اتفاق مناطق خفض التصعيد في سوريا يتجه إلى أكبرها: حِمص

ثائر العبد الله26 يوليو 2017آخر تحديث :
1e43a9b0 be4e 40da bb67 3921e1b72e6c 16x9 600x338
1e43a9b0 be4e 40da bb67 3921e1b72e6c 16x9 600x338يتسارع الإعلان الروسي عن مناطق خفض التصعيد في سوريا، بوتيرة متصاعدة، وصلت حد الإعلان عن اثنتين منهما، بأقل من أسبوعين. إذ أعلنت موسكو عن منطقة خفض
تصعيد، في جنوب غربي سوريا، شملت محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة، دخلت حيز التنفيذ في التاسع من الجاري.
وقبل أن يتم نشر تفاصيل اتفاق تلك المنطقة المعلنة منطقة خفض تصعيد، سارع الروس إلى إعلان الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، منطقة خفض تصعيد، في 22 من الجاري.
وبينما لاتزال تفاصيل الاتفاقين السالفين، غير معلنة، تماماً، ألمح الروس إلى محافظة إدلب، كمنطقة خفض تصعيد، قبل ساعات من سيطرة هيئة تحرير الشام (تضم جبهة النصرة سابقاً) على المدينة، ليتوقف الكلام عنها كمنطقة خفض تصعيد، كانت واحدة من مناطق أربع شملها اتفاق روسي تركي إيراني، في مفاوضات “أستانا” في شهر أيار/مايو الماضي.
ولفت تأكيد على لسان إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس التركي، يتحدث فيه عن وجود تركيا وروسيا في إدلب السورية. وقال المتحدث إن بلاده ستكون “حاضرة بقوة” في إدلب، إلى جانب الروس. على ما نشرته وسائل إعلام تركية في 22 من الجاري. وهو التاريخ الذي سبق بساعات، الإعلان عن سيطرة هيئة تحرير الشام على المحافظة المشمولة باتفاق مناطق خفض التوتر، إدلب.
حمص تقارب ربع سوريا وتحاذي 3 بلدان عربية
وكان وزير الخارجية الروسي، قال في 19 من الجاري، إن هناك إمكانية لإعلان هدنة جديدة في سوريا تشمل حمص والغوطة والشرقية “على الأرجح” على حد تعبيره. إلا أن موسكو أعلنت، بعد 3 أيام، من تصريحه، عن منطقة خفض تصعيد جديدة، تشمل الغوطة الشرقية، فقط، دون محافظة حمص.
وتمثل محافظة حمص، عقدة كاملة لمفاوضات خفض التصعيد في سوريا، أولاً بسبب مساحتها الواسعة التي تقارب ربع مساحة سوريا، وثانياً بسبب وقوعها على حدود ثلاثة بلدان هي العراق والأردن ولبنان، وثالثاً، بسبب توسطها خمس محافظات سورية كبيرة، هي العاصمة دمشق، ودير الزور، والرقة، وحماة، وطرطوس البحرية المتوسطية. ورابعاً، بسبب الوجود الإيراني العسكري المكثف في تلك المحافظة، باعتبارها الطريق الذي يتوسط المساحة الكبيرة ما بين دير الزور المحاذية للعراق، ومنطقة القصير المحاذية للحدود اللبنانية، فضلاً عن محاذاتها لبنان بمناطق أخرى، أيضاً.
وتوسط حمص الأرض السورية، ووقوعها في الطريق ما بين حدود العراق وحدود لبنان، جعل الميليشيات الإيرانية تتوزع في كثير من مناطقها، وتتخذ منها مقراً لقواتها التي تتوزع فيها تبعاً لمنظور إيراني طامع بوصل خط نفوذ طهران إلى العراق ثم سوريا ثم لبنان.
وتتواجد الميليشيات الإيرانية الآن، في بادية تدمر السورية التي هي الرقعة الجغرافية الواسعة التي تصل العراق بالأردن بسوريا، وتخوض معارك في منطقة جبل “الهيل” وجبل “المكحول” وتتقدم باتجاه “جبل الضاحك” الذي تؤدي السيطرة عليه إلى التقدم بوتيرة أسرع وأقوى نحو منطقة “السخنة” المؤدية إلى دير الزور. حيث تبعد “السخنة” عن “الضاحك” قرابة 9 كم.
“سوريا المفيدة” بين الأسد وإيران
إيران وتنظيم “داعش” تعاملا مع حمص، للسبب نفسه، فالأولى تدرك أهميتها الاستراتيجية البالغة لمدّ نفوذها إلى لبنان عبر سوريا من خلال العراق. وتعامل داعش معها بالاستراتيجية ذاتها التي تجعل من سيطرته على باديتها، تأميناً لخط إمداد وتنقّل ما بين العراق وسوريا، فضلاً عن أن باديتها تؤمّن له تدخلاً سريعاً ومفاجئاً في عدة محافظات.
وبعد إبعاد ميليشيات إيران، وعلى رأسها “حزب الله” اللبناني، من منطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا، تحوّلت حركة تلك الميليشيات باتجاه المساحة الواصلة ما بين حمص ولبنان. حيث فُهِمت الحرب التي أعلنتها ميليشيات “حزب الله” اللبناني في جرود عرسال اللبنانية على أنها محاولة لترسيخ نفوذ إيران ما بين لبنان وسوريا واشتمال ذلك النفوذ، سابقاً، على جزء من البرّ الحمصي في منطقة القصير المحاذية للحدود اللبنانية.
وقال المحلل السياسي جورج سمعان، في مقال له حمل عنوان: “عرسال.. تعزّز حصة إيران أم تكمل اتفاق ترمب وبوتين؟” في “الحياة” اللندنية، بتاريخ 24 من الجاري: “مع انتهاء معركة الجرود اللبنانية والسورية، ستعزز إيران وحلفاؤها حضورهم في المنطقة الغربية من سوريا”. معتبراً أن معركة “عرسال” بعد أن تعزّز “سيطرة” نظام الأسد، فإنها ستعزز “سيطرة حليفيه الروسي والإيراني على المنطقة الممتدة من حدود لبنان الشرقية وحتى حلب ويرفع حظوظ طهران في ترسيخ نفوذها في “سورية المفيدة” إلى جانب موسكو”.
ورأى سمعان، أن قراءة أخرى لمعركة عرسال، تجعل من توقيت خوضها مرتبطاً “بتمهيد المسرح لقيام منطقة آمنة أخرى، على غرار منطقة الجنوب، أو توسيع هذه لتشمل شرق العاصمة وريف حمص”.
وميليشيات إيران تنتشر بكثافة فيها
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعلن في 19 من الجاري عن إمكانية الاتفاق على منطقة خفض تصعيد جديدة يمكن أن تشمل الغوطة الشرقية وحمص، ويتم الإعلان عنها منتصف الشهر القادم. إلا أن الإعلان عن الغوطة الشرقية منطقة خفض تصعيد، وبدون حمص، جاء بعد 3 أيام من تصريحه السالف، وفي الوقت الذي أعلنت فيه ميليشيات “حزب الله” معركتها في جرود #عرسال اللبنانية. ما دفع بمحللين سياسيين مختلفين، إلى التأكيد على أن هناك ارتباطاً ما بين معركة “عرسال” وإعلان الغوطة الشرقية منطقة خفض تصعيد.
ميليشيات حزب الله اللبناني تستعرض قوتها في القصير التابعة لحمص
 
وتنتشر الميليشيات التابعة لإيران، من مثل “النجباء” و”الأبدال” و”حيدريون” و”لواء الباقر” و”كتائب الإمام علي” بالإضافة إلى وجود جزئي لجيش النظام، في مناطق “جبل المكحول و”الهيل” و”الصفا” التابعة لبادية تدمر الحمصية والشامية.
وظهر أحد خطباء ما يعرف بـ”مجمّع الرسول الأعظم في اللاذقية” الذي يعتبر بؤرة إيرانية عقائدية خالصة في الساحل السوري، ويدعى الشيخ مرتضى المالكي، في فيديو تم تصويره بتاريخ 17 من الجاري، يعلن فيه أسماء الميليشيات الإيرانية المتواجدة في منطقة جبل وبحيرة “السيس” والذي يقع في قلب البادية الحمصية الشامية ويعتبر قريباً من جبل “الصفا” أيضاً، وكذلك جبل المكحول الأقرب لريف دمشق الشرقي.
حمص هي العقدة
وتتضاعف أهمية حمص، بالنسبة لجميع أطراف الأزمة السورية، بالتوازي مع كل إعلان عن مناطق خفض تصعيد جديدة، هي بالضرورة الجغرافية تحاذي المحافظة مترامية الأبعاد، والتي يحدّها العراق والأردن من جنوبها الشرقي، ولبنان غرباً.
فمن جهة، حمص امتداد طبيعي للمناطق التي تلي منطقة خفض التصعيد الثانية، في غوطة دمشق الشرقية، لأنها تحاذي دمشق وريفها، مباشرة، في خط طول واسع من ريف دمشق ودمشق وصولاً إلى الحدود اللبنانية السورية.
وحمص التي سمّاها ناشطو الثورة السورية بأنها “عاصمة الثورة” نظراً إلى حجم الحراك الشعبي السلمي الكبير الذي اندلع فيها ضد نظام الأسد، ومنذ عام 2011، هي المكان الذي يكشف فيه عن حجم النفوذ الدولي الذي أفضى إلى مناطق خفض تصعيد حولها، إنما لا يشملها بعد، بسبب ما تتضمنه من تحديات تواجه أي طرف، حيث تنتشر فيها إضافة إلى القوات الروسية، ميليشيات إيران، ولا يزال يوجد فيها جيوب لداعش، كما أن النظام يتقدم فيها جنوباً وشرقا. وتبدو مساحتها التي تقارب ربع مساحة سوريا، عصية على آليات المراقبة التي تقترحها روسيا لأي اتفاق بخصوص مناطق خفض التصعيد.
ويرى خبراء، أن دخول حمص في أي اتفاق خفض تصعيد، سيصطدم بمعوقات كثيرة، يقف على رأسها تغلغل إيران على حدودها وفي قلب باديتها الاستراتيجية، خصوصاً إذا ما تعاملت روسيا مع بعض مناطق حمص الحدودية مع لبنان، بصفة خاصة، على أنها “جائزة ترضية” لإيران بعد إبعادها عن جنوب غربي سوريا. حسب تحذيرات أطلقها محللون سياسيون متعددون.
 
العربية
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة