عن طارق رمضان.. من يقف وراء قضيته؟

محمود زين الدين8 ديسمبر 2018آخر تحديث :
عن طارق رمضان.. من يقف وراء قضيته؟

عن طارق رمضان.. من يقف وراء قضيته؟

  • في الغرب لا قضية تجلب المتاعب كالاشتباك مع اللوبيات الصهيونية ودعم القضية الفلسطينية، أو إدانة جرائم إسرائيل.
  • يعنينا في قضية طارق رمضان الخلفية التي تقف وراء الضجة المثارة ضده وظهور هذه القضايا ضده دفعة واحدة.

 

بقلم: ياسر الزعاترة

أعترف أنني لم أقرأ، ولم أستمع لطارق رمضان في يوم من الأيام، رغم شهرته بين مسلمي الغرب، ولم يحدث أن التقيت به في أي مكان، ولولا القضية الأخيرة المثارة ضده، لما فكّرت في كتابة هذه السطور عنه.

كتبت هذه السطور قبل جلسة المحاكمة الأخيرة، التي مالت الكفة خلالها لصالحه، بينما تهاوت حجج الطرف الآخر، وتحدث خلالها هو شخصياً على نحو بليغ أبهر القضاة، نافياً التهم الموجّهة إليه.

للقضية مقاربات عديدة يمكن التوقف عندها، أكانت سياسية أم أخلاقية أم نفسية، فيما يتعلق بموقف الناس من الدعاة الذين يحظون بالشهرة، ومن ثم خيبتهم بعد سقوط ما، إن كان سياسياً أم أخلاقياً.

وقد توقفنا سابقاً عند البعد الأخير تحديداً، مشيرين إلى أنه في مقابل بعض الدعاة الذين يتساقطون هنا وهناك، ثمة أضعاف أضعافهم من الدعاة الآخرين الذين تزدحم بهم السجون، ولا يزالون قابضين على جمر الحق والفضيلة، ويدفعون الثمن مقابل ذلك.

وقلنا إن مساعي البعض لضرب صورة العلماء والدعاة، هي في شقّ منها مقصودة لضرب ظاهرة التدين برمّتها، ولا ننسى أن هناك جهات قد تخصصت في استدراج الدعاة والعاملين لقضايا الإسلام من أجل تغيير مواقفهم بطرائق شتى، فضلاً عن استدراجهم من أجل تشويههم.

ما يعنينا في قضية طارق رمضان هو سؤال الخلفية التي تقف وراء هذه الضجة المثارة ضد الرجل، وظهور هذه القضايا دفعة واحدة وبلا مقدمات.

وهنا نتحدث عن البعد الخاص المتعلق بما وراء القضايا التي اتهم بها، وليس في الاستغلال السخيف لها من قبل بعض الأوساط التي تطارد «الإخوان»، كعنوان لمطاردة كل مفردات «الإسلام السياسي» بعد تصدره لربيع العرب.

وهو الاستغلال الذي يتبدى في عدم ذكر اسم الرجل إلا مقروناً بكونه «حفيد حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان»، وكأن الأخير مسؤول عن سلوك أحفاده إلى يوم الدين.

في السياق الخاص بالقضية، فإن ما رأيته بلغة التحليل هو أن الرجل قد تعرّض لعملية استدراج مقصودة، سواء تورط بالفعل في إشكالات ما، أم أن القضايا كلها كانت مرتبة، ولم يكن ثمة تورط أخلاقي كامل أو شبه كامل، وهو ما بات مرجّحاً بعد الجلسة الأخيرة للمحاكمة.

سيقول البعض، إنه ومحاميه قد اعترفا بوجود تلك السقطات، والرد على ذلك أن الأمر ربما تم بحكم الاضطرار، وذلك بسبب لعبة الصفقات في نظام التقاضي الغربي، وحيث يكون المتهم أمام خيارين أحلاهما مر:

فإما التضحية بسمعته والاعتراف مقابل تخفيف الأحكام عبر صفقات مع المحاكم، ومع الجهات التي تتهم، وإما المضي في القضية نحو مسار يكون احتمال البراءة فيه محدوداً، تبعاً لحبك القضية أو القضايا بطريقة محكمة.

ما يعنينا هو سؤال: «لماذا يتم استدراج شخصية مثل طارق رمضان؟»، والجواب واضح لمن يعرف السياق العام لنشاط الرجل، إن السبب الحقيقي يتمثل في دخوله إلى «عشّ الدبابير» في الساحة الفرنسية، أعني اللوبي الصهيوني الذي يعرف المعنيون أنه الأقوى تأثيراً في العالم بعد الولايات المتحدة «حدثت قصص مشابهة في العالم العربي ضد معارضين لا مجال للخوض فيها هنا».

طارق رمضان اشتبك مع اللوبي المذكور، فكان طبيعياً أن يفكر في معاقبته بأساليب شتى، وفي أميركا والغرب عموماً، ليس ثمة من قضية تجلب المتاعب – وربما المصاعب- للنخب السياسية والثقافية والفنية مثل الاشتباك مع اللوبيات الصهيونية، وبالطبع عبر دعم القضية الفلسطينية، أو إدانة الجرائم الإسرائيلية، لأن تلك اللوبيات ليست سوى سياج حماية للكيان في الأوساط الغربية.

لو كان طارق رمضان يبحث عن النساء، فإن الأمر لا يستدعي التورط على هذا النحو، وهو ابن الغرب، ويعرف كيف يصل إلى هذا المبتغى بدون إشكالات تُذكر، من دون أن يعني ذلك الجزم الكامل بشيء على هذا الصعيد.

لكن ما أميل إليه هو ما ذكرت آنفاً، هنا قد يقول البعض، إن بوسعه أن يقول ذلك، ويتهم تلك الجهات باستهدافه، وهنا تنهض أبعاد شخصية، وتقدير للموقف عنوانه القدرة على احتمال ثمن مواجهة من هذا النوع.

وهو ثمن قد يكون كبيراً، ونكرر أن هذا التقدير حول ما وراء القضية لا علاقة له بسؤال تورط الرجل الأخلاقي الذي عكست الجلسة الأخيرة قدراً معتبراً من نفيه.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني

المصدر: العرب – الدوحة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة