احتجاجات”السترات الصفراء” تهز عرش “ماكرون”

شروق عز الدين16 ديسمبر 2018آخر تحديث :
احتجاجات”السترات الصفراء” تهز عرش “ماكرون”

شهدت فرنسا موجات من احتجاجات حركة “السترات الصفراء” والتي بدأت في 24 من نوفمبر 2018، وحظيت بوجود ما يقرب من 300.000 شخص من جميع أنحاء فرنسا للاحتجاج على ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف المعيشة في شوارع المدن فرنسية، و كانت أخر موجاتها في العطلة الأسبوعية الخامسة لتستمر الاحتجاجات المناهضة لسياسات الحكومة و الرئيس إيمانويل ماكرون، والتي لم تخلو من الاشتباكات وأعمال عنف بينهم وبين قوات الأمن.

وبالرغم من رضوخ “ماكرون” وعودته عن رفع أسعار الوقود لمدة 6 أشهر لم يلقى هذا ترحيبًا لدى المتظاهرين فقام برفعها نهائيًا، ولكن هذا لم يجدي خاصة بعد ارتفاع سقف المطالب وتفاقمها لتصل إلى حدّ المناداة باستقالة إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي، و انتقلت عدوى السترات الصفراء إلى العاصِمة البلجيكيّة بروكسل حيثُ شهدت هي الأخرى مظاهرات عنيفة نوعًا ما تخلّلها رشق المتظاهرين لقوات الأمن بالحصى والصخور.

استمرار موجات الغضب

وبالرغم من دعوات عدم التظاهر بعد الهجوم المسلح في مدينة ستراسبورغ لم يستجب المتظاهرين ، وذكرت وزارة الداخلية أن 66 ألف متظاهر من السترات الصفر خرجوا في أنحاء فرنسا، بينما ارتفع عدد المعتقلين منهم إلى 168، حيث تحركت مجموعات تضم مئات المحتجين في مسيرات بعدة أحياء.

وقال وزير داخلية فرنسا إن نحو 69 ألفا من أفراد الشرطة انتشروا لتأمين الاحتجاجات، وإنه تم تعزيز القوات في مدن تولوز وبوردووسانت ايتيين، واشتبكت الشرطة الفرنسية مع محتجي السترات الصفراء، ولوح المحتجون بالأعلام، وحملوا لافتات، وحاولت الشرطة منع تقدمهم، مطلقة الغاز المسيل للدموع حين اندلعت الاشتباكات، وقال مصدر بالشرطة إن أعداد المتظاهرين أقل مقارنة بالسبت الماضي.


أهداف الحركة بداية من خفض الضرائب إلى استقالة “ماكرون”

بدأت حركة السترات الصفراء متركزة على هدف وحيد وهو التنديد بارتفاع أسعار الوقود، وكذلك ارتفاع تكاليف المعيشة، ولكن لم تقف هنا وامتدت الاأهداف لتشملَ اسقاط الإصلاحات الضريبية التي سنّتها الحُكومة والتي ترى الحركة أنّها تستنزفُ الطبقتين العاملة والمتوسطة فيما تُقوّي الطبقة الغنيّة، مما جعلها ترفضها بشدة، وتقف أمامها.

وتفاقمت الامور بعد دعوات الحركة منذُ البِداية إلى تخفيض قيمةِ الضرائب على الوقود، ورفع الحد الأدنى للأجور لتطور الأمور وتصل إلى حدّ المناداة باستقالة إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي.

النتائج

تراجعت حكومة رئيس الوزراء الفرنسى، إدوار فيليب، عن قرارها بشأن أسعار الوقود، معلنة رفع الضرائب على المحروقات لمدة 6 أشهر، فى محاولة لاحتواء موجة الغضب التى خلفت ثلاثة قتلى وعشرات المصابين فى مواجهات ممتدة بين الأمن والمحتجين، ولكن هذا القرار لم يلقى ترحيب المتظاهرين ما دفع الحكومة لإلغاء قرارها نهائيًا .

وتحظى حركة السترات الصفراء بتأييد واسع بحسب عدد من استطلاعات الرأي، حيثُ يؤيدها ما بين 73% حتى 84%، وأشارَ استطلاع رأي آخر أُجري بعد الأوّل من شهر كانون الأول/ديسمبر أن 72% من الشعب الفرنسي يؤيد السترات الصفراء فيما يُعارض 85% منهم العنف في باريس.

كما شارك فيها أكثر من 300.000 شخص من جميع أنحاء فرنسا للشارع منددين بسياسات الحكومة فيما يخص الوقود، كما شهدت الاحتجاجات بعض أعمال العنف والشغب كما اشتبكَ المتظاهرون أحيانًا مع قوات الأمن.

وحاول المُتظاهرون عرقلة السير من خلال قطع بعض الطرق الرئيسيّة في البِلاد كما منعوا معظم السيارات من الوصول لمحطات الوقود التي أُغلقَ الكثيرُ منها.
وشهد اليوم الأول في سلسلة الاحتجاجات مقتل متظاهر يبلغُ من العمر 63 عامًا بعدما دهستهُ سيارة مسرعة في أحد ضواحي باريس.
و توفيّ في وقتٍ لاحق من ذات اليوم سائق دراجة نارية بعد أن أصيب بجراحٍ خطيرة خلال محاولة للالتفاف حول الحاجز، وحسب الإحصائيات التي نشرتها وزارة الداخليّة وتناقلتها وسائل الإعلام فقد بلغ عددُ الجرحى في صفوف المدنيين 585 شخصًا؛ ستة عشر منهم جراحهُ خطرة مُقابل 115 من ضباط الشرطة؛ ثلاثة منهم في حالة خطرة.

وانتقلت الاحتجاجات إلى أقاليم ما وراء البحار ولا ريونيون مما استدعى تدخل الأمن فيما أغلقت بعض الثانويات أبوابها بعدما حاول بعض المتظاهِرين اقتحامها.

ثم عادت الاحتجاجات في باريس بعدَ مرور أسبوع كامل، هذه المرّة وافقت وزارة الداخلية على السماح للمحتجين بالنزول للشوارع وقد قُدر عدد المشارِكين في حدود 106.000 متظاهر من جميع أنحاء فرنسا، 8000 منهم في باريس.

و تحوّلت الاحتجاجات السلميّة في العاصِمة إلى أعمال عنف وشغب حيثُ أشعل المتظاهرون النيران في بعض السيارات ومزقوا اللافتات كما دمروا الحواجز وتراشقوا مع عناصر وقوات الأمن بالحِجارة.

و لجأت الحكومة إلى الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، وخرجت الإحصائيات يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر وقد أشارت بوضوح إلى أنّ أعمال الشغب التي وقعت في باريس خلال الأيام السابقة قد تُكلّف ما يصل إلى مليون ونصف المليون يورو.

كما عمل المتظاهرون في حركة السترات الصفراء علَى منعِ حركة المرور على الطريق السريع الذي يربط مدينة مرسيليا بباريس كما عملوا على توقيفِ حركة المرور شمال ليون خلالَ عطلة نهاية الأسبوع.

وحصلت احتجاجات عنيفة في مارسيليا نجم عنها عددٌ من الجرحى؛كما توفيّت سيدة جزائرية تبلغُ من العمر 80 عامًا بعدما أُصيبت بشظايا قنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقتها الشرطة لتفريقهم المتظاهرين.

فيما قُتل متظاهر ثانٍ خلال عطلة نهاية الأسبوع الثالث بسببِ حادث سير مُروع خلال محاولتهُ عبور أحد الحواجز التي نصبتها الشرطة الفرنسية، وشهدت المظاهرات كذلك إحراقَ أكثر من مائة سيارة في باريس كما خرب المُحتجون جدران قوس النصر وقد قدّرت عمدة باريس آن هيدالغو قيمة الأضرار التي لحقت بالممتلكات بين ثلاثة وأربعة ملايين يورو.

ثم انتقلت عدوى السترات الصفراء إلى العاصِمة البلجيكيّة بروكسل حيثُ شهدت هي الأخرى مظاهرات عنيفة نوعًا ما تخلّلها رشق المتظاهرين لقوات الأمن بالحصى والصخور في حين ردت الشرطة من خِلال خراطيم المياه ثم اعتقلت في وقتٍ لاحق 60 من مُحتجي الحركة بتهمة الإخلال بالنظام العام

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة