“أنور حامد” مشهد فلسطين ما قبل النكبة فقير روائيا

الشاعر ع29 ديسمبر 2018آخر تحديث :
"أنور حامد" مشهد فلسطين ما قبل النكبة فقير روائيا

أنور حامد… مشهد فلسطين ما قبل النكبة فقير روائيا

 

أنور حامد، صحافي وكاتب وروائي فلسطيني يكتب بلغات ثلاث: العربية والمجرية والإنكليزية. نشر ‏أولى رواياته «حجارة الألم» باللغة المجرية في بودابست، وصدرت آخر رواياته «مي وملح» بالعربية ‏2017، وقد أقيم له حفل توقيع الرواية الأخيرة في معرض الكتاب في فلسطين. وصلت روايته «يافا تعد قهوة الصباح» إلى القائمة ‏الطويلة لجائزة البوكر العربية. يعمل في تحرير موقع (‏BBC‏) الإخباري وتحرير وإنتاج المواد ‏الثقافية لموقع وإذاعة وتلفزيون (‏BBC‏) عربي. ‏وهو عضو في رابطة «Bush Writers» وهي مجموعة الكتاب الذين عملوا في ‏(‏BBC‏)‏‎ ‎منذ تأسيسها، ‏ومنهم الطيب صالح وجورج أورويل وآخرون. من مؤلفاته الروائية ..‏ «حجارة الألم» 2004، «شهرزاد تقطف الزعتر في عنبتا» 2008، «جسور وشروخ وطيور لا تحلق» 2010، «يافا تعد قهوة الصباح» 2012، «جنين ـ 2002» 2013، «والتيه والزيتون» 2016، و«مي وملح» 2017. التقته «القدس العربي» في لندن وكان هذه الحوار ..

حوار اجراة : صادق الطائى :

ما يميز مشروعك الإبداعي هو التعاطي المختلف مع ما يمكن أن نسميه قضايا الإنسان الفلسطيني، صف لنا وجهة نظرك حول الموضوع؟
– أسلوبي في الكتابة الروائية هو محاولة للفكاك من هيمنة «السياسي» بمفهومه المباشر على اللوحة الروائية الفلسطينية، بما يعطي انطباعا للقارئ أن الفلسطيني هو كائن غريب لا يمارس حياة طبيعية ثرية بتناقضاتها وصراعاتها الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، بل يتجسد فقط ضمن صراعه السياسي المباشر مع المحتل. مشروعي الروائي هو محاولة للفكاك من هذا العسف الجمالي.

– تناولت في أعمالك قضايا إشكالية بدون خطابة ‏أو انفعالات، فروايتك «مي وملح» تناولت معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ومعاناة عائلاتهم، كيف تم تقديمك لهذه القضية؟

أنتهج الخط الجمالي نفسه منذ روايتي الأولى «حجارة الألم» وحتى الثامنة التي أعمل عليها حاليا وتحمل عنوان «شجن»: أبتعد بصوتي السردي عن الزعيق والانفعال، أترك الشخصيات تتحرك بحرية وضمن شروط الحدث والدراما، لا أقحم عليها مسارا تحكمه رؤية مسبقة. أستطيع أن أقول إن مسيرتي السردية هي محاولة لتطوير الرؤية الجمالية نفسها التي انطلقت بها: شخصياتي حرة، يحكم حركتها تطورها السردي ومسار الحكاية العفوي لا الفكرة المسبقة للمؤلف.

– روايتك الأولى «حجارة الألم» صدرت في بودابست باللغة المجرية – ترجمت لاحقا إلى العربية- هل لذلك تأثير على طبيعة كتابــــتك عندما تحولت لاحقا للكتابة بالعربية؟
– أظن أن التأثير كان حاسما: بعض القراء والنقاد العرب، خاصة الفلسطينيــين يقولون إن صوتي السردي بارد حتى حين تعــــالج رواياتي موضوعا ساخنا. هذا منطلق من رؤيتي القائمة على حياد المؤلف، وعدم تفاعله بأي شكل مع مسار الحكاية، هو يمهد الطريق أمام حركة الشخصيات فقط. أنا تأثرت بنظريات جمالية متباينة، غربية واشتراكية، من تي. إس. إليوت، آي إي ريتشارد، إلى جورج لوكاتش وكريستوفر كودويل.

 

تناولت في أعمالك فلسطين قبل نكبة 1948 وتحديدا في روايتك الشهيرة «يافا تعد قهوة الصباح» التي ‏تدور أحداثها في يافا الأربعينيات، هل ما تزال في برنامجك الإبداعي أعمال ‏جديدة تتناول فيها حياة الفلسطينيين قبل 1948؟

أعتقد أن مشهد فلسطين ما قبل النكبة فقير روائيا، فمعظم المبدعين انشغلوا بموضوع النكبة وما بعدها، مما يهدد بفقدان ملامح المجتمع الفلسطيني قبل عام 1948، وهذا يصب في صالح السردية المضادة التي تقوم على نفي الوجود الفلسطيني قبل عام 1948. لا بد من التأريخ سرديا للمجتمع ذي الملامح المتفردة التي قد نكون فقدناها إلى الأبد، فالفلسطينيون الذين غادروا فلسطين عام 1948 بفعل الاحتلال الإسرائيلي اختلطت ملامحهم بملامح المجتمعات العربية التي استضافتهم، والذين بقوا في مدنهم وقراهم تأثرت ملامحهم وحتى لغتهم بالإسرائيلي.

 

وصلت «يافا تعد قهوة الصباح» للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية. كيف تقيم الجوائز الادبية ومدى تأثيرها على المشهد الإبداعي العربي؟
– الجوائز الأدبية لها وجهان، فمع سعادتي بوصول روايتي «يافا تعد قهوة الصباح» إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، إلا أن تأثير ذلك لم يكن إيجابيا خالصا. البوكر تسلط الأضواء على الروايات التي تصل إلى قوائمها الطويلة والقصيرة، لكن الأضواء لا تصل إلى أعمال أدبية قد لا تكون دون الفائزة جودة، وتبقى في الظل لأن القراء يلهثون وراء روايات الجوائز، لذلك فقد توقفت عن ترشيح رواياتي للتنافس على البوكر أو أي جائزة أدبية أخرى. أريد أن يصل إليها القراء عبر اهتمامهم الشخصي لا لأن أضواء جائزة أدبية سلطت عليها.

في «والتيه والزيتون» اشتغلت على موضوعك الاثير، أزمة الهوية التي أطرتها في ثنائيات مثل: الفلسطيني والإسرائيلي، الضفاوي وفلسطيني الداخل، كيف ترى ذلك؟
-أنا مهتم جدا بملامح المجتمع الفلسطيني في الداخل، أعني الذين يحملون الهوية الإسرائيلية، فهي مادة خصبة للروائي بسبب تعقيدها، وهي تحتاج إلى إضاءة على كل المستويات. بالنسبة لي الرواية هي لعبتي لذلك أجد من الضروري أن أستضيف شخصيات من هذه الفئة من المجتمع الفلسطيني في فضائها، محاولة تسليط الأضواء عليها، وإضاءة البقاع المظلمة الكثيرة. الفلسطينيون لم يتعاملوا مع تعقيدات حياة هذه الفئة من الشعب الفلسطيني، واكتفوا بالتنميط والتعامل مع قضايا سياسية مباشرة بشكل سطحي. حياة هذه الفئة من الشعب الفلسطيني هي كنز روائي وفلسفي وسوسيولوجي والاهتمام الحالي بها دون المستوى الضروري بكثير. لي الكثير من الأصدقاء في أوساط فلسطينيي الداخل وأزور مدن وبلدات الداخل كل سنة، أحاول أن أفهم مسار تطور ثقافتهم الاجتماعية، مأزق الانتماء وتعقيدات الهوية، وتصوير ذلك في رواياتي.

وماذا عن اللهجة المحكية الفلسطينية في أعمالك؟
– أنا شاهد على اندثار اللغة المحكية، اللهجة العامية القــروية في فلسطين مثلا تضيع وسط طغيان لهجة المدن الكبرى، وهذا شيء مؤسف وحزين. أحاول أن ألتقطها لأساهم في إحيائها. فضلا عن ذلك فأنا استخدم اللهجة العامية كأداة إضافية لرسم ملامح شخصياتي وإضفاء الحيوية عليها عبر حوار عفوي طبيعي غير متكلف.

– تناولت موضوع المرأة بطريقة يمكن وصفها بأنها غير مألوفة في المشهد السردي العربي عموما والفلسطيني خصوصا. ماذا عن هذه الرؤية؟
– أحـــاول الابتعاد عن النمطية والتسطيح في التعامل مع كافة شخصياتي، ذكورا وإناثا، وهذا يثير تساؤلات لدى القـــراء والنقاد، بعض المسلكيات تصدمهم في نمطيتهم ومسلمـــاتهم: امرأة محجبة تشرب الكحول، فتاة نشأت في بيـــئة تقليدية وانشغالها بالجنس، إقطاعي يقمع نساء عائلته ويفاجئ القارئ بموقف سياسي وطني. ما يفاجئ القارئ هو أن توقعاته قائمة في العادة على صورة نمطية وملامح مكرسة وقائمة على توقعات المجتمع، بينما أحاول إضاءة البقاع التي يحب الفرد العادي أن لا يكشفها أو أن تعرى أمامه.

المصدر:القدس العربى

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة