حينما أصبح صديقي علماني !

محمد جابر9 نوفمبر 2018آخر تحديث :
حينما أصبح صديقي علماني

كنت أنظر للعلمانية على أنها فكر مرتبط بالحياة اليومية الدنيوية وليس الدينية،ولم أقتنع أنها ضد الدين وتعاليم الدين، كوني أؤمن بالتجارب التطبيقية وليس بالمسائل النظرية، لأن العلوم الفكرية حينما تحمل الخيال تنحرف عن مسارها المنشود،لغاية عودة صديقي من لندن بعد سنوات قضاها هناك.

مررت  من أجل أخذه معي لصلاة الجمعة،ليفاجئني قائلا:

_  لا أريد سماع هراء الكاهنة يا جمال.

ظاهريا أظهرت له حرية كلماته، لكن باطنيا شعرت وأنها إهانة لا يجب السكوت عنها،رغم أنني كنت مشوش الفكر شارد الذهن إلا أن الله أكرمني بالتركيز في خطبة الجمعة،حينما صحا الإمام مخاطبا في الناس،أيها المؤمنين ابتعدوا عن من لا يحترم الدين ولا يقدره ولا يقدر علمائه وأئمته احذروا من الملحدين الكافرة.

وضعني الإمام بين هجرة صديقي الذي لم أراه مند سنين،وبين أن أنصر ديني، كيف لا وصديقي ينعت الأئمة بالكهنة،كبرنا ونحن نراهم قدوة وأطباء الدين ، فأكيد لن تكون هناك فترة من حياتنا نتخلى فيها عن تعاليمهم،فقط إن أعلنا تمردنا عليهم بإلحادنا كليا بالإسلام.

رغم أنني قرأت كتاب وهم الإله لريتشارد دوكن أكثر من 10 مرات،ولم أسجل أفكار بل سجلت خرافات،ولا أعلم لما يلحدون البشر في هذا الكون،ولما يصدقون أن الكون جاء صدفة، لم اقتنع بالإلحاد لا فكرا ولا شكلا ولا مضمونا ، رغم أن قرأت لملحدين مشهورين في العالم بنية علمية وليس عاطفة دينية .

وهل هناك  حجم ما يتكون بدون المكون؟

فهل الطائرة تتكون وحدها؟

وهل انفجرت مطبعة  وتفرقت الحروف وصنعت كتاب ضخم صدفة؟

ومع هذا أنا أقدم احترامي الخالص لهؤلاء الملحدين  كونهم يطالبون بإقناعهم عن طريق العقل وليس الدين،طلبهم غريب لكنه يبقى من حريتهم الفردية،مع أن قانون العلية يقرب فكرة الخالق  لهؤلاء الفيزيائيون، ويكفيهم تصريح دافيد هيوم الذي اعترف بهذا القانون رغم أن تصريحه يحوم حولها مغالطات علمية كثيرة.

لأنه أمر طبيعي أن نطبق قانون الذي يقول أن العلاقة بين الحدث يسمى السبب والأخر يسمى الأثر،بحيث يكون الحدث الثاني نتيجة للأول،مع أن لكل علة معلول ولكل معلول علة.

وكما يقول دكتور خالد كبير علال في كتابه نقد العقل الملحد:

_ الإنسان  هو صانع السيارة  ويستطيع أن يصنعها متى أراد ، لكن السيارة المعلولة لا يمكن أن تكون علة بنفسها فتصنع نفسها، ولا أن  تصنع إنسانا فتكون هي علة  وجوده،فتبقى تابعة  للإنسان  الذي صنعها فهو العلة .

ومع هذا  الإمام بدأ يقدم رحمة الإسلام قبل تطبيق تعاليم الإسلام،فقال:

_  أيها المؤمنين إن الإسلام جاء للكون كله  رحمة للعالمين،لهذا كونوا من القوم الناصحين لهؤلاء العلمانيين،الذين يعتقدون أن الدين لا يجب أن يسير في الحياة  اليومية لأنهم في جهل عظيم ، يحاولون أن يجعلوا للرذيلة قانون .

هنا أرتاح قلبي بعد أن أعطني الإمام دور الناصح في القضية، بعد أن كنت اقترب من أخد دور الداعشي فيها.

لما انتهت الصلاة اقترب مني أحد الدكاترة في علم الاجتماع.

_ يا جمال الإمام بدأ يخرف يا صديقي العلمانيين يواكبون العصر والإسلام يعطل فكرهم.

فقالت له:

_  ألم يقال الله سبحانه تعالى  في سورة الزمر في الآية التاسعة، قل هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون.

فنظر إلي نظرة أوربي خائف من إرهابي متشدد يريد تفجيره.

_ ما هذا الفكر المتعصب يا صديقي حاول أن تهدئ .

_ أنا هادئ لأن قرأني الذي أؤمن به يوضح أن الإسلام لا يعرقل العلم الذي تريدونه،اصنعوا من الجزائر نمسا أوروبا أو سويسرا وأؤكد لك أن الإسلام سيقوم بتشجيعكم  لا نحركم .

عدت إلى صديقي وبدأت أشرح له أن الإسلام لا يعرقل التطور مثل المسيحية واليهودية كون أن الأديان الأخرى عقيدة روحانية فقط، لكن الإسلام نظام حياة ، فرد وكأنه رأى عجوز في التسعين يخرف.

_ هذا كلام كلاسيكي تعودنا عليه منكم دائما.

لنفترض أنه كلام كلاسيكي  قديم يا صديقي، السؤال لما تصرون على فصل الدين على الدولة،وهل المساجد مثل الكنائس حتى تطبقون  دلائل قديمة قادمة من عصر الجهل في أوروبا حينما ثم فصل الكنيسة عن الملك، لقد نجح باروخ سبينوزا وأمثاله في فرض العلمانية لأن الإنجيل كان محرف، حتى ولو لم يكن محرف  فجرائم الكنسية كانت كفيلة أن ينقلب عليها الناس لأنها كانت في  وضعية قوة وسلطة وجبروت.

ألم تسلم الكنيسة الكاثوليكية  لقب  القديسة، الأم تيريسا لسيدة تدعى أنجيري بوجاكسو عام 2003 ،فصدقها الناس مع أنها مشروع لتلميع صورة الفاتيكان ،وألم تسرق نفس هذه السيدة أموال طائلة هي والدكتور جون كلود دوفاليير من الفقراء.

أخبرني ألم تتحد نفس الكنيسة مع المتشددين الإرهاب  لوقف قرارات الأمم المتحدة ليغادر الحياة بسبب هذا الأمر أكثر من  257 شخص.

حسنا ألم يبارك رئيس الأساقفة الكاثوليك ألويسيوس ستيبانيك، الدكتاتور أنتي بافيليك، الذي قتل أكثر من 800 ألف شخص من الصرب،وقد أعدد له وليمة وأطلق عليه يد الرب .

يا صديقي إن اختلاط الأديان بالسياسة أنتج جرائم لا تغتفر ، وهذا ليس مبرر أن نطبقه على الإسلام في القرن الحديث ، كون أن أئمته لا يتدخلون في شؤون الحكومة ، فهم مجرد موظفين تابعين لوزارة الشؤون الدينية  حتى أنهم شكلوا نقابة لدفاع عن حقوقهم.

هل أبدا لك في إحصاء جرائم حاخامات اليهودية ضد البشرية ، أو بالأحرى ضد المسيحيين فقط ، بعد أن أصدروا تعاليم في التلمود الجديد لهم ، قتل المسيحي من الأمور الواجب تنفيذها،اقتل الصالح من غير اليهود،قتل النصارى من الأفعال التي يكافئ الله عليها.

ولن أخيفك برقم الذي وصلوا بجرائمهم المتكررة ضد الإنسانية، بغض النظر عن جرائم الذي ارتكبتها الدولة العثمانية ، فإن كل روح سقطت في الإسلام كانت بسبب السياسة ، وليس بسبب إقناع الناس بتعاليم محرفة ، وهل تنكر يا صديقي أن القرآن لم تستطيع لا الإمبراطورية الرومانية، ولا مملكة الفرس ولا المغول ولا المستعمرات البريطانية أو الفرنسية  أن يقوموا بتحريفه أو القضاء عليه ، مازالت الإحصائيات تؤكد أن الإسلام ينتشر في أوروبا وأمريكا وكل مناطق العال.

_ فلماذا أصبحت علماني يا صديقي ؟

رد على سؤال بك ثقة وكأنه متأكد أن العلمانية هي حقيقة الكون الحالية .

_  يا صديقي هل يحاسبنا الله بشكل فردي أم جماعي.

قلت

_  البداية تكون فردية سرية  وبعدها تصبح علنية جهرية والله أعلم

فقال

_  يا صديقي أنا حر في كلامي وقناعتي وأنا المسؤول عن أفعالي أمام الله ، فمن واجبك يا صديقي أن تدعو للناس بالهداية لا أن تفرض عليهم الهداية ، لأنها  إرشاد إلهي يمنحه الرب ولم تكن سبب فيه مهما صنعت

اقرأ ايضاً : مواطنون ضد الطائفية

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة