طلائع في المجتمع التونسي للتصدي للعنصرية. لن نغير السلوك العنصري بين ليلة وضحاها. هذه بداية”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة