أين سيتكرر السيناريو الفنزويلي؟‏!

الساعة 258 سبتمبر 2018آخر تحديث :
رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو في اجتماع في قصر الرئاسة يوم 13 نوفمبر تشرين الثاني 2014. صورة لرويترز
رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو في اجتماع في قصر الرئاسة يوم 13 نوفمبر تشرين الثاني 2014. صورة لرويترز
  • أزمة تبعات العقوبات الأميركية تعود إلى استراتيجيات البقاء التي اتبعها ‏النظام منذ قيام «الثورة البوليفارية»
  • هل استعدت دول جوار فنزويلا للمهاجرين الفارين كما البرازيل ‏بالهراوات، أم كما استقبلت ميامي الكوبيين؟!

 

بقلم: ظافر محمد العجمي

بعد رحيل الرئيس الفنزويلي أوغو شافيز، بقيت رؤية خلفه نيكولاس مادورو، تدور حول الصورة شبه ‏الكلاسيكية للنظام المعادي لواشنطن والرأسمالية والغرب بشكل عام. مما عرض بلاده لأسوأ أزمة ‏اقتصادية واجتماعية في تاريخها الحديث.

لقد اجتمعت معاول كسر الاقتصاد المعروفة على فنزويلا، كتراجع أسعار ‏النفط، والتضخم، والبطالة، وانهيار العملة، جراء‎ ‎العقوبات الأميركية، مما أوقف التمويل الخارجي ومنع ‏التبادلات الاقتصادية.

كما كان هناك إخفاق في تعريف ما يجري كانعدام أبسط الاحتياجات ببلد غني بالنفط، وتضخم ‏بأرقام لا تصدق، وصلت إلى أن الراتب يشتري بيضتين فقط؛ بالإضافة إلى الخوف من المستقبل، حيث أدت مجتمعة ‏لفرار المواطنين الفنزويليين إلى دول الجوار، كالبرازيل، وتشيلي، وبيرو، والإكوادور، وكولومبيا.

والمصيبة أن ‏دول الجوار لم تفتح ذراعيها لهم لأسباب كثيرة:

  • أولها الأزمات الاقتصادية في هذه البلدان،

  • وآخرها ‏التوصية الأميركية بردهم، ليشكلواً مطرقة تهشم النظام الحاكم، وهذا ما جرى حين انهال حرس الحدود ‏البرازيليون عليهم بالهراوات.‏

‏ ميراث الدولة الثورية لا يزال ثقيلاً في شوارع كاراكاس، والاعتراف بعدم القدرة على تجاوز الأزمة ‏جاء بأشكال متعددة:

  • الشكوى على واشنطن في محكمة العدل الدولية بظلم العقوبات،

  • وطرد ‏وزراء‎ ‎يحملون ملفات التجارة والاقتصاد،

  • والقيام بإجراءات بخصوص العملة،

  • والوعد ‏‎ ‎بإصلاحات غير ‏واقعية وغير قابلة للتطبيق،

  • والتهديد بعقوبات كيدية كإغلاق قناة بنما ومنع مرور السفن،

  • واتباع حرس ‏الحدود البرية والبحرية سياسة غض الطرف، بدل التشدد تجاه عربات أو قوارب اللاجئين، بل وإرشاد ‏اللاجئين للجهات التي يقصدونها.

ففي ذلك فائدة لتحميل الدول المضيفة عبء ‏ما تتعرض له من عقوبات‎.‎‏ ‏فموجات اللاجئين ستصبح سلاحاً جديداً سنراه في الخليج والمحيط الهادي، كما فعل الأسد مع تركيا وأوروبا‏‏.

ويتفق كثير من المحللين أن أزمة تبعات العقوبات الأميركية تعود إلى استراتيجيات البقاء التي اتبعها ‏النظام منذ قيام «الثورة البوليفارية» على يد أوغو شافيز، الذي شيطن واشنطن والغرب، وأراد تصدير ‏مبادئ حكمه لجواره الإقليمي.

وبدد دخل شعبه المرتفع من النفط في مغامرات، بل وكرس دكتاتورية ‏القائد الأعلى عبر المعاملة الوحشية للمواطنين، والفتك بالمعارضة، وتخوين كل من يطالب بالحريات.‏

وليس وصفنا ما يجري في فنزويلا إيحاء معتمداً أريد له أن يصبح استنتاجاً في النهاية، عبر ‏الخلط بين دولتين تشابهت ظروفهما وما تمران به حد التطابق، مما يجعل فرار شعب الثانية حتمياً، كما ‏في الأولى!

بل يتجاوز لسؤال دول الجوار إن كانت مستعدة للمهاجرين الفارين، كما استعدت البرازيل ‏بالهراوات، أم تستقبلهم كما استقبلت ميامي الكوبيين لستة عقود بالأحضان وكما- سبق أن توقعنا- فهم فارون!‏

يقال أن سهل بن مالك الفزاري مرّ بحيّ فسأل عن سيده، فقالت له حسناء هو حارثة الطائي، لكنه غائب، وأنا أخته ‏حياك الله. فنزل فأكرمته، ثم خرجت من الخباء فبهت من جمالها، وأراد أن يقول ما لا يجرحها، فأنشد‎ :‎

يا أخت خير البدو والحضارة كيف ترين في فتى فزارة‏

أصبح يهوى حرة معطارة إياك أعني واسمعي يا جارة

فلما سمعت قوله علمت أنه إياها يعني، فصار قوله «اسمعي يا جاره» مثلاً.

  • د. ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة أمن الخليج.

المصدر: صحيفة «العرب» القطرية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة