أوراق الأردن في مواجهة «صفقة القرن»

محرر الرأي6 مايو 2019آخر تحديث :
أوراق الأردن في مواجهة «صفقة القرن»

أوراق الأردن في مواجهة «صفقة القرن»

  • بدون تعاون الأردن فإن تأمين الحدود معه يستلزم توظيف كل ألوية المشاة في الجيش الصهيوني.
  • تطبيق خطة التصفية المعروفة بـ «صفقة القرن» ستفضي لتداعيات كارثية على الأردن باعتراف الصهاينة أنفسهم.
  • بدون تهديد الكيان الصهيوني بالأوراق القوية التي يملكها الأردن، فإنه لا أمل في أن يرعوي ترامب وفريقه عن مواصلة الابتزاز

****
بقلم | صالح النعامي

في مسعى واضح للتغطية على التداعيات الكارثية للخطة التي أعدتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، زعم جيسون غرينبليت، المبعوث الأمريكي للمنطقة بأن الخطة لا تحمل أي تهديد لاستقرار الأردن، نافيا أن تكون الخطة تقترح تدشين كونفدرالية بين المملكة والجيوب، التي سيتركها الكيان الصهيوني بعد الاستحواذ على أكثر من 60% على الأقل من مساحة الضفة.

والحقيقة أن كل المؤشرات تدلل على أن تطبيق خطة التصفية المعروفة بـ «صفقة القرن» ستفضي إلى تداعيات كارثية على الأردن تحديدا، باعتراف الصهاينة أنفسهم.

فحسب التقديرات الصهيونية، فإن الهدف الرئيس من «الصفقة» هو تمكين الكيان الصهيوني من ضم منطقة «ج» التي تمثل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، وما تضمه من تجمعات استيطانية كبرى ومستوطنات متفرقة.

وحسب التقدير الصهيوني، فإن خطوة الضم ستزيد الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية سوءا، ولا سيما في ظل التقديرات القائلة بأنه بخلاف مزاعم واشنطن، فإن أحدا من الدول العربية لم يبد استعدادا حقيقيا لتمويل الشق الاقتصادي في الخطة.

وحسب هذه التقديرات، فإن تدهور الأوضاع الاقتصادية في الضفة وتهاوي الآمال السياسية للجمهور الفلسطيني سيدفع عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى النزوح إلى الأردن والإقامة فيه.

ويتضح مما تجاهر به بعض قوى اليمين الصهيوني، فإنه سيكون أمام الأردن أحد خيارين، أحلاهما مر؛ فإما الموافقة على فكرة «الكونفدرالية» التي تربط المملكة بالجيوب الفلسطينية في الضفة، وهو ما يعني مباركة أردنية لعملية الضم وتسويغ لها.

أما الخيار الثاني الأكثر تطرفا، فيتمثل في الدفع نحو فكرة الوطن البديل، عبر نسج سياسات تؤدي إلى تكريس الأردن كوطن بديل. وحسب مقال نشره مؤخرا المعلق الصهيوني جاكي حوكي في صحيفة «معاريف»، فإن حكومة نتنياهو القادمة ستضم أحزابا تطالب بأن يتم استهداف استقرار نظام الحكم في الأردن لكي يتم الإعلان عن الدولة الفلسطينية هناك.

من هنا، فإن التحديات التي ستواجه الأردن وقيادته لا تقل خطورة عن تلك التي تواجه الشعب الفلسطيني، حيث إن إدارة ترامب وحكومة اليمين في تل أبيب ستعمدان إلى تقليص هامش المناورة أمام القيادة الأردنية.

من هنا، فإن القيادة الأردنية تحسن صنعا إذا أجادت المناورة في مواجهة التواطؤ الصهيوني الأمريكي. فلدى الأردن الكثير من الأوراق القادرة، في حال توظيفها، على درء مخاطر صفقة القرن عن الأردن على الأقل.

المفارقة أن إسرائيل تعي طابع وخطورة الأوراق الإستراتيجية التي يملكها الأردن، والتي بإمكانها تحويل مخاطر إستراتيجية إلى وجودية، وليس أقلها الحدود الطويلة مع فلسطين.

فرغم ما تروج لها التيارات والأحزاب التي تمثل التيار الديني القومي، فإن إجماعا يسود النخب الإسرائيلية على أن أي تحول على توجهات الأردن كدولة يمكنه أن يستنزف إسرائيل حتى بدون أي جهد حربي.

فحسب الوزير والجنرال الصهيوني إفرايم سنيه فإنه بدون تعاون الأردن فإن تأمين الحدود معه يستلزم توظيف كل ألوية المشاة في الجيش الصهيوني.

ومن أجل التصدي لمخاطر توريطه في صفقة القرن، على الأردن لفت أنظار ترامب إلى ما يمكن أن تخسره إسرائيل في حال كشر عن أنيابه وليس فقط تأمين الحدود، بل أيضا التعاون الأمني وصفقة الغاز، ناهيك عن إحداث تحول على تحالفات الأردن الإقليمية، سيمس بمكانة الكيان الصهيوني بشكل كبير.

بدون تهديد الكيان الصهيوني بالأوراق القوية التي يملكها الأردن، فإنه لا أمل في أن يرعوي ترامب وفريقه عن مواصلة الابتزاز خدمة لهوامش التيار الديني الصهيوني.

* د. صالح النعامي أكاديمي مختص بالشأن الصهوني
المصدر | السبيل الأردنية

موضوعات تهمك:

في الأردن.. فلنكن حجر عثرة

موسم الهجرة من الأردن

الأردن والواقع الجيوسياسي الجديد!

هل الأردن «مُستهدف»؟

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة