جنوب الفلبين بين مطرقة الحكومة وسندان «داعش»

أحمد شيخون7 أغسطس 2018آخر تحديث :
جنوب الفلبين

أزمة مسلمو الفلبين هي واحدة من أكثر قضايا الأقليات الإسلامية في العالم شدًا للانتباه، حيث تجمعت عوامل عدة، واتحدت مع بعضها من أجل نسج خيوط المأساة التي يعيشها المسلمون في جنوب الفلبين خاصة وتحديدًا منطقة «ماراوي» بعد أن ذاقوا ويلات الاضطهاد والتنكيل إبان الحكم الأسباني، وخلال حكم الرئيس الفلبيني المخلوع فرديناند ماركوس.

وقد رسمت الظروف المحيطة لمسلمي الفلبين تعقيدات غير مألوفة في واقعهم السياسي، فرغم بلوغ أعداد مسلمي الفلبين إلى 150 مليون نسمة حسب التقديرات النهائية، إلَّا أنهم يعانون مثل غيرهم من الأقليات الإسلامية حول العالم من ضياع لحقوقهم وإهدار لآدميتهم وصولًا إلى التنكيل بهم وتخريب منشئاتهم وجامعاتهم ومدارسهم، والعمل على تشتيتهم تارة، وإبعادهم عن البلاد قسريًا تارة أخرى.

وتعد منطقة «مراوي» جنوب الفلبين نموذجًا صارخًا لهذا الأسلوب الوحشي الذي يُمارس عليها من السلطات الفلبينية، ومن الدواعش أيضًا، ومن قبلهم الأمريكان الذي وقفوا على أسوار «مراوي»؛ لحماية الفلبين ومساعدتها لمواجهة المد الشيوعي في جنوب شرق آسيا في البداية، ثُمّ ما لبثوا أن أغمضوا أعينهم عن اضطهاد مُسلمي الفلبين.

وكان من نتيجة التجاهل الحكومي لحقوق مُسلمي الفلبين ظهور جماعات مُسلحة تطالب بالاستقلال عن العاصمة الفلبينية «مانيلا»، فظهرت جماعة «المورو» التي شكلت حركة سياسية سمت نفسها بـ «جبهة تحرير مورو».

مجموعة «ماوتي» ذهبت هي الأخرى للإنشقاق عن جبهة «مورو الإسلامية للتحرير» بعد معارضتهم لمفاوضات السلام بين «مورو» والحكومة من أجل الاستقلال، لنرى أنفسنا أمام مشهد يُدخل جنوب الفلبين ذات الأغلبية المسلمة إلى منطقة ورؤية «داعش» التي حذرت جبهة «مورو» في مارس 2017م من سعي «داعش» للتواجد فيها، بعد الاضطرابات التي عمت الجنوب، عقب فشل عملية السلام بين الحكومة والجبهة مما أدى إلى استغلال مشاعر الإحباط عند الناس وفتح الطريق أمام «داعش».

وأدى التخاذل الحكومي الفلبيني ورغبته في تَميُّع مسألة الانفصال إلى مبايعة مجموعتا «ماوتي» و«أبوسياف» لتنظيم الدولة الإسلامية، ليضع الأخير أينيلون هابيلون «51 عامًا» قائدًا لمجموعة «أبو سياف» على رأس فرعه في الفلبين، لتدور المعارك الضارية بين القوات الحكومية من ناحية، وتنظيم «داعش» من ناحية أخرى، وترفرف بعد المعركة الأعلامُ السوداء للتنظيم في مختلف أنحاء المدينة، معلنين أن «ماراوي» أصبحت تحت سيطرتهم، واستخدموا مكبرات صوت؛ لحث السكان على الانضمام إليهم.

والغريب في الأمر أن تنظيم «داعش» استطاع الاحتفاظ بــ «ماراوي» لأكثر من ثلاثة أشهر رغم الهجمات الكثيفة، والجرعات الثقيلة من قوة نيران القوات الحكومية التي كانت مُدعمة بنخبة من قوات العمليات الخاصة المدربة أمريكيًا، وهو ما يشير بأصابع الاتهام إلى وجود تواطؤ أمريكي؛ لتدمير «ماراوي» المسلمة وتخريبها؛ لتصبح هذه المنطقة أرضًا خصبة للتجنيد والتمويل وانتشار الدعاية التي تستلهم «داعش» أو تدعم التنظيم وأجندته العنيفة بشكل مباشر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة